فابيوس يستبعد انعقاد «جنيف 2» خلال يونيو الحالي

مصادر دبلوماسية في باريس: روسيا لم تقل إنها ستدفع الأسد للتخلي عن صلاحياته

TT

بينما يلتئم في جنيف هذا الأسبوع اجتماع فني على مستوى الخبراء يضم الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة للتحضير لمؤتمر «جنيف2»، استبعد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انعقاده في يونيو (حزيران) الحالي، مرجحا أن عقده في يوليو (تموز) المقبل.

وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول رفيع المستوى أن «جنيف2» يمكن أن يرحل إلى الشهر المقبل بعد أن كان وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا اتفقا على عقده نهاية مايو (أيار) الماضي لتؤجل لاحقا إلى يونيو، والآن إلى يوليو.

وقالت مصادر الخارجية الفرنسية إن فابيوس على تواصل «مستمر» مع الوزيرين الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف اللذين التقاهما في باريس يوم الاثنين الماضي، الأمر الذي يعني أن الوزير الفرنسي على اطلاع تام على نتائج الاتصالات الأميركية - الروسية وعلى الصعوبات التي ما زالت تواجهها الدعوة إلى «جنيف2».

وأشار فابيوس، في تصريحات صحافية أمس، إلى الحاجة للتحضير «الجيد» للمؤتمر قبل الدعوة إليه. وسبق لمصادر دبلوماسية فرنسية أن قالت يوم الأربعاء الماضي إن المهم «ليس تحديد تواريخ لا يمكن الالتزام بها، بل توفير الشروط لالتئام المؤتمر وخروجه بنتائج إيجابية». وذهب فابيوس إلى حد اعتبار المؤتمر الموعود الذي من المنتظر له أن ينعقد على مستوى وزراء الخارجية، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي، بمثابة «الفرصة الأخيرة» للتوصل إلى ترتيبات تؤمن «الانتقال السياسي» في سوريا وتشكيل حكومة انتقالية مختلطة من المعارضة ومن شخصيات مقبولة من النظام تعود إليها كامل الصلاحيات الحكومية والرئاسية.

وترى باريس أن هناك الكثير من العراقيل التي يتعين تسويتها مسبقا، ذكر فابيوس اثنين منها: الأول تشكيل المعارضة السورية وفدها التفاوضي، وثانيها الاتفاق على جدول أعمال للمؤتمر نفسه. غير أن الصعوبة الكبرى تكمن في معرفة ما إذا كان النظام السوري الذي أعلن قبوله المبدئي لحضور المؤتمر سيقبل تشكيل حكومة انتقالية تتسلم الصلاحيات كافة وفق بيان جنيف الصادر نهاية يونيو 2012، خصوصا الإشراف على الجيش والأجهزة الأمينة التي هي عماد النظام. وبحسب مصادر دبلوماسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» فإن الطرف الروسي «لم يقل علنا وخلال المباحثات التمهيدية» إنه سيدفع الأسد إلى التخلي عن كامل صلاحياته للحكومة الانتقالية، بل إن «الشرق الأوسط» علمت من مصادر على اطلاع تام على الملف أن لافروف نقل عن الأسد رفضه التخلي عن الإشراف على الأجهزة الأمنية إلى جانب تمسكه بالترشح للانتخابات الرئاسية القادمة العام 2014.

وحتى تاريخه، ما زالت الخلافات على المسائل الإجرائية (تحديد هوية الحضور، جدول الأعمال، رئاسة أعمال المؤتمر، حضور إيران...) تخفي انقسامات عميقة بصدد المسائل الجوهرية، أي مضمون الحل وصورة سوريا الغد.

ويشكل انقسام المعارضة على نفسها إحدى الصعوبات الجدية التي تعيق تشكيل وفد مقبول يمثلها وتكون له حيثياتها ميدانيا. وتطالب المعارضة وقف العمليات العسكرية للجيش السوري وللميليشيات التي تدعمه ومنها التابعة لحزب الله اللبناني، الأمر الذي يطرح مسألة وقف النار وإيجاد هيئة تشرف عليه بما يترافق ذلك مع تعقيدات شائكة والحاجة إلى التوجه إلى مجلس الأمن الدولي. كذلك تتمسك المعارضة بتنحي الأسد قبل التوجه إلى المؤتمر. لكن هذه الدعوة لا تلاقي دعما غربيا، إذ إن مجموعة الدول الثلاث (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا) ترى أن دور الأسد سينتهي بنهاية تشكيل الحكومة الانتقالية ونقل الصلاحيات لها وبالتالي فلا تطالب برحيله كشرط للمؤتمر.

وأكد فابيوس مجددا معارضة بلاده القاطعة لدعوة تمثيل إيران في المؤتمر، الأمر الذي تتمسك به روسيا ويدافع عنه الأمين العام للأمم المتحدة. وتشدد باريس على اعتبار إيران «جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل»، بسبب الدور الذي تلعبه في سوريا وبسبب المخاوف من أن تربط قبولها الضغط على الأسد مقابل الحصول على تنازلات في ملفها النووي. ونشرت «الشرق الأوسط» في عددها أول من أمس تفاصيل مقترحات الوزير كيري للتغلب على هذه الصعوبة.