لبنان: المباحثات الحكومية تنطلق مجددا بمواجهة «مشاركة حزب الله» و«الثلث المعطل»

كتلة عون تطعن بقانون تمديد ولاية المجلس النيابي بعد سليمان

TT

عادت الاستشارات الحكومية لتسلك طريقها، وإن بوتيرة بطيئة، بعد استراحة قسرية فرضتها مباحثات قانون الانتخاب، في مواجهة الشروط والشروط المضادة التي لا يزال كل من فريقي «8 آذار» و«14 آذار» يتمسك بها، إذ يطالب الأول بـ«الثلث المعطل» (يعطل اتخاذ القرارات الوزارية)، بينما يرفض الثاني «مشاركة حزب الله» في الحكومة.

وفي حين قدم تكتل التغيير والإصلاح النيابي، برئاسة العماد ميشال عون، إلى المجلس الدستوري أمس مراجعة الطعن بقانون تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي 17 شهرا، بعد أن سبقه إلى الخطوة نفسها الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أكدت مصادر مواكبة للمباحثات الحكومية لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا تغيرات سلبية أو إيجابية طرأت في الأيام الأخيرة على ملف تشكيل الحكومة، لا سيما في ظل تمسك قوى (8 آذار) بالدرجة الأولى، بشرط (الثلث المعطل)، وهو الأمر الذي لا يزال الرئيس المكلف تمام سلام يرفضه»، مشيرة إلى «عدم تنازل سلام عن أي مبدأ من مبادئ (حكومة المصلحة الوطنية) التي سبق له أن أعلنها، وأهمها الحكومة الحيادية وعدم القبول بأسماء استفزازية أو حزبية».

ولفتت المصادر إلى أنه و«رغم مرور نحو شهرين على تكليف سلام، فإن الاستشارات بشأن الحكومة كانت متوقفة في الشهر الأخير بسبب المباحثات حول قانون الانتخاب»، مشيرة إلى أن «حركة الاستشارات عادت إنما بوتيرة بطيئة، وذلك في انتظار قرار المجلس الدستوري حول مهلة التمديد ليبنى على الشيء مقتضاه». وهذا ما لفت إليه أيضا النائب في كتلة المستقبل، أحمد فتفت، مبديا اعتقاده بأن «الأمور لن تشهد أي تقدم قبل أن يصدر المجلس الدستوري قراره».

وقال فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «لا نزال نصر على الحكومة الحيادية، وإذا تم السير بحكومة سياسية، فعندها يجب أن لا تضم حزبيين، لأننا نرفض أن يكون حزب الله الذي يبحث عن غطاء لمعاركه في سوريا شريكا في أي حكومة، وبالتالي لن نؤمن له هذا الغطاء». وأشار في الوقت عينه إلى أن «موقف تيار المستقبل بشكل خاص وقوى (14 آذار) بشكل عام كان ولا يزال داعما للرئيس المكلف، وهي تبذل ما بوسعها لتسهيل مهمته».

وفي السياق عينه اعتبر القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أن «الأزمة الحكومية كانت ولا تزال قائمة»، مشيرا إلى أنه «حتى لو تمكن سلام من إنتاج توليفة وزارية فإنها ستعلق في نفق التأليف والبيان الوزاري ومن ثم نيل الثقة». ولفت إلى أن «الدعم الذي قوبل به تكليف سلام ثابت ومستمر، ولا نعتقد أن الوقت هو لحكومة يرأسها فؤاد السنيورة أو سعد الحريري».

في المقابل، جاء موقف حزب الله المنتقد لشروط قوى «14 آذار»، ولا سيما الرافضة لمشاركته في الحكومة، على لسان النائب حسن فضل الله، واصفا إياه بـ«المطلب الأميركي». وقال: «بعد مرحلة التمديد التي فرضتها بالدرجة الأولى الظروف الأمنية بسبب التوترات التي افتعلها الفريق الآخر في أكثر من منطقة، وبالدرجة الثانية بسبب تعطيل التوافق على قانون الانتخابات، فهناك مرحلة تشكيل الحكومة التي سيفتح ملفها، حيث نسمع أن هناك مطلبا أميركيا قديما جديدا عبر أدواته في لبنان بحكومة لا يتمثل فيها حزب الله». وشدد على أن «الحزب هو الذي يحدد مشاركته وحجم هذه المشاركة، ولا أحد يستطيع أن يملي علينا إرادته، وفي الوقت ذاته نحن نريد تسهيل مهمة الرئيس المكلف ونريد له أن يشكل حكومة وحدة وطنية تعكس التمثيل الحقيقي للكتل النيابية». ورأى أن «هذه الحكومة باتت معاييرها اليوم تختلف عما كانت عليه قبل التمديد لأنها لم تعد حكومة انتخابات، إنما هي حكومة سياسية مسؤولة عن إدارة البلد لمدة عام ونصف على الأقل»، مؤكدا أن «هذه الحكومة يفترض أن تكون قوية قادرة على النهوض بالبلد وعلى مواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وهذا يعني أن الحكومة يفترض أن تمثل تمثيلا صحيحا وأن تتكون من القوى الفاعلة القادرة على النهوض بالبلد وعلى مواجهة هذه التحديات».

من جهة أخرى، وفي ما يتعلق بالطعن بقانون تمديد ولاية المجلس النيابي، قدم أمس وفد من تكتل التغيير والإصلاح مراجعته الموقعة من قبل 10 نواب إلى المجلس الدستوري. وقال النائب في كتلة عون، إبراهيم كنعان: «نفتح المجال أمام المحكمة العليا التي هي ضمير لبنان والدستور فيه أن تتولى المسؤولية، بعدما قمنا بواجبنا ورفضنا التمديد وقدمنا الطعن على خلفية دستورية ومبدئية وطنية لا سياسية»، مضيفا: «اللحظة مصيرية وتاريخية والأمانة في يد المجلس الدستوري»، متمنيا أن «يوفقوا في مهامهم وأن ينتصروا للعدالة والدستور».

وردا على سؤال عن احتمال استقالة كتلة عون النيابية، قال كنعان: «الطعن متماسك وجدي ومعلل باجتهادات عالمية ومحلية ويجب عدم الاستخفاف به»، موضحا: «إننا ننتظر قرار المجلس الدستوري، والاستقالات بحسب الدستور لا تؤدي إلى انتخابات عامة، وانعكاسات قبول أو رفض الطعن نقررها في حينه».