أردوغان يبقي على جولته المغاربية رغم الاحتجاجات.. وطائرته تأخرت ساعتين عن موعدها في الرباط

«العدالة والتنمية» المغربي مهتم بالنموذج التركي في الإقلاع الاقتصادي ومواجهة الأزمة

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية لدى استقباله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الرباط أمس (رويترز)
TT

أبقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على برنامج جولته في منطقة المغرب العربي التي استهلها أمس بالرباط رغم المظاهرات المعادية لحكومته، التي تشهدها تركيا منذ ثلاثة أيام. وتأخرت طائرة أردوغان في الوصول إلى العاصمة المغربية. ورغم الاضطرابات التي تعرفها بلاده، فإن أردوغان كذب كل التكهنات التي راجت حول احتمال تأجيل زيارته الرسمية للمغرب، وحل أمس في الرباط على رأس وفد عالي المستوى يضم وزراء من حكومته ونحو 172 من رجال الأعمال، بيد أن طائرته تأخرت ساعتين عن موعد وصولها.

وبدأ أردوغان زيارته الرسمية للمغرب بزيارة ضريح العاهلين المغربيين الراحلين الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، قبل أن يتوجه إلى مقر رئاسة الحكومة الواقعة في القصر الملكي حيث أجرى مباحثات مع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، ومن هناك توجه إلى مقر وزارة الخارجية حيث سيحضر مع أعضاء الوفد المرافق له جلسة عمل مع وزير الخارجية المغربي سيتم خلالها التوقيع على عدة اتفاقيات.

وهذه ثاني زيارة يقوم بها أردوغان للمغرب، وجرت زيارته الأولى سنة 2005، عشية دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التطبيق مع بداية 2006. غير أن الجديد هذه المرة هو أن الحزب الذي يقود الحكومة المغربية هو حزب العدالة والتنمية، ذو التوجه الإسلامي، المقرب جدا من حزب العدالة والتنمية التركي سواء من حيث الاسم أو المرجعية الإسلامية المعتدلة، رغم أن قيادييه يشددون على أنه نتاج تجربة مغربية محضة. ويرى إدريس بوانو، عضو لجنة العلاقات الخارجية في حزب العدالة والتنمية المغربي مكلف العلاقات مع تركيا وآسيا، أن «هذه الزيارة تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما أنها تشكل دعما لمسار الإصلاح المغربي المتشابه إلى حد ما مع المسار التركي».

وقال بوانو لـ«الشرق الأوسط» إن حزبي العدالة والتنمية في تركيا وفي المغرب يتقاسمان نفس التوجه الذي يهدف إلى الإصلاح في إطار الاستقرار. وأضاف: «عندما تولى حزب العدالة والتنمية إدارة شؤون تركيا كانت البلاد تجتاز أزمة اقتصادية خانقة، مع مستويات غير مسبوقة من التضخم والبطالة في سنة 2001. واستطاع الحزب أن يقود تركيا ليس فقط خارج الأزمة بل جعل منها قوة اقتصادية أصبحت تحظى باهتمام واحترام الجميع. فقد تبوأت تركيا اليوم المرتبة السادسة بين الاقتصادات الأوروبية الـ27، كما أنها تحتل المرتبة الـ17 عالميا، وتطمح أن تكون ضمن العشرة الأوائل في 2020. ونحن في المغرب، خصوصا في حزب العدالة والتنمية المغربي، مهتمون بالوصفة التركية التي مكنت الاقتصاد التركي من استرجاع عافيته وتحقيق إقلاعه، ونتطلع للاستفادة من هذه التجربة، انطلاقا من خصوصياتنا وتجربتنا الخاصة». وأضاف بوانو أن التجارة البينية عرفت توسعا كبيرا منذ دخول «التجارة الحرة» حيز التطبيق. غير أن حجم التجارة بين المغرب وتركيا لا يزال في مستوى جد متواضع مقارنة بالإمكانات والفرص المتاحة. وأضاف: «حجم التجارة بين البلدين يصل اليوم إلى 1.5 مليار دولار، ونعتقد أنه يمكن أن يبلغ بسهولة خمسة مليارات دولار خلال السنوات المقبلة إذا ما توفرت الظروف. وهذا من بين أبرز أهداف الزيارة التي يقوم بها الوزير الأول التركي. كما أن هناك إشكالية العجز التجاري الكبير لصالح تركيا، والذي يتطلب أيضا مباحثات خاصة مع المسؤولين الأتراك من أجل تعديله. ومن بين الاقتراحات التي سيتقدم بها المغرب في هذا الصدد دعوة رجال الأعمال الأتراك إلى مزيد من الاستثمارات المباشرة فيه، واتخاذه منصة للإنتاج والتصدير نحو أسواق أوروبا وأفريقيا وأميركا التي تربطنا معها اتفاقيات التجارة الحرة». ويرى عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن حجم الوفد الاقتصادي المرافق لأردوغان يعتبر مؤشرا على أن القضايا الاقتصادية ستحظى بالأولوية في جدول أعمال زيارته للمغرب، بيد أن هناك قضايا سياسية كبيرة تتلاقى فيها مواقف البلدين، خصوصا الأزمة السورية والوضع في الساحل والصحراء. وقال البلعمشي لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تنظر إلى المغرب أيضا انطلاقا من استراتيجيتها التوسعية في أفريقيا، والتي يمكن أن يشكل المغرب حلقة رئيسة فيها نظرا لمزاياه كبوابة لأفريقيا، ونظرا لاستقراره ولمؤهلاته كشريك قوي في مجال التجارة والأعمال بالمنطقة.

وأضاف: «سياسيا هناك تقارب كبير في وجهات النظر بين المغرب وتركيا، وعلاقات طيبة. وهناك أيضا إرادة قوية لتطوير العلاقات الثنائية التي تعكسها هذه الزيارة».

وعرفت التجارة والاستثمارات بين البلدين توسعا قويا منذ انطلاق «التجارة الحرة» سنة 2006. واستقطبت مشاريع البنيات التحتية الضخمة التي أطلقها المغرب في السنوات الأخيرة الشركات التركية، التي فازت بالعديد من عقود الأشغال في مجالات الطرق البرية والموانئ والإنشاءات. وتعكس تركيبة الوفد الاقتصادي المرافق لرجب طيب أردوغان هذا التوجه، إذ يضم أزيد من 50 شركة متخصصة في مجالات الإنشاء وتصنيع مواد وتجهيزات البناء. كما يضم الوفد أزيد من 20 شركة متخصصة في الصناعات الغذائية، و15 شركة في الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والتعدين، و11 شركة في صناعات النسيج والجلد والألبسة، وثماني شركات في صناعة السيارات وأجزاء السيارات، وسبع شركات في مجالات التقنيات الجديدة.