تقرير إسرائيلي: مياه مجاري المستوطنات تلوث مياه الشرب الفلسطينية

توسيع المستوطنات والارتفاع في عدد المستوطنين يزيد الطين بلة

TT

كشف تقرير إسرائيلي رسمي أن أكثر من ثلث كمية المياه العادمة المنسكبة من المستوطنات في الضفة الغربية لا يحظى بأية معالجة كيماوية، ويهدد بخطر تلويث مياه الشرب والمياه الباطنية للفلسطينيين. وقال التقرير، الصادر عن وحدة البيئة في سلطة حماية الطبيعة، وهي مؤسسة رسمية، إن البلدات الفلسطينية التي تتعرض للأذى من هذه المياه العادمة تفتقر لأية مقومات تكرير هذه المياه واستخدامها فيما بعد للزراعة كما يحصل عادة في إسرائيل. والأمر يهدد بالخطر مياه الشرب لديهم وزراعتهم وصحة المواطنين.

وأشار التقرير إلى أن المستوطنين، البالغ عددهم 350 ألفا في الضفة الغربية، يعيشون في نحو 150 مستوطنة وبؤرة استيطانية، يخرجون 17.2 مليون متر مكعب من المياه العادمة في السنة. وهذه المجاري تضخ إلى 93 مجمعا، 54 منها تعالج بشكل علمي مهني من دون أية مشكلة ويجري تطهير المياه العادمة وتحويلها إلى مياه ري. ولكن 39 مجمعا تفتقر إلى المعالجة كما يجب. ولكن المشكلة الأكبر تتعلق بكمية تقدر بمليونين و200 ألف متر مكعب من المياه العادمة التي لا تصل إلى المجمعات وتتسرب إلى الحقول والأراضي الفلسطينية، وأعماق الأرض وتهدد بتلويث المياه الباطنية ومياه الشرب ونشر الأمراض.

ويقدم التقرير أمثلة كثيرة على هذه الظاهرة، بعضها صارخ في أذاه. فعلى سبيل المثال يعيش في مستوطنة «يتسهار» الواقعة على رأس جبل يطل على مدينة نابلس من جهة وعلى مجموعة قرى فلسطينية في الجهة الأخرى، ألف مستوطن، معروفون بممارساتهم العدوانية على سكان المنطقة. وتنسكب المياه العادمة لديهم في خمسة مجارٍ. ولديهم مجمع المحرك فيه لا يعمل. وعمليا كل مجاريهم تنسكب في المناطق الفلسطينية. والأمر نفسه ينطبق على مستوطنة «ابني حيفتس» قرب طولكرم ويعيش فيها ألف وخمسمائة مستوطن، ومستوطنة «القنا» قرب قلقيلية ويعيش فيها أربعة آلاف مستوطن. ويكشف التقرير أنه في حين يعالج 90% من المياه العادمة في إسرائيل وتستخدم لأغراض الزراعة، في حين تهبط هذه النسبة إلى 60% فقط في الضفة الغربية.

وعقب المدير العام لحركة «سلام الآن» الإسرائيلية، يريف أوفهايمر، على هذا التقرير بالقول إنه «يعكس جانبا آخر من الجوانب الظلامية للاحتلال». وأضاف: «لقد رأينا في المستوطنات كارثة قومية لإسرائيل لأنها تهدد بنسف عملية السلام. والاستمرار في توسيع المستوطنات، الذي تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو، ضاربة عرض الحائط بالقوانين الدولية والإرادة الدولية، يعتبر في حالتنا هذه كارثيا أكثر. ففي كل توسيع للاستيطان تزداد كميات المياه العادمة ويكبر الضرر للبيئة ولحياة الفلسطينيين. وعليه فإن الكفاح ضد الاستيطان يتخذ في هذه القضية بعدا إنسانيا أكبر».

وجدير بالذكر أن أنباء نشرت في تل أبيب، أمس، تفيد بأن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي يبدي تفهما لامتناع الحكومة الإسرائيلية عن تجميد البناء الاستيطاني كشرط لاستئناف المفاوضات، اتصل يوم الخميس الماضي برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واحتج أمامه بشدة على مواصلة مشاريع البناء الاستيطاني. وقال له إن هذه المشاريع تهدد بإفشال جهوده لاستئناف المفاوضات. وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين، التي يتصل فيها كيري مع نتنياهو ويحتج فيها على توسيع المشاريع الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة وفي الضفة. ونقلت صحيفة «هآرتس» في عددها أمس، على لسان دبلوماسيين أوروبيين، أن كيري يتفهم أن لا تتخذ حكومة إسرائيل قرارا بتجميد الاستيطان حاليا، بسبب القيود الائتلافية، ولكنه يتوقع من نتنياهو أن يلجم هذه المشاريع ولا يتركها تنفلت.

وأضافت الصحيفة أن الأوروبيين يتوقعون تقدم كيري بخطة تفصيلية لاستئناف المفاوضات في منتصف يونيو (حزيران) الحالي. ومن الاتصالات التي أجرها حتى الآن هناك خيبة أمل منه في الجانب الفلسطيني وضغوط على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أن يستأنف من طرفه الجهود للانضمام إلى مؤسسات الأمم المتحدة، علما بأنه كان قد جمد هذه الجهود بناء على طلب كيري في سبيل مساعدته على إنجاح مبادرته.