طوارق شمال مالي يرسلون وفدا موحدا للتفاوض مع الحكومة في واغادوغو

جيش باماكو يتحرك من مدينة غاو نحو كيدال

TT

بعد يومين من محادثات جمعت كلا من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، توصل الطرفان إلى توقيع اتفاق يوحدان بموجبه رؤيتهما للأزمة الأزوادية، ويرسلان وفدا مشتركا إلى المباحثات مع الحكومة المالية، التي ستجري الأيام المقبلة في واغادوغو، برعاية من رئيس بوركينافاسو، بليز كومباوري، الوسيط الأفريقي في الأزمة المالية.

ويأتي هذا الاتفاق بين أهم فصيلين من طوارق شمال مالي، والذي أعلن عنه أمس في واغادوغو، في وقت بدأ فيه الجيش المالي التحرك من مدينة غاو، كبرى مدن شمال البلاد، باتجاه مدينة كيدال، التي يسيطر عليها الطوارق ويرفضون دخول الإدارة والجيش الماليين إليها.

وقال كبير الدبلوماسية في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، موسى أغ السغيد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من واغادوغو، إنه «بموجب الاتفاق بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، طرحنا مشروع اتفاق تضمن شروطا وبعض البنود التي من المنتظر أن تناقش خلال الأيام المقبلة في واغادوغو».

وأضاف أغ السغيد أن الاتفاق «يمثل خطوة مهمة في سبيل إنهاء أزمة أزواد، حيث ينهي حالة التشرذم التي عاشها الطوارق»، مشيرا إلى أن هنالك «مشروع اتفاق وحيد، وخارطة سياسية وحيدة، ولجنة مفاوضات وحيدة»، وهي اللجنة التي تتكون من 33 عضوا، 23 من الحركة الوطنية، و10 من المجلس الأعلى، يقودهم العباس أغ إنتالا، الذي سبق أن قاد وفد جماعة أنصار الدين في المفاوضات التي سبقت التدخل الفرنسي في شمال مالي.

يشار إلى أن الحركة الوطنية لتحرير أزواد تأسست نهاية عام 2011، وكانت هي أول من أطلق شرارة التمرد في أزواد مطلع 2012، ورفعت حينها مطالب بالاستقلال وإقامة دولة مدنية ذات طابع علماني، فيما تأسس المجلس الأعلى لوحدة أزواد في مايو (أيار) الماضي، وانضم إليه قادة الحركة الإسلامية الأزوادية، المنشقة من جماعة أنصار الدين التي كانت تسعى لتأسيس إمارة إسلامية في أزواد.

الاتفاق الجديد بين الحركة الوطنية والمجلس الأعلى، تضمن سعي الطوارق بمختلف فصائلهم إلى وضع خطة سياسية موحدة، سلموها للرئيس البوركينابي، في رسالة مفصلة اشترطت قيام باماكو بخطوات جدية قبل الشروع في أي مفاوضات، على غرار إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في سجونها من عناصر الحركة الوطنية لتحرير أزواد؛ إضافة إلى سحب كافة قوات الأمن والجيش المالي من شمال البلاد، ووقف عمليات النهب والتصفية التي قالت الحركتان إن الأمن المالي متورط فيها، فيما تعهدتا بتوحيد جهودهما لتأمين المنطقة ومكافحة مهربي المخدرات في شمال مالي.

وتضمنت الشروط التي وضعها الطوارق ضرورة اعتراف الحكومة المالية بأن إقليم أزواد لا يزال «منطقة صراع»، والاعتراف بحق الشعب الأزوادي في تقرير المصير.

أما في ما يتعلق بالانتخابات فقد قبلت الحركة الوطنية والمجلس الأعلى، بتنظيم الانتخابات الرئاسية في مناطق سيطرتهما، شريطة أن ينسحب الجيش المالي من الإقليم، مع السماح بوجود القوات الأفريقية؛ حيث أكد المتحدث باسم الطرف الأزوادي، أنه لا دور للجيش المالي في العملية الانتخابية، فقرار الأمم المتحدة يولي مهمة تأمين العملية الانتخابية للقوات الأفريقية.

على صعيد آخر، عبر وزير الخارجية البوركينابي، جبريل باسوليه، عن سعادته بالتفاهم بين فصيلي الطوارق. وأشار إلى أن جميع النقاط التي تضمنها الاتفاق سيتم وضعها على طاولة المفاوضات من أجل أن يتوصل جميع الأطراف إلى طريقة تمكن من إعادة نشر الإدارة والجيش المالي إلى كيدال.

أما بالنسبة للجانب المالي فلم يصدر أي تعليق على الشروط الجديدة التي وضعها الطوارق المسيطرون على مدينة كيدال، فيما أكدت مصادر محلية تحرك الجيش المالي من مدينة غاو، متجها إلى كيدال في أقصى الشمال الشرقي.

ومن جهة أخرى، خرجت مظاهرات شعبية في مدينة كيدال، يوم أمس، عبر المشاركون فيها عن رفضهم وجود الجيش المالي في المدينة، فيما حذر قادة الطوارق من محاولة اقتحام المدينة بالقوة، وقالوا إن الجيش المالي لا يملك القوة الكافية للسيطرة عليها.

وكان زعيم انقلاب 23 مارس (آذار) 2012، ورئيس لجنة إعادة تأهيل الجيش المالي، النقيب ممادو هايا سانوغو، قد أعلن أول من أمس أنه لن تكون هنالك أي انتخابات رئاسية قبل استعادة الجيش كامل السيطرة على التراب الوطني، رافضا بذلك «أنصاف الحلول» التي قد يتم اقتراحها لتسوية الأزمة المتعلقة بوضعية كيدال.

وفي نفس السياق، أعلن وزير الدفاع المالي، الجنرال ياموسا كامارا، أن جيش بلاده سيستعيد السيطرة على مدينة كيدال بالقوة إذا ما فشلت المحادثات؛ مشيرا إلى أن الجيش مستعد للتدخل في حالة فشل المفاوضات واستعادة كيدال «ليست مشكلة بالنسبة للجيش المستعد والراغب في القتال»، وفق تعبيره.

وفي غضون ذلك، تظاهر عدد من سكان مدينة غاو، كبرى مدن شمال مالي، لمطالبة الجيش بالتحرك لاستعادة السيطرة على مدينة كيدال، وهو ما تزامن مع مطالبة ائتلاف سياسي في باماكو يضم 24 حزبا سياسيا ومنظمة من المجتمع المدني، بضرورة الإسراع في تحرير كيدال.

وبين تركيز مالي على الخيار العسكري، وتحريك الجيش في عمليات استعراضية واضحة، ومحاولة من الطوارق لإظهار استعداد صريح للتفاوض والحوار، تبقى مدينة كيدال هي التحدي الأكبر أمام تنظيم انتخابات رئاسية ينقسم بشأنها الرأي العام المالي، وتريد المجموعة الدولية بقيادة فرنسا فرضها رغم كل التحديات.