أبو الحسن بني صدر : خامنئي لا يحكم.. والانتخابات الحالية وضعت ولاية الفقيه على المحك

الرئيس الإيراني الأسبق يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن الحرس الثوري «حزب سياسي مسلح» يسيطر على مفاصل الدولة ويتحكم في الاقتصاد

رئيس التحرير د. عادل الطريفي مع أبي الحسن بني صدر في منزله بباريس («الشرق الأوسط»)
TT

أبو الحسن بني صدر، السياسي الإيراني الثمانيني المقيم منذ عام 1981 في فرنسا، شخصية استثنائية بمختلف المعايير. واليوم بينما يتأهب الإيرانيون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يحكم إيران نظريا في ظل «المرشد الأعلى»، التقت «الشرق الأوسط» بني صدر، الذي كان أول من تولى منصب الرئاسة في عهد الجمهورية الإسلامية خلال الفترة من 4 فبراير (شباط) 1980 حتى 21 يونيو (حزيران) 1981 عندما تعرض لاتهام من «مجلس الشورى». واضطر إلى الفرار من إيران يوم 28 يوليو (تموز) 1981 بعدما أعدم عدد من أبرز معاونيه.

بني صدر يقيم اليوم بفيللا في مدينة فرساي الفرنسية الصغيرة الشهيرة بقصرها الملكي المبهر، على مسافة 30 كلم من العاصمة باريس. فرساي، تعد عمليا من «ضواحي باريس البعيدة»، وهي عاصمة محافظة الإيفلين ومركز أسقفي وتعليمي وقضائي وعسكري مهم. أما الفيللا التي يقيم فيها بني صدر، فمحاطة بأسوار عالية من كل النواحي وتلاصق المقبرة اليهودية في المدينة، وهي تحظى بإجراءات أمنية مشددة على مدار الساعة، إذ يخضع الداخل إليها لعمليات تفتيش متعددة، من التدقيق في الهوية إلى التحقق من الأجهزة الإلكترونية. وحتى بعد الدخول، على الزائر المكوث في صالة انتظار مع مرافقين. وفيما يلي نص الحوار:

* ما رأيك بقرار مجلس صيانة الدستور استبعاد هاشمي رفسنجاني واسفنديار مشائي من السباق الرئاسي؟ هل نحن بصدد تكرار أزمة انتخابات 2009؟ - الانتخابات الحالية لها خصوصيّات لم تكن في الانتخابات السابقة. فعلى سبيل المثال، في هذه الانتخابات.. ولاية الفقيه هي على المحكّ.. إن ولاية الفقيه على المحكّ. وكذلك خلافة السيّد علي خامنئي. لقد قالت ابنة السيّد هاشمي رفسنجاني مؤخّرا إن والدها استُبعد نظرا لأنه كبير في السنّ. وأضافت أن هناك من على كواهلهم أعباء أثقل وهم أكثر كبرا في السنّ ومرضى أيضا.. وخامنئي وحده في هذه الحالة، أي مريض، وبالتالي، فإن خلافته تشكّل إحدى مشاكل هذا النظام. ولو (أصبح) السيّد رفسنجاني رئيسا، لطرح ذلك العديد من المشاكل. هذه واحدة من الخصوصيات. الخصوصية الثانية تتعلّق بالأزمة النووية. فالعقوبات والتهديدات بالحرب لم تكن مطروحة سابقا. والسيّد خامنئي انتهج سياسة لو أوتي للشعب أن يختار رئيسا، لرفضها، وهذا شجبٌ لا يمكن للسيد خامنئي أن يقبل به في الوضع الراهن. الخصوصية الثالثة هي أن الشعب، منذ أربع سنوات، لعب دورا في ميزان القوى داخل النظام الإيراني. وقد دفع خامنئي ثمن ذلك غاليا جدا. وهذه المرّة رفض أن يلعب الشعب الدور نفسه. ولذلك، فإن جميع الذين كان يمكن أن يمثّلوا سياسة أخرى استبعدوا. الخصوصية الرابعة هي أن النظام مشلول من الداخل. والبرهان على ذلك أنه بعد أربع سنوات من تولّي السيّد أحمدي نجاد سدّة الرئاسة، لم يستطع أن يُصدر سوى قانون واحد. وهو قانون توزيع (مساعدات) مالية على الأسر. ولم يُكتب لذلك النجاح. الأزمة الاقتصادية خطيرة. ولهذا السبب تلاحظون أن جميع المرشّحين لا يتحدّثون إلاّ عن الاقتصاد. هذا الانقسام داخل النظام، مع رفض ترشيح كل من رفسنجاني ومشائي، يدلّ على أن خامنئي خائف جدا من هذا الانقسام الداخلي بالتحديد. هذا مع العلم أن الحرس الثوري في هذه المرة يسيطر على الدولة وعلى الاقتصاد. السيد رفسنجاني لا يريد أن يُهيمن الحرس الثوري على كامل الدولة وهم يريدون ذلك. فهو لا يريد تقاسم هذه السلطة.

* هل تعتقد أن هذا التحوّل نوعي؟ بمعنى أنه بعد رحيل خامنئي سيصعب على الحرس الثوري أن يجد بديلا له؟ سيأخذ زمام السلطة بيده؟ - بالتأكيد، إنهم بحاجة إلى غطاء شرعي. ولهذا السبب هم بحاجة إلى السيد خامنئي. وإذا توفّي خامنئي، سيجدون ملاّ آخر. أي شخص آخر يتيح لهم الاستمرار في حكم إيران دون أن يُعتبَروا غير شرعيّين. لذا، ومن وجهة نظري، فليس خامنئي هو الذي يحكم حاليا، بل الحرس الثوري هو الذي يمسك بزمام الحكم. إنه بمثابة حزب سياسي مسلّح يُمسك في الوقت نفسه بالدولة والاقتصاد. هذا الحزب، في الداخل.. لنقل إنه منقسم على نفسه. ويمكن أن نميّز فيه ثلاثة اتجاهات. واحد مؤيّد لخامنئي، وفي يده كلّ شيء. يسيطر على كلّ شيء. وواحد معارض، وهم من مؤيّدي أحمدي نجاد أو هاشمي رفسنجاني أو الإصلاحيين. وهناك اتجاه ثالث، أولئك الذين يعتبرون أن الوضع خطير وأنه لا يمكن أن يستمرّ على حاله. وذهب كبار مسؤوليه لزيارة خامنئي وتنبيهه.. لكنه أجابهم: «أنا القائد الأعلى وأعرف ماذا أفعل».

* هناك ثمانية مرشحين بارزين من بينهم حسن روحاني وعلي أكبر ولايتي، ولكن يبدو أن السيد سعيد جليلي ربما يكون الأكثر حظا. فهل يعد جليلي مرشّح المرشد؟ - في البداية، كان قاليباف. قال ذات مرّة، وكان في إيطاليا يومها: «لقد حصلت على موافقة المرشد. والحرس الثوري أنفق الكثير ليكون مرشّحا مقبولا. وشق الطرقات وشيّد القنوات وغير ذلك في طهران. غير أني أعلم أن جزءا من الحرس الثوري غير موافق عليه. وهؤلاء قدّموا جليلي ليكون مرشّحهم. ويبدو أن مجتبي، ابن خامنئي يؤيّده، على الأقلّ في اللحظة الراهنة. لأن الأمور تتغيّر في إيران كلّ 24 ساعة! مجتبي خامنئي يؤيّد حاليا محمد باقر قاليباف. لكن الأمور ستتغيّر. وسنرى قبل 24 ساعة من الانتخابات ونعرف من سيصبح رئيسا.. هناك أمور مقرّرة، لكنها قد تتغيّر. فانظر، إنهم ثمانية مرشحين الآن. وهم أقنعة لمرشّح واحد. فكلّ شيء متوقف على خامنئي.

* الآن أريد أن أعود بك للذاكرة قليلا. توقعت في 1981 بأنه بسبب الأحوال الاقتصادية والحرب مع العراق وأسلوب «النظام في قمع شعبه» أن الشعب سيثور. لكن هذا لم يحدث.

- في تاريخنا.. وفي الانقلاب الذي وجّه ضدّي، وفي الحقيقة ضدّ الثورة وضدّ التجربة الديمقراطية شيء دموي.. ولم نعرف في تاريخنا ثورة دموية مثل هذه، حيث أريق دم كثير. من 1981 وحتى اليوم. لا تتوقف آلة الإعدام عن العمل. المجازر في مدن مختلفة مستمرّة. الإرهاب في بلدان مختلفة في سائر أنحاء العالم. كلّ ذلك يعني أن هذا الشعب قد قاوم، وبشكل لم يكن يتوقعه أحد. والسيد خامنئي، لفرط خوفه من هذا الشعب، يرفض أشخاصا مثل مشائي وهاشمي رفسنجاني. لا ننسى أن هذا الأخير رمز للجرائم والفساد والخيانة والحرب.. ومع ذلك، لمجرّد أن الشعب حاليا يعتبره شخصية مستقلّة.. إنه مستقلّ بهذا القدر أو ذاك بالنسبة لخامنئي. ولأن خامنئي خائف من الشعب، فقد رفض ترشيحهما. كنتُ على حق عندما قلت إن هذا الشعب سينتفض. ولا زال تمرّده قائما حتى اليوم.

* حدثت انتفاضات في العالم العربي خلال العامين الماضيين. وهناك مراقبون يربطون بين ما يحدث في العواصم العربية بما جرى في إيران خلال مظاهرات عام 2009. ولكن تمّ التعامل مع المعارضة بشكل قاس. هل تعتقد أن الشعب الإيراني يمكن أن يثور مجددا بسبب نتائج الانتخابات القادمة؟ - في إيران، الانتخابات حصلت.. يعرف الشعب منذ الآن من سيصبح رئيسا. يعرف أن الذي سيصبح رئيسا لن يكون سوى أداة بيد السيد خامنئي. وما يمنع الشعب من الدخول في عمل من أجل المرحلة النهائية هو أنه خائف. خائف من الوضع في سوريا. خائف من أن تصبح إيران أفغانستان ثانية. أو سوريا ثانية أو عراقا ثانيا. وبرأيي فإن التغيير سيكون طويلا لكنّه مؤكّد.

* بشأن سوريا. تخوض إيران اليوم علنا، عبر حزب الله وفصائل شيعية عراقية وإيرانية، حربا في سوريا. هل تعتقد أن ذلك سينعكس سلبا على المصالح الإيرانية في المستقبل؟ - يجب أن أقول بدايةً إن الشعب السوري شعب بائس، فقد أصبحت سوريا مسرحا لحرب دولية. ليس هناك إيران وحزب الله فقط. الولايات المتحدة أيضا موجودة هناك. أوروبا ودول الخليج.. الجميع هناك. وهذا بالنسبة لي أمر مؤسف جدا. أعتقد أنه كان على العالم العربي أن يحل المشكلة ولا يترك الجميع يتدخّلون بالسلاح. يأتي الجميع مسلّحين، ممّا يعطي صورة لا تُطاق. فيما يتعلّق بإيران، أنا مع مبدأ الاستقلال. وهذا يعني أنه لا يحق لأي بلد أن يتدخّل في شؤون بلد آخر. وبالتالي، لستُ موافقا على ما تقوم به إيران في سوريا. كما أنني لا أوافق على ما يقوم به الآخرون في سوريا. وبالتأكيد، سيؤثر ذلك على إيران. ما يقوم به النظام الإيراني، من وجهة نظر العالم العربي، وكما تراه بلدان أخرى في العالم، يُعتبر وكأنه نابع من الإيرانيين وكأن الإيرانيين يقومون به. والحال أن الإيرانيين غير موافقين على ذلك. وعندما يتظاهرون، فإنهم يقولون: «بدلا من الاهتمام بسوريا، اهتمّوا بنا».

* لقد أنفقت أموال كثيرة من قبل الحرس الثوري في سنوات متعاقبة على العمليات الخارجية. هناك من يرى أن الحرب السورية هي حرب استنزاف اقتصادية لإيران. - دعمت إيران حزب الله بالسلاح والمال. ويعلم ذلك الجميع. يقولون إن حزب الله هو الوحيد الذي تصدّى لإسرائيل ويعني ذلك (بالنسبة للنظام) أن إيران على حق في دعمها له. ولا يسعني إلاّ أن أحترم، لا بل أن أحيّي مقاومة حزب الله في وجه الإسرائيليين. ولكن بأي ثمن؟ الشعوب بحاجة للاستقلال والحرية والتقدّم. وأنا لا أوافق على أن يحلّ تنظيم مسلّح محل شعب. وما ألاحظه هو أن الشعب اللبناني ليس مستقلا فعلا ولا حرّا. والنتيجة أن تنظيم شؤون حزب الله وصرف الأموال له، لا يوازي التضحية بحرّية شعب واستقلاله وتقدّمه. ولهذا السبب أنا ضدّ الكفاح المسلّح في سوريا وفي أفغانستان وفي العراق.. أنا مع أن تضطلع الشعوب بمصيرها. واقتصاد الحرب يُضعف مجمل بلداننا. وخير دليل على ذلك حالة الاقتصاد الإيراني.

* في حوار أجريتموه مع مجلة «المجلة» أغسطس (آب) 1981، كتب الزميل أمير طاهري عن الحراسة المشددة التي فرضتها عليك السلطات الفرنسية خوفا عليك. اليوم، ما زالت الحراسة موجودة كما شاهدنا. هل ما زال النظام يخشى رجالا مثلك في الخارج؟ - في ذلك الوقت، خرجت من إيران وصرّحت أني جئت إلى فرنسا لأكشف عن العلاقات العضوية بين الخمينية و«الريغانية» وأضفت: هناك تسوية سرّية بين ريغان وبوش حول الرهائن. وحول فضيحة «إيرانغيت». في تلك الفترة كانت التهديدات يومية. وقد ألقي القبض في فرنسا على شخص (قالت عنه الصحف إنه إيراني) يحمل حقيبة متفجرات ويستهدف قتل بني صدر. لكن النظام خائف اليوم. خائف من البديل. يعرف أنه لا يستطيع أن يحكم وهو في طريق مسدود. ويظهر هذا الخوف في الدعاية التي يُطلقها كلّ يوم. وآخر واحدة كانت عبارة عن فيلم وثائقي مزعوم تمّ بثه على التلفزيون وهو يشبّه أحمدي نجاد ببني صدر. باعتبار أن بني صدر عارض الإمام الخميني وأحمدي نجاد يعارض خامنئي. جزء من الدعاية الرسمية في أجهزة إعلام الدولة (راديو، تلفزيون، صحف، صلاة الجمعة..) تتعلّق ببني صدر. وهذا له معنى.

* خلال الثلاثين عاما التي مضت، هل حاول النظام التصالح معك، أو فتح باب الحوار.. أم أنك كنت ترفض؟ - في فترة السيّد الخميني، نعم. قبل ثلاثة أشهر من نهاية الحرب، أرسل الخميني شخصا إليّ وهو السيّد مصباحي، الذي قدّم شهادة أمام المحكمة في ميكونوس. جاء وطلب مني العودة إلى إيران. وأضاف إن الخميني يقول لك تعال وسنفعل كلّ ما تشاء. فأجبته: لا أريد سوى الحرية. وهذا لا يستلزم عودتي. على الشعب أن يحظى بحريته. أعيدوا الحرية للشعب، فسأعود. هذا ما قلته له وأضفت: اذهب وأبلغ السيّد الخميني: «من مصلحتك ومصلحة الإسلام ومصلحة الشعب الإيراني أن تظهر على التلفزيون وتعتذر من الشعب الإيراني وتعتذر عن كلّ ما قمت به. هذا ما يمكن أن يُعتبر انفجارا معنويا». إذا كان مستعدا لذلك، يمكنني أن أعود. أعرف أنكم خسرتم الحرب. لهذا السبب أرسلكم إليّ. لقد خسر الحرب. وبالتالي، فسيكون لعودتي معنى. يمكننا أن نعيد بناء هذا البلد في الاستقلال والحرية. فأجابني مصباحي: هل يمكن أن تعدّ قائمة أرفعها إليه؟ أجبته بالنفي. لن أكتب شيئا. «قلت لك ما عندي أن أقوله». عاد. وبعد شهر، جاء من جديد. لا بدّ أن أقول لكم إني كنت أعرف وضع الذين يحكمون إيران وأعرف أن السيد مصباحي هذا كان ممنوعا عليه الدخول إلى فرنسا. فاتصلت بمحام صديق وطلبت منه أن يتصل بالحكومة الفرنسية، كي تعرف أن السيد الخميني يرسل شخصا إليّ. وأن هذا الشخص هو مصباحي. وهو بحاجة لترخيص. وقد استقبله مسؤولون فرنسيون في المطار وجاءوا به إليّ. وبعد ذلك أعطيت مقابلة صرّحت فيها أن السيد الخميني أرسل شخصا ليقابلني. وبذلك لا مجال للتكذيب. عاد بعد شهر، ونقل إلي عن الخميني: «قولوا لابني - أصبحت ابنه من جديد - إن الوضع سيئ. تعال إلى إيران. وأؤكّد لك مجدّدا أني سأفعل كلّ ما تطلب».

* لكنه كان دائما يسميكم تسميات سيئة (منافقون).. ويهاجمكم أنتم شخصيا. فكيف يُرسل لك رسالة ودّ وفي ذات الوقت يهاجمك؟ - لم ينعتني يوما بالمنافق. كان يقولها عن مسعود رجوي وجماعته. عندما أرسل إلي السيد الخميني ذلك الشخص، اعتبرتُ أنه يريد أن يخدعني. كان يريد أن أعود إلى إيران، لأنه كان يعرف أنه خسر الحرب ولا يريد أن يقوم شخص مثلي بتأنيبه على ذلك، على خسارته لحرب كنّا قد ربحناها قبل 8 سنوات. والدليل أنه عندما رجع السيد مصباحي ليرفع إليه جوابي، بدل أن يفتح الأفق السياسي في البلد، عمل العكس.. أعطى الأوامر باغتيال معتقلين في السجون وأعدم منهم 4000. وهذا يعني عدم وجود أي انفتاح. كلّ ما كان يريده هو بني صدر في إيران، تحت سيطرته. واغتياله عند الاقتضاء.. هذه قصّة طبيعية تتكرّر في التاريخ وفي العديد من البلدان. يحاول رجال الحكم في الديكتاتوريات اجتذاب أعدائهم ليتخلّصوا منهم. هذا ما فعله صدّام عندما استدعى صهريه من الأردن.

* هناك أشخاص اتهموك بأنك كنت على صلة بصدّام حسين؟ - هذا غير صحيح. ولكن بعد أوّل حرب أميركية على العراق، جاءت شخصية فرنسية تقابلني وقالت لي إن السيّد صدام حسين يدعوك إلى العراق. سيستقبلك كرئيس دولة مع كلّ الحفاوة والمراسم. أجبته أن السيّد الخميني لم يستطع أن يستخدمني لأهدافه. فكيف تريدني أن أصبح أداة بيد صدام حسين؟ بدل ذلك، أقترح عليكم شيئا أنتم الوحيدون القادرون على تحقيقه: إقامة الديمقراطية، ولا أقول فورا، ولكن مع الوقت. وإلاّ، لن تتمكنوا من حكم العراق. خسرتم حربين. حمّلتم الشعب العراقي الكثير من الأضرار. والعالم كلّه ضدّكم. كيف تريدون أن تحكموا؟ مع الأسف، لم يسمع ما قلته. ورأينا ماذا كان مصيره..

* هل نستطيع المقارنة بين حزب البعث سواء في نسخته السورية أو العراقية مع عقيدة الحرس الثوري الآن؟ - كعقيدة، لا. كتنظيم، نعم. قلّد النظام الإيراني تنظيمات قمعية سورية وعراقية وتخطّاها. والآن إيران هي التي تعلّم القمع لنظام الأسد.

بني صدر في سطور

* ولد في مدينة همذان، بغرب إيران، يوم 22 مارس (آذار) 1933 في أسرة ذات مكانة دينية. وكان أبوه من المقربين لآية الله روح الله الخميني، مفجر الثورة الإيرانية.

* تلقى تعليمه الجامعي متخصصا بالاقتصاد في جامعة باريس - السوربون، وكان ناشطا في الحركة الطلابية المناوئة لحكم الشاه خلال عقد الستينات من القرن الماضي. واعتقل مرتين، كما أصيب بجروح خلال انتفاضة 1963.

* بعد فراره من إيران إلى فرنسا، التحق بصفوف المعارضة الإيرانية هناك تحت قيادة الخميني – المنفي في فرنسا آنذاك، وعاد مع الخميني على أثر نجاح الثورة في مطلع عام 1979.

* كان أول منصب يتولاه بعد نجاح الثورة منصب نائب وزير المالية بين 4 و27 فبراير (شباط) 1979. وفي أعقاب استقالة علي أردلان وزير المالية في الحكومة المؤقتة، عينه رئيس الوزراء مهدي بازركان وزيرا للمالية.

* يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، حل محل الدكتور إبراهيم يزدي في منصب وزير الخارجية بحكومة «مجلس الثورة الإسلامية»، ومن ثم عين رئيسا للمجلس بعد وفاة رئيسه آية الله محمود طالقاني، واحتفظ بهذا المنصب حتى انتخابه رئيسا للجمهورية.

* انتخب رئيسا للجمهورية يوم 25 يناير (كانون الثاني) 1980 لفترة رئاسية من أربع سنوات، وتولى المنصب رسميا يوم 4 فبراير. غير أن العلاقات بينه بين الخميني سرعان ما توترت، وسط حالة من العداء بينه وبين الملالي وعلى رأسهم آية الله محمد بهشتي، رئيس المحكمة العليا والأمين العام لـ«حزب الجمهورية الإسلامية» (جمهوري إسلامي) الذي قتل في تفجير ضخم استهدف مقر الحزب مع 71 قياديا وعضوا وآخرين.

* بعد يوم واحد من تصويت «مجلس الشورى» على اتهام بني صدر، وقع الخميني وثائق الاتهام، وهاجمت قوات «الحرس الوطني» مباني الرئاسة، واعتقل كثيرون من مؤيديه، كما جرى خلال الأيام التالية إعدام عدد من المقربين من بني صدر، بينهم حسين نواب ورشيد صدر الحافظي ومنوشهر مسعودي، وفي وقت لاحق جرد أبرز داعميه من الملالي، آية الله حسين منتظري، من صلاحياته. كذلك حظرت جميع الأحزاب باستثناء «حزب الجمهورية الإسلامية».

* بعد فترة أمضاها بني صدر متخفيا في طهران، نجح ناشطو حزب «مجاهدين خلق» الذين كانوا يحرسونه في تهريبه مع مسعود رجوي، زعيم ذلك الحزب، بطائرة عسكرية إلى فرنسا يوم 28 يوليو (تموز) 1981.

* يقيم بمقر إقامته الحالية بفرنسا منذ مايو (أيار) 2013.