اشتباكات مع قوات الأمن في معان.. ومسلحون يهاجمون مقار حكومية أردنية

النسور: سنقوم بواجبنا في إشاعة الطمأنينة وفرض هيبة الدولة

عبد الله النسور
TT

اندلعت اشتباكات مسلحة بين مواطنين من جهة وقوات الأمن والدرك الأردنية من جهة أخرى عندما هاجم عشرات المسلحين أمس مركز أمن مدينة معان، جنوب الأردن، بينما أطلق مسلحون آخرون الأعيرة النارية في الهواء وسط المدينة، لإجبار التجار وأصحاب المحال على إغلاقها لتنفيذ العصيان المدني الذي هددت به العشائر بعد انتهاء المهلة التي حددها وجهاء المدينة للحكومة من أجل إلقاء القبض على عدد من الأشخاص ظهروا في شريط فيديو وهم ينكلون بجثتي شابين قتلا خلال مداهمة قوات الأمن لهم في بلدة الراشدية القريبة من مدينة العقبة الأردنية. وفي محاولة لاحتواء الوضع أفادت مصادر حكومية بإلقاء القبض على 7 أشخاص ممن ظهروا في شريط الفيديو للتحقيق معهم.

وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة شهدت أجواء متوترة للغاية، وسط حالة من الفوضى والمناوشات، لافتا إلى أن قوات الأمن أرسلت قوات إضافية لتعزيز وجودها في المدينة وإنهاء الفوضى وضبط الأمن. وأضاف أن مركز أمن مدينة معان تعرض لهجوم مسلح من قبل مجموعة شبان، بينما أطلقت مجموعة أخرى النار في الهواء بكثافة وهددت أصحاب محال تجارية بضرورة إغلاقها استجابة لدعوة العصيان المدني التي تشهدها المدينة منذ الصباح.

وأشار إلى أن المدينة شهدت ليلة السبت/ الأحد أعمال شغب واسعة استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، وأصيب على أثرها رجل درك ومواطن.

وأقدم محتجون على حرق مكتب البريد ومديرية التربية والتعليم وأعمدة الاتصالات الخشبية، كما تعرضت أسلاك الكهرباء للعبث، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء.

وأغلقت البنوك والمحال والأسواق التجارية أبوابها باستثناء عدد قليل من البقالات تخوفا من تعرضها للاعتداء، بينما تشهد شوارع المدينة إغلاقات بالحجارة والحاويات ومخلفات الإطارات المشتعلة.

وشهدت المدينة عمليات كر وفر بين ثلاث مجموعات من المحتجين وبين قوات الدرك طوال الليل واستمرت حتى صباح أمس، تخللها إطلاق الأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع.

وردت قوات الأمن على المهاجمين بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريقهم وعملت هذه القوات على ملاحقة المجموعات ومطاردتهم في الشوارع وبين الأزقة داخل الأحياء السكنية.

كما قامت مجموعات من شباب المدينة بإغلاق بعض الطرق الرئيسة بالحجارة والإطارات حيث عملت قوات الأمن على فتحها وتمت السيطرة على الطرق ولم تسجل أي إصابات بالأرواح.

جاء ذلك بعد انتهاء «مهلة التهدئة» التي حددها شيوخ ووجهاء معان للكشف عن ملابسات مقتل شابين وإصابة آخر في حادثة مطاردة أمنية في بلدة الراشدية القريبة من مدينة العقبة أخيرا، مهددين باللجوء إلى العصيان المدني بعد تسرب شريط فيديو أظهر تنكيلا بجثتي الشابين.

وقال محافظ معان عبد الكريم الرواجفة إن «القضية التي وقعت أحداثها في محافظة العقبة والتي تم توضيح تفاصيلها من خلال البيان الذي أصدرته مديرية الأمن العام تحتاج إلى فترة كافية وتأخذ وقتا، وليست مرتبطة بمهلة محددة، من خلال إجراءات وتحقيقات»، لافتا إلى أنه نقل مطالب أبناء المدينة وذوي المتوفين بمعرفة حقيقة هذا الفيديو إلى الجهات ذات العلاقة لبيان ومعرفة كل ما يتعلق بمحتوى هذا الشريط.

وكان شيوخ ووجهاء من مدينة معان خلال لقاء جمعهم مع محافظ معان عبد الكريم الرواجفة بحضور مدير شرطة معان العميد هاني المجالي ومديري الأجهزة الأمنية في المحافظة قبل ثلاثة أيام، أمهلوا الجهات المعنية 48 ساعة للكشف عن أسماء الأشخاص المسلحين الذين ظهرت صورهم في مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يحيطون بجثتي المطلوبين اللذين قتلا بمطاردة أمنية في منطقة الراشدية، وتضمن مشاهد وألفاظا غير لائقة، مقابل التزام الهدوء ووقف أي أعمال خارجة على القانون.

ووعد مدير شرطة معان العميد هاني المجالي حينها بإنهاء المظاهر الأمنية في شوارع المدينة شريطة عدم افتعال أعمال شغب والاعتداء على الأماكن العامة والخاصة مجددا. على أن انتهاء المهلة من دون الكشف عن هوية الأشخاص حتى الآن، دفع بفعاليات شعبية وشبابية في المدينة إلى التلويح بإعلان حالة العصيان المدني، والدخول في اعتصام مفتوح اليوم، احتجاجا على ما اعتبروه «تقاعس أجهزة الحكومة وتخليها عن القيام بواجباتها الموكلة إليها».

وفي غضون ذلك، قالت مصادر حكومية مطلعة إن قوات الأمن ألقت القبض على سبعة أشخاص ممن ظهروا في شريط الفيديو والتحقيقات جارية معهم تمهيدا لتحويلهم إلى القضاء وذلك في محاولة من الحكومة لتهدئة الشارع في معان وإنهاء حالة العصيان.

وفي وقت لاحق أمس، قال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور إن الحكومة لن تتغاضى عن دورها في فرض الأمن وستقوم بواجبها في إشاعة الأمن بالبلاد، «ولا يمكن التغاضي عن السلام الاجتماعي والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة».

وأضاف النسور أمام مجلس النواب مساء أمس أن الأجهزة الأمنية بدأت إعطاء التعليمات لعناصرها بفرض الأمن في معان بالتدريج بحيث لا يمكن التغاضي عن الاعتداءات الفجة التي تؤذي سمعة البلاد.

وذكر النسور بحديث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قبل نحو أسبوع بالقول إن «بقاء المملكة على هذا الحال والتطاول على السلطة وإباحة الممتلكات وحرق الدولة لا يمكن السكوت عليه». وقال إن «أوامر الملك سوف تطاع ولا يمكن التسامح مع قضية إجرامية مهما كان المصدر، والتحقيق في موضوع الفيديو الذي ظهر دقيق وأمين وصحيح، وإذا كان الشريط الذي بث صحيحا فسيعاقب الجناة وغير ذلك من التقرير الشرعي».

وأشار إلى الدور «المأمول من وجهاء معان وفعالياتها أن يستمروا في بذل الجهود في تهدئة الأمور وبث روح التسامح وردع أي محاولات لإثارة الفتنة والتحريض عليها والخروج عن القانون».