النظام يقاتل في القصير وعينه على «جنيف 2»

خبراء: الأسد شن هجوما معاكسا استبق ضربة أميركية محتملة

TT

يربط عدد من الخبراء العسكريين والباحثين الاستراتيجيين بين التصعيد العسكري الذي تشهده مناطق سوريا عدة، تحديدا في القصير ومحيط العاصمة دمشق، وبين المؤتمر الدولي المزمع عقده في جنيف. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر، بين من يرى في هذا التصعيد افتعالا من قبل نظام الرئيس بشار الأسد، مدعوما بحليفه اللبناني حزب الله، وبين من يعتبره تقدما ميدانيا للقوات النظامية واقترابا من الحسم، يجمع الطرفان على أن نظام الأسد يسعى لتحسين شروطه قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات في جنيف 2.

ويرى الخبير العسكري العميد المتقاعد أمين حطيط أن «النظام السوري يشهد مرحلة مميزة، عسكريا وميدانيا، عنوانها العريض قيام الجيش السوري بما يسميه عملية تطهير وتنظيف واستعادة السيطرة». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه العملية بدأت «مع إطلاق الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل شهرين خطة إسقاط دمشق وتطويق سوريا من الجهات الأربع»، لافتا إلى أن «حلفاء الأسد»، في إشارة لمقاتلي حزب الله وإيران، قدموا «إمكاناتهم لتنفيذ هجوم معاكس».

حديث «الهجوم المعاكس» يؤيده الخبير في القانون الدولي والأستاذ الجامعي سامي نادر بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه من المؤكد أن «ثمة طحشة (تقدما) على الأقل من الفريق المتحالف مع نظام الأسد، في مسعى لتعزيز مواقعه العسكرية كمقدمة لتعزيز موقعه التفاوضي».

ويختصر حطيط السيطرة النظامية ميدانيا بإشارته إلى 3 إنجازات حققها الهجوم النظامي المعاكس، أولها تمكنه «من رسم شريط يمتد على مسافة 630 كيلومترا، يبدأ من الأردن جنوبا أي من درعا صعودا إلى دمشق مرورا بحمص ثم ينحني إلى الغرب عند الساحل في طرطوس وبانياس، وصولا إلى الحدود التركية». ويقول إن «هذه المنطقة باتت بنسبة 95 في المائة تحت سيطرة الجيش السوري، وإن كان لا يزال فيها بعض الجيوب التي يتم العمل عليها في محيط درعا وحمص ودمشق».

هذا الإنجاز أدى وفق حطيط إلى الإنجاز الثاني المتمثل في تعطيل دور الأردن ولبنان في الأزمة السورية، وهو ما أدى بالتالي إلى الإنجاز الثالث وهو دفع المسلحين في خط انحداري بالتنسيق بين دمشق وبغداد.

وفي هذا السياق، يعتبر نادر أن «اندفاعة نظام الأسد مدعوما بالمحور الإيراني هدفها الحسم التام لمعركة القصير، خصوصا أن محور القصير - حمص هو بمثابة شرط وجودي للنظام من الأجل الانتقال إلى الخطة (ب) أو خيار تقسيم سوريا».

في موازاة ذلك، يشير نادر إلى أن «الموقف الغربي، الداعم للمعارضة السورية نظريا، لا يزال غير واضح»، متسائلا: «هل ثمة إرادة أميركية لإعطاء فرصة لتسوية سلمية في سوريا بسبب عدم استعدادهم للمضي في الخيار العسكري وتسليح المعارضة؟» في المقابل، يوضح حطيط أن «سياسة الولايات المتحدة التقليدية تقوم على مبدأ الاستباق والمراهنة على حصانين في آن معا، فهي من جهة تسعى للحل السلمي في سوريا من خلال عقد مؤتمر جنيف 2، ومن جهة ثانية تراهن على العمل العسكري عبر مثلث دول إقليمية مدعوم من فرنسا، على أن تتبنى في المحصلة الحصان الذي يحقق مصالحها».

ويتباين موقف كل من حطيط ونادر من مسألة رفع الحظر الأوروبي وتوريد السلاح للمعارض. ويرى حطيط أنه «على الرغم من صدور قرار رفع الاتحاد الأوروبي الحظر نظريا، لكن القرار محصور عمليا بفرنسا وبريطانيا ولن يتعداهما». وفي حين يشير حطيط إلى أن «رفع الحظر يشكل نوعا من الورقة التفاوضية للضغط قبل المؤتمر الدولي، وبالتالي فإن قيمته معنوية لا ميدانية»، يسهب نادر في تفسير حالة اللاتوازن القائمة حاليا بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية. ويقول إن «تصعيد الدول الداعمة للمعارضة لا يعدو كونه كلاميا أكثر مما هو عمليا»، مذكرا في الوقت عينه بأن «استفادة المعارضة من مقررات الاتحاد الأوروبي برفع الحظر، إذا تمت، لن تتبلور عمليا قبل الأول من شهر أغسطس (آب) المقبل، أي بعد انتهاء مؤتمر جنيف 2».

ختاما، لا يفوت نادر الإشارة إلى تحميل المجتمع الدولي مسؤولية تشتت المعارضة وانقسامها بقوله: «صحيح أن وضع المعارضة السورية معيب بحق الثورة وهي لم ترتق بعد إلى حجم تضحيات شعبها، لكن في المقابل على المجتمع الدولي أن يرتقي بدوره ويقرر خياره بشأن سوريا»، معربا عن اعتقاده بأن «هذا الانقسام ليس حقيقة إلا انعكاسا بنسبة كبيرة، للانقسام الحاصل في المجموعة الداعمة للائتلاف».