التكنولوجيا الروسية الإيرانية المتطورة ترجح كفة النظام السوري ضد الثوار

زيادة في عدد الطائرات من غير طيار وأجهزة التشويس ضد المعارضة

TT

منحت التكنولوجيا الروسية والإيرانية المتطورة قوات النظام السورية ميزة ساعدتها على تتبع أثر الثوار والقضاء عليهم، ما رجح كفتها في الحرب الدائرة هناك. وتشمل هذه التكنولوجيا حسب مسؤولي استخبارات ومحللين في الشرق الأوسط عددا كبيرا من طائرات المراقبة الإيرانية الصنع وأنظمة مضادة لقذائف الهاون في بعض المناطق تشبه التي تستخدمها القوات الأميركية لتتبع مصدر مثل هذه القذائف، إضافة إلى معدات جمع معلومات استخباراتية وأجهزة تشويش لمنع الاتصالات بين الثوار على حد قولهم.

في الوقت ذاته، يتبنى قادة الجيش السوري طرقا جديدة يرى بعض الخبراء أن وراءها استشارات وتدريبات أجنبية. وقال أحد مسؤولي الاستخبارات في الشرق الأوسط إن حكومته تراقب القتال عن كثب، وأضاف: «نشهد على مدى الشهرين المقبلين نقطة تحول. ويتعلق الأمر بجودة ونوعية الأسلحة والأنظمة الأخرى القادمة من إيران وروسيا». وقال المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه وجنسيته لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة، إن المساعدة الجديدة تدعم ميزة اكتسبتها القوات السورية بوصول مئات من مقاتلي حزب الله من لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال المسؤول: «ترى قوات النظام ساحة المعركة بشكل أفضل وتستطيع الرد على الهجمات أحيانا حتى قبل أن تصل ضربة الطرف الآخر».

من جانبهم أكد قادة الثوار زيادة كبيرة في عدد طائرات المراقبة التي يرونها، ويزعمون أنهم أسقطوا طائرتي تجسس إيرانيتي الصنع خلال الشهور الأربعة الماضية، إحداهما قبل ثلاثة أسابيع في غوطة دمشق، والثانية قرب الحدود اللبنانية.

وتصنع إيران طائرات من دون طيار وزودت حزب الله، حليفها، في الماضي بذلك النوع من الطائرات. وقال المنسق الإعلامي والسياسي للجيش السوري الحر، لؤي المقداد، في مقابلة هاتفية: «نحن نشهد زيادة كبيرة في عدد الطائرات التي تعمل من دون طيار». كذلك أشار مسؤولون أميركيون وخبراء مستقلون إلى زيادة في هذا النوع من الطائرات، قال البعض إن أداء مدافع النظام تحسن بعد دخول هذه الطائرات الخدمة. وقال جيفري وايت، المحلل السابق في جهاز استخبارات الدفاع: «إن الأمر يتعلق بكيفية توجيه القنابل نحو الأهداف». وتحدث محللون آخرون عن وجود أسلحة أخرى متقدمة فنيا، بما فيها أنظمة تتبع لقذائف الهاون، وذلك من خلال تقارير الثوار وعملاء استخبارات داخل سوريا، وكذلك من مراقبين عسكريين في دول الجوار.

ومن مواقع المراقبة المتفرقة على الحدود يصف مسؤولون عسكريون أردنيون أدلة مباشرة على وجود أسلحة ومعدات جديدة تجعل الكفة تميل نحو قوات النظام وحلفائه. وقال العميد حسين الزيود، قائد قوات حرس الحدود الأردنية: «نحن نرى الكثير من الأشياء التي لم نرَها من قبل. نرى أنواعا جديدة من المدرعات والمركبات الأخرى التي تستخدم في التشويش على الاتصالات. ونرى أجهزة للرؤية الليلية وأجهزة للتصوير الحراري لم نكن نراها في الماضي».

واعترفت روسيا وإيران، منذ وقت طويل، بتزويد النظام بمجموعة متنوعة من المعدات العسكرية، من دبابات وطائرات عمودية وأسلحة خفيفة وذخيرة. وأثار القرار الواضح لموسكو بتقديم صواريخ مضادة للطائرات «إس 300» إلى سوريا تحذيرات إدارة أوباما ومسؤولين إسرائيليين خلال الأسبوع الماضي، فقد قالوا إن الصواريخ تمثل تهديدا على أمن إسرائيل.

ورغم قدرة القوات السورية على منع تقدم الثوار في بعض المناطق، لم يرجح محللون في الشرق الأوسط استعادة الجيش النظامي السيطرة على المساحات الشاسعة التي تخضع لسيطرتهم. وقال مسؤول أميركي مطلع على تقارير استخباراتية سرية من المنطقة: «أتاحت المساعدة الخارجية لقوات النظام السوري تحقيق مكاسب مرحلية، لكن بشكل مجمل خسروا جزءا كبيرا من الأرض منذ نشوب الصراع».

ويعد تطور الاتصالات والمراقبة جزءا أساسيا من النهج العسكري السوري الذي أحرز نجاحا مذهلا خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتطرق وايت إلى التطورات المرحلية الأخيرة بـ«قواعد القصير» في إشارة إلى العمليات العسكرية المستمرة التي تهدف إلى استعادة مدينة القصير الحدودية مع لبنان. ويتضمن هذا النهج الاستعانة بالقوات النظامية وغير النظامية من أجل عزل وحدات الثوار وقطع الإمدادات والتعزيزات عنهم.

وتحاول قوات النظام حشر الثوار في منطقة صغيرة لتسهيل عمليات قصفهم وإيقاع أكبر الخسائر في صفوفهم على حد قول المسؤول وإنهاك قواهم، حتى لا يكون أمامهم خيار سوى المغادرة أو الموت.

ويبدو أن المعدات والوسائل المتطورة تمنح القوات السورية ميزة وتفوقا في المعارك شبه اليومية من أجل استعادة المواقع بسرعة. وقال زيود إنه كان يشاهد معركة حول نقطة تفتيش سورية تقع على بعد أقل من ميلين من قرية الطرة الأردنية. وكما يحدث كثيرا، سرعان ما سيطر الثوار على نقطة التفتيش وأضرموا النيران في دبابة وأجبروا مجموعة من أفراد القوات السورية على التراجع. لكن وفي غضون ساعات، تمكن الجيش السوري من استعادة الموقع بسهولة. وقال زيود واصفا أسلوب القوات في القتال بقوله: «إنهم يهاجمون نقاط التفتيش بطريقة بدائية. تراهم أحيانا وهم يحملون الأسلحة بطريقة غير احترافية ويهدرون الذخيرة. إنهم لم يستفيدوا من المركبات والمعدات التي خلفها الجيش السوري وراءه. واضح من مراقبة الوضع أنهم غير مدربين بشكل جيد».

* شارك لافداي موريس في إعداد التقرير من بيروت.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»