إطلاق نار على رجلي دين سنة في صيدا والبقاع.. وحزب الله يستنكر

وزير الداخلية اللبناني لـ «الشرق الأوسط»: لا فتنة في لبنان والتوترات مرتبطة بأزمة سوريا

الشيخ ماهر حمود إمام مسجد القدس في مدينة صيدا جنوب لبنان يتحدث عبر هاتفه الجوال في منزله بعد نجاته من محاولة اغتيال أمس (أ.ب)
TT

نجا الشيخ ماهر حمود، إمام مسجد القدس في مدينة صيدا، جنوب لبنان، أمس، من محاولة اغتيال تعرض لها أثناء توجهه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، بعد أن أطلق عليه مسلحون مجهولون نحو عشرين رصاصة، من غير أن يُصاب أحد بأذى، في موازاة إطلاق مجهولين النار على سيارة الشيخ إبراهيم مصطفى البريدي في منطقة قب إلياس في البقاع. وأثار تكرار الاعتداءات في الأيام الأخيرة على رجال دين سنة سلسلة مواقف منددة، صدر أبرزها عن حزب الله ورئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، اللذين دعا إلى توقيف المرتكبين ومحاسبتهم.

واتهم الشيخ حمود «فريقا متعاطفا» مع «الثورة السورية»، أو «فريقا يبحث عن الفتنة» بمحاولة اغتياله. ويعد حمود، أحد أبرز رجال الدين السنة على الساحة اللبنانية ومعروف بتأييده للنظام السوري وحزب الله ورفضه للفتنة المذهبية بين الشيعة والسنة. وسبق له أن انتقد مواقف إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير المناهضة لسياسة حزب الله.

وأوضح حمود أن مجموعة مسلحة تستقل سيارة مدنية، اعترضت طريقه أثناء توجهه إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، وأطلقت النار على سيارته وأمطرتها بنحو عشرين رصاصة من أسلحة رشاشة، قبل أن يفر المسلحون إلى جهة مجهولة.

وفيما عاينت القوى الأمنية اللبنانية المكان وباشرت التحقيقات، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن القوى الأمنية تمكنت من العثور على السيارة التي استخدمها المسلحون وتبين أنها مسروقة. وأفادت الوكالة، من جهة أخرى، بتعرض سيارة رجل الدين السني الشيخ إبراهيم مصطفى البريدي، لإطلاق نار ما أدى إلى احتراقها بشكل جزئي، فيما كانت مركونة قرب منزله في بلدة قب إلياس في البقاع شرق لبنان.

ويأتي هذان الاعتداءان بحق علماء دين سنة، غداة الاعتداء على سيارة رئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ أحمد العمري أمام منزله في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم السبت الفائت.

وأوضح وزير الداخلية اللبناني مروان شربل لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الأحداث مرتبطة بأسباب سياسية»، مشيرا إلى أن التطورات التي تحصل بلبنان «تجري تأثرا بما يحصل في سوريا».

ونفى شربل أن تكون تلك الأحداث مؤشرا لوقوع فتنة بين السنة والشيعة في لبنان، مؤكدا أن «العقلاء الكثيرين في الطائفتين، يمنعون الفتنة، وقد أدى تدخلهم في حادثة الاعتداء على شيخين سنيين في بيروت، في وقت سابق، إلى توقيف المعتدين ومنع وقوع الفتنة». وأضاف: «الأزمة السورية تتسبب بتلك التوترات الأمنية في لبنان، نظرا لاشتداد الخلافات السياسية على ضوء الخلافات حول الأزمة السورية».

وطمأن شربل أن «لا فتنة طائفية في لبنان»، وشدد على أن «الفتنة ليست لمصلحة أحد»، مشيرا إلى أن «كافة الطوائف اللبنانية متضامنة لمنع الفتن».

سياسيا، أدان حزب الله محاولة اغتيال حمود، ووصف ما جرى بأنه «محاولة إجراميّة تهدف بلا شك إلى إثارة الشقاق»، فضلا عن «زرع أجواء الفتنة خدمة للعدو الصهيوني، ومشروعه التآمري على لبنان وأهله».

وأكد، في بيان صادر عنه، أنّ «المحاولة المجرمة تأتي في سياق الاعتداء على الكثير من الرموز العلمائية في أكثر من منطقة، ما يؤشر إلى وجود مخطط خبيث هدفه القضاء على الشخصيات الواعية التي تقف في وجه دعاة الفتنة، بما يسمح بتأجيج نيران الخلافات بين أهلنا وأبناء أمتنا».

ورأى في محاولة استهداف حمود «استهدافا لدوره الجامع، كونه شكل ولا يزال يشكل صمام أمان في رأب الصدع وإصلاح ذات البين في صيدا وعلى المستوى الوطني العام»، داعيا «الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى بذل الجهود اللازمة للقبض على المجرمين وسوقهم إلى العدالة لنيل القصاص العادل».

وفي السياق عينه، دعا رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة «الدولة والسلطات الأمنية المختصة إلى تكثيف الجهود لمعرفة الفاعلين وسوقهم إلى القضاء». وأكد من صيدا، أن «لبنان كان ولا يزال يمر في مراحل صعبة وبحاجة لمساعدة الأشقاء والأصدقاء»، داعيا إلى «كشف المعتدين على أئمة المساجد وسوقهم إلى القضاء».

وأجرت النائبة في كتلة المستقبل بهية الحريري اتصالا هاتفيا بالشيخ حمود، اعتبرت خلاله أن محاولة استهدافه ترمي إلى «إحداث فتنة في المدينة والعبث بأمنها واستقرارها»، داعية القوى الأمنية إلى «تكثيف جهودها من أجل كشف الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة».

كذلك، أدان حزب القوات اللبنانية، في بيان: «ما تعرّض له المشايخ العمري وحمود والبريدي»، داعيا الأجهزة القضائية والأمنية إلى «الإسراع في القبض على المرتكبين». وأهاب بالمعنيين «إدراك خطورة المرحلة واستدراك الخطوات التي تقوم بها جهات تريد شرّا بلبنان».