إدانات خليجية لتدخلات إيران وحزب الله في المنطقة

القربي لـ «الشرق الأوسط»: بحثنا مع وزراء المجلس قضيتي الجنوب وصعدة

TT

أكد غانم البوعينين وزير البحريني للشؤون الخارجية إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب في دول المجلس يعد شأنا فنيا وقانونيا، لافتا إلى «قرار يشير إلى أضرار تدخل حزب الله على مستوى الوطن العربي» وجاء رد الوزير على سؤال «الشرق الأوسط» خلال مؤتمر صحافي أعقب انعقاد اجتماع الدورة الـ127 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية في جدة أمس، الذي أدان بدوره تدخل حزب الله في أحداث القصير بسوريا.

وقال البوعينين إن حزب الله انكشف وضعه الحقيقي وأخذ أكبر من حجمه في المنظومة العربية، «ولسنا راضون عن ذلك، وما قام به من تدخل كشف المستور».

من ناحيته أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجس التعاون ردا على سؤال «الشرق الأوسط» حيال إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب بالقول: «إن دول المجلس أوصت خلال الاجتماع بعدم التعامل في أي مصلحه لحزب الله مع الدول الخليجية».

واستنكر المجلس الوزاري في توصياته الختامية تصريحات القيادات العليا الإيرانية بشأن البحرين وشعبها، وأدان تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، واعتبرها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية البحرينية، وسلوكا ممنهجا يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي والقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار، كما أدان المجلس الوزاري إرسال النظام الإيراني طائرة تجسس تم العثور عليها في شمال البحرين، معتبرا ذلك عملا عدائيا يعكس إصرار إيران على التدخل في شؤون مملكة البحرين، وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها.

وعبر المجلس الوزاري عن أسفه لتعثر المباحثات التي جرت في كازاخستان بتاريخ 5 أبريل (نيسان) 2013، بين مجموعة دول 5 + 1 وإيران، مؤكدا على ضرورة استجابة إيران للجهود الدبلوماسية الهادفة إلى حل موضوع برنامجها النووي بشكل سلمي، بما يكفل تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومعايير واشتراطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الشأن السوري أعرب المجلس الوزاري عن بالغ قلقه لاستمرار تدهور الأوضاع في سوريا، وتزايد احتمالات تأثيرها على الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصا في ظل مشاركة ميليشيات حزب الله في قتال الشعب السوري. وأكد المجلس على موقف دول المجلس الثابت الداعي إلى مضاعفة جهود المجتمع الدولي، لإيجاد حل ينهي الأزمة في سوريا، ويوقف نزيف دماء الشعب السوري، ويحقق تطلعاته وآماله، ويحفظ لسوريا أمنها واستقرارها ووحدتها.

وأدان المجلس الوزاري التدخل السافر لحزب الله في سوريا، وما تضمنه خطاب أمينه العام في الخامس والعشرين من مايو (أيار) 2013، من مغالطات باطلة، وإثارة للفتن، مستنكرا وعده بتغيير المعادلة في المنطقة، ومحاولة جرها إلى أتون الأزمة السورية، وإلى صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه. وفي هذا الصدد فإن دول المجلس تطالب الحكومة اللبنانية بتحييد لبنان عن القتال في سوريا. وعليه قرر المجلس الوزاري النظر في اتخاذ إجراءات ضد أي مصالح لحزب الله في دول مجلس التعاون.

كما رحب المجلس بنتائج اجتماع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي عقد بإسطنبول في نهاية شهر مايو 2013، مؤكدا دعمه لموقف الائتلاف بشأن مؤتمر جنيف 2، وضرورة تحقيق إرادة الشعب السوري الشقيق ومطالبه المشروعة.

واستنكر المجلس الوزاري الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الأراضي السورية، داعيا مجلس الأمن الدولي للتحرك العاجل لعدم تكرارها، معتبرا ذلك انتهاكا خطيرا لسيادة دولة عربية، محذرا من تداعياتها على أمن واستقرار المنطقة.

وكان غانم البوعينين دعا خلال كلمة ألقاها في اللقاء المشترك الذي ضم وزراء المالية والاقتصاد ووزراء الخارجية لدول مجلس التعاون؛ إلى اتخاذ موقف موحد على الصعيد الدولي والإقليمي لإبراز دور مجلس التعاون وتأثيره لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تحدق بالمنطقة وتلك المتوقعة والتي تتطلب تعاملا واعيا يضع أمن الخليج العربي فوق كل اعتبار وفق مفهوم استراتيجي شامل يقوم على أساس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للسيادة الوطنية واعتماد التفاوض والحوار كوسائل فعالة لفض النزاعات بين الدول، تماشيا مع مبادئ التعايش السلمي التي أعلنتها الأمم المتحدة وأقرتها القوانين الدولية.

وشدد الوزير البحريني على ضرورة اتخاذ وقفة جادة تجاه ما يعانيه الشعب السوري من إهدار لحقوقه وإعطائه حقه في اختيار نظامه السياسي وتدخلات بعض الدول لتعطيل إرادته سعيا للهيمنة على المنطقة العربية.

وأضاف البوعينين: «نرى اليوم تدخلا إيرانيا واضحا مع حليفه حزب الله اللبناني في الأزمة السورية بكل الأسلحة وبشكل سافر مما أودى بسوريا إلى أن تكون ساحة قتال يذهب ضحيتها الآلاف من الشعب السوري الشقيق».

وحول القضية الفلسطينية قال إنه لا بد من التأكيد على مستجدات مهمة وظروف دولية وإقليمية غير مسبوقة تتطلب مواقف وخططا سياسية جديدة، أهمها توحيد الصف العربي وتجنب الانقسامات وخصوصا في البيت الفلسطيني والدعوة إلى دور خليجي نشط في إطار عربي إسلامي دولي لمساعدة الشعب الفلسطيني وتقريب أمل الوصول لدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد البوعينين رغبة دول مجلس التعاون على بناء علاقات صداقة مع إيران من خلال دعوتها لاتخاذ مواقف تؤكد حسن نياتها واحترامها لحسن الجوار وفض المنازعات بالطرق السلمية وذلك بإنهاء الاحتلال للجزر الإماراتية الثلاث وتسوية النزاع عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

ونوه الوزير البحريني إلى مشكلات حسن الجوار والتدخل في الشؤون الداخلية وقال: «قد أصبحت في الفترة الأخيرة هاجسا مقلقا للأمن والاستقرار، وبدأت تأخذ منعطفا خطيرا سيكون له تأثير خطير على السلام، ليس في منطقة الخليج العربي فحسب بل في العالم أجمع».

وكان وزراء المالية والاقتصاد بدول المجلس عقدوا اجتماعهم الـ96 (الاستثنائي) في جدة أمس.

وقال الشيخ أحمد آل خليفة رئيس الدورة الحالية وزير المالية البحرين في كلمة له أنه يتم بحث ودراسة مقترحات ومرئيات دول المجلس بشأن موضوع تعميق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون والحاجة إلى مزيد من الإجراءات لتعزيزها على أرض الواقع.

وأضاف: «عرضت مذكرة الأمانة العامة لمجلس التعاون والتي تتضمن ما تم إنجازه في مجال التكامل الاقتصادي ومعوقات المرحلة الحالية والمتعلقة بالتحصيل المشترك وتوزيع الحصيلة الجمركية والحماية الجمركية للمنتجات الوطنية وحماية الوكيل المحلي والتعامل مع السلع الأميركية».

من جانبه أكد الدكتور عبد اللطيف الزياني: «أن توصيات الاجتماع سترفع إلى اجتماع مشترك مع المجلس الوزاري للتوصية بهذا الشأن للمجلس الأعلى».

وقال الدكتور الزياني إن الأمانة العامة لمجلس التعاون أعدت ورقة حول ما تم إنجازه من مواضيع التكامل الاقتصادي والمواضيع التي تتطلب المزيد من العمل لإنجازها.

في غضون ذلك، بحث اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مستجدات الأحداث والتطورات على الساحة اليمنية مع وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي، خاصة ما يتعلق بتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وما توصل إليه الحوار الوطني في المرحلة الأولى، كما تم استعراض ما تم بشأن دعم اليمن والمبادرة الخليجية ومسار تنفيذها.

جاء ذلك على هامش اجتماعات المجلس الوزاري لمجلس التعاون في دورته الـ127 برئاسة البحرين رئيس الدورة الحالية للمجلس بقصر المؤتمرات بجدة (غرب السعودية) أمس.

وفي ما يتعلق بتطورات الأوضاع في اليمن قال الوزير البحريني للشؤون الخارجية «نثمن الجهود المبذولة من قبل الأمين العام لمجلس التعاون في هذا الشأن وندرك أهمية نجاح المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليات تنفيذها وصولا إلى التوافق والأمن والاستقرار في اليمن، مؤكدا في هذا الشأن ترحيب دول مجلس التعاون للخطوات التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي لإطلاق حوار التوافق الوطني من أجل تنفيذ المبادرة الخليجية».

من ناحيته، عد وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي أن الهدف الرئيس وراء المشاركة في اجتماعات دول المجلس يكمن في أن يظل وزراء وأمراء دول مجلس التعاون على علم بمجريات الأمور من مصدر مسؤول في اليمن، «لأن وسائل الإعلام تطرح الكثير من القضايا التي ليس لها أساس من الصحة وتشوه الصورة وتخلط الأوراق»، لافتا إلى تطرق الاجتماع الذي جمعه مع وزراء الخارجية الخليجيين إلى التدخلات الخارجية في اليمن ومن ضمنها الدور الإيراني.

وقال القربي في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» إن الاجتماع سلط الضوء على ما يجري في اليمن في إطار تنفيذ المبادرة الخليجية وآليات تنفيذها والحوار الوطني وتحدياته في قضيتين أساسيتين، هما «القضية الجنوبية وقضية صعدة، وكيفية تضافر الجهود، وخاصة أننا داخلون على المرحلة الثانية من المرحلة التنفيذية لإيجاد العناصر التي تمكن الجميع من التوافق لبناء اليمن الجديد، وأيضا في مواجهة الحملات الإعلامية الموجهة من الخارج التي تضر بوحدة اليمن واستقراره وتبث الكراهية والنعرات الطائفية والمناطقية التي تهدد أمن واستقرار الوطن والتي تتناقض مع قرارات مجلس الأمن».

وحول مناقشة زيادة المنح لليمن قال القربي إن الأولوية في هذا الصدد لا تتمثل في الزيادة بقدر ما تحتاج إلى تنفيذ المبالغ المخصصة والتي بلغت نحو 8 مليارات دولار، في إشارة إلى الالتزام بالمنح، مجددا التأكيد على أن المرحلة المتبقية من الحوار الوطني تعد شديدة الحساسية نظرا لأنها تشمل صياغة الدستور الجديد والمستقبل اليمني الجديد، «والأهم أن تظل دول مجلس التعاون على دراية دائمة بمجريات الحوار ودعم وجهات التوافق ووضع حد للتدخلات الخارجية في الحوار».

وفي ما يتعلق بالشأن الاقتصادي بين وزير الخارجية اليمني أن «الشأن الاقتصادي هو موضوع دائم، ودول التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السعودية، هم أكبر المانحين لليمن، ونحن الآن نطور الآليات لصرف هذه المخصصات والتنفيذ السريع لها».

وحول حديث الرئيس أوباما عن رغبته بإغلاق معتقل غوانتانامو قال القربي إن «القرار سيعيد عوائل المعتقلين الذين قضوا نحو 12 عاما في سجون غوانتانامو وفقدوا الأمل في خروجهم، وعلى أوباما الآن تنفيذ ما صرح به خلال الفترة الماضية حتى تعزز وتحسن الولايات المتحدة صورتها ومكانتها كراعية لحقوق الإنسان والعدالة».

وزاد أن «الحكومة اليمنية قد أعدت مركزا لإعادة السجناء في حال عودتهم إلى اليمن، وتم تمويله من قبل الحكومة اليمنية ولا مانع أن يتم تمويله من أي أطراف أخرى».