طرابلس: تجدد الاشتباكات يوقع 6 قتلى و32 جريحا في يوم واحد

أهالي المدينة يتخوفون من عودة الحرب الأهلية

TT

انفجر الوضع الأمني مجددا في مدينة طرابلس، شمال لبنان، ليلة الأحد - الاثنين، ليحصد 6 قتلى و32 جريحا، على الأقل، وسط مخاوف من حرب أهلية تطرق أبواب المدينة على خلفية النزاع في سوريا.

وتجددت الاشتباكات، مساء أول من أمس، بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية، وجبل محسن ذات الغالبية العلوية، واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة، واستمرت بتقطع حتى صباح أمس.

ومن بين الجرحى عنصران من قوى الأمن الداخلي، وثلاثة عناصر من الجيش اللبناني، تم استهدافهم وهم في ملابسهم العسكرية. وكان لافتا أن الغالبية الساحقة من الضحايا سقطوا برصاص القنص، الذي بات يصطاد الأبرياء بدم بارد، بعد أن تتوقف المعارك.

وحمل الشيخ نبيل رحيم، وهو عضو في لجنة «المساعي الحميدة» للتهدئة في طرابلس من اعتبرهم «أشخاصا متفلتين في باب التبانة، لهم حسابات خارجية»، بأنهم «مسؤولون عن توتير الوضع». ورأى أن «ما يحدث لا مصلحة فيه لطرابلس ولا لأبنائها، وبطبيعة الحال، في جبل محسن هم جاهزون للرد عند أول طلقة، ولا يقصرون من ناحيتهم».

وأوضح رحيم أن «الجيش والقوى الأمنية يعرفون هؤلاء المتفلتين». وقال: «لا أعرف لماذا يتركون الأمور على غاربها»، مضيفا: «لم أعد أعرف لماذا تبدأ الاشتباكات، وما الذي سيحدث غدا».

وساد جو من التوتر الشديد بين أهالي طرابلس، أمس، إذ فتحت المتاجر أبوابها بحذر، وتحدث السكان عن إحساسهم بأن حربا أهلية قد بدأت، لأن الاشتباكات لا يبدو أنها ستضع أوزارها. وذهب البعض إلى «شراء مواد تموينية خشية من حدوث الأسوأ».

واتهم مازن شحود أحد فعاليات باب التبانة البارزين «السياسيين الطرابلسيين من فريقي 8 و14 آذار بأنهم «وراء التوترات الأمنية المستمرة التي تعيشها طرابلس وتحصد عشرات الأبرياء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطاقم السياسي مجرم بحق المدينة، ولا خلاص لنا إلا بتغييرهم والإتيان بممثلين حقيقيين للشعب، لأنه من المستحيل الوصول إلى أي حل أو تهدئة طالما هم في السلطة». ووصف السياسيين الطرابلسيين من وزراء ونواب حاليين بأنهم «أسوأ طاقم سياسي عرفه لبنان في تاريخه». وقال شحود، الذي يشارك في اجتماعات تعقد للوصول إلى وقف لإطلاق النار: «لا علاقة لهذا الوضع المتفجر بأي شيء آخر، لا التمديد لمجلس النواب ولا الطعن بالتمديد ولا تشكيل الحكومة»، معتبرا أن «ما يحدث في طرابلس لا سبب له غير رغبة السياسيين في تركه على حاله، لأنهم يستفيدون ويستثمرونه، كل على طريقته». وأعرب عن اعتقاده أن «المعارك لن تتوسع بل ستبقى في بقعتها الضيقة»، معتبرا أنه «لا عنوان سياسيا لها، وما يجري عبث خالص». وقال إن «ثمة اتفاقا ضمنيا بين السياسيين على أن يكون الصراع العسكري على أرض طرابلس، وليس في أي مكان آخر»، واصفا من يشعلونها بـ«الأولاد الذين ما عاد أولياء أمورهم ينهروهم للكف عن التخريب».

وفي حين تردد أن المعارك تجددت بسبب توقيف الجيش اللبناني ثلاثة أشخاص من طرابلس، كانوا قد خططوا مع شخصين سوريين لخطف مواطن من التابعية السورية في مدينة عاليه، ومبادلته بفدية، نفى كل من رحيم وشحود هذا الخبر مؤكدين أن «ما يحدث في طرابلس لا علاقة له بهذا الموضوع، وليس له من عنوان غير الفوضى والاستهتار السياسي».

وبحسب شحود، فإن الموجودين في باب التبانة هم أنفسهم منذ بدء المعارك عام 2008، ولم يأت أي أحد منهم من الخارج. وأضاف: «كنا عندما تحتدم المعارك نجلس ونتفق عند كل جولة، ونتمكن من الوصول إلى تهدئة ولو مؤقتا، لكن الآن لا يزال الأشخاص هم أنفسهم، ومع ذلك بات الوصول إلى وقف لإطلاق النار أمرا غير ممكن، نحن نسأل لماذا؟ ما الذي تغير؟ لا شيء بطبيعة الحال، سوى أن القرار السياسي لم يعد يتخذ، وهناك من بات يشاغب ولا يعبأ بأحد».

وقال شحود مستغربا: «نحن نذهب إلى الاجتماعات التي نُدعى إليها من السياسيين، فيسألوننا: ما الحل الذي تقترحونه؟ هل بات المواطن هو الذي يأتي بالحلول، وفي هذه الحالة، ما عمل المسؤولين؟ هل كل ما يعرفون فعله هو أن يغلقوا هواتفهم ويغيبوا عن السمع؟».

وعلى الرغم من توقف الاشتباكات خلال نهار أمس لتعود وتحتدم في المساء، بقيت مشكلة القنص الكثيف والقاتل، قادرة على شل حياة الناس بشكل كبير، إذ وصل الرصاص الطائش إلى خارج مناطق الاشتباكات التقليدية، وطال مناطق الدباغة وباب الحديد والزاهرية والتل وتقاطع شارع عزمي، وسط طرابلس.