قادة أحزاب يطالبون الرئيس المصري بتجنب استبعاد الخيار العسكري ضد إثيوبيا

تقرير أكد وجود «مشاكل إنشائية كبيرة» بسد «النهضة»

TT

رفعت مصر من حدة خطابها السياسي تجاه إثيوبيا التي تعتزم بناء سد على النيل الأزرق، وهو المورد الرئيس لحصة مصر في مياه النيل. وقال زعماء سياسيون في القاهرة أمس خلال لقاء جمعهم بالرئيس محمد مرسي إنه لا يجب استبعاد الخيار العسكري لحسم الأزمة.

وشرعت إثيوبيا في تحويل مجرى النيل الأزرق عقب يوم واحد من عودة الرئيس مرسي من زيارة إلى أديس أبابا، تمهيدا لبناء سد النهضة على النيل الأزرق. وتقول إثيوبيا إن السد الجديد يستهدف توليد الكهرباء ومن ثم فهو لا يؤثر على تدفق مياه النيل إلى دولتي المصب (السودان ومصر).

وقال الرئيس مرسي، خلال لقاء تم بثه على الهواء مع قيادات سياسية بارزة، إن «ما نواجهه في ما يخص ملف نهر النيل يستوجب من كل الأطراف الاصطفاف صفا واحدا، لكي نعمل على منع وقوع أي تهديد لمصر بأي شكل من الأشكال»، مضيفا أن مصر هبة النيل، والنيل هبة الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يمنعها أو يعوقها، مؤكدا أنه لن يغض الطرف عن أي محاولة للمساس بحصة مصر في نهر النيل.

وتابع أن «مؤسسات الدولة تتحمل المسؤولية كاملة في ما يخص نهر النيل، بدءا من الرئيس، مرورا بالحكومة والمسؤول المباشر عن ملف النيل»، مشيرا إلى أن الأمن المائي جزء من المفهوم الشامل للأمن.

وحذر تقرير اللجنة الثلاثية الذي رفع إلى الرئيس المصري من مخاطر فترة ملء سد النهضة خلال سنوات الجفاف، وقال ملخص لنتائج تقرير اللجنة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الدراسات أوضحت أنه «في حال ملء الخزان (خزان سد النهضة) في فترات الجفاف فإن منسوب السد العالي (في مصر) يصل إلى أقل منسوب له لمدة أربع سنوات متتالية، مما سيكون له تأثير بالغ على توافر المياه اللازمة للري وعدم القدرة على توليد الكهرباء لفترات طويلة».

وانتقد التقرير عدم توفير الجانب الإثيوبي لعدد من الدراسات المهمة، مشيرا إلى أنه لا توجد دراسة عن تأثير انهيار السد، معتبرا أنها دراسة أساسية يجب إتمامها قبل الشروع في الإنشاءات. ويخشى خبراء مصريون من احتمالات تعرض السد العالي إلى الانهيار جراء انهيار محتمل لـ«سد النهضة»، خاصة أن التقرير أكد أن تصميمات السد المزمع إنشاؤه تضمنت «مجموعة كبيرة من المشاكل الإنشائية والجيولوجية»، بحسب نص التقرير الذي جاء في أكثر من 600 صفحة.

وقال مرسي خلال كلمته أمس إن أهمية ملف الأمن المائي دعته لعرض الأزمة على كل القوى السياسية بشفافية تامة، مشيرا إلى أن دعوته للاجتماع جاءت بعد توافر المعلومات الشاملة عن ملف سد النهضة حتى تبني القوى السياسية آراءها ومقترحاتها وتكليفاتها على أساس دقيق، وبالتالي تقوم القيادة السياسية والتنفيذية بدراسة ما يمكن تنفيذه.

ودعا الرئيس مرسي أول من أمس إلى اجتماع طارئ للقيادات السياسية الرئيسة في البلاد التي تشهد انقساما حادا وتجاذبات بشأن طريقة الحكام الجدد في إدارة شؤون الدولة. وغاب عن الاجتماع قيادات بارزة في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة التي تستعد للتظاهر نهاية الشهر الحالي لإجبار الرئيس مرسي على الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وتأتي دعوة مرسي للقاء القيادات السياسية بعد يوم واحد من تسلمه تقريرا أعدته لجنة ثلاثية حول سد النهضة وتأثيره على حصة مصر في مياه النيل. والتقى مرسي أيضا أول من أمس بالخبراء المصريين المشاركين في وضع التقرير الذي أشار إلى وجود تأثيرات سلبية على حصة مصر التي تحددها اتفاقات دولية تاريخية.

وقال الرئيس مرسي إن «العلاقات بين مصر والقارة الأفريقية شهدت نوعا من البعد والوقيعة وبالأخص مع إثيوبيا (...) ونحن نعود لنضع أقدامنا بكل ثبات في القارة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود تنافس وصفه بـ«الشكلي» بين جنوب أفريقيا ومصر في مسائل خاصة بالقارة في تمثيل أفريقيا في مجلس الأمن، مشيرا إلى أن مصر تعد المدخل الرئيس لشركات ضخمة في العالم تريد أن تستثمر في أفريقيا.

ورفع رؤساء الأحزاب أمس من سقف الخيارات المصرية تجاه التعامل مع الأزمة، وقال عدد منهم إن الخيار العسكري غير مستبعد. واعتبر الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذي ينتمي له الرئيس مرسي، أن الآثار السلبية لسد النهضة قضية أمن قومي بالنسبة لنا كمصريين، مشددا على أن المياه مسألة «حياة أو موت»، واصفا تقرير اللجنة الثلاثية بـ«غير المطمئن»، وتابع «علينا إثبات قدراتنا على حقوقنا المائية».

من جانبه، قال الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، إننا نحتاج إلى فريق دبلوماسي يجمع بين الدبلوماسية الشعبية والرسمية، ليعمل على ثلاثة محاور تشمل دول الجوار الإثيوبي، واستخدامها للضغط على إثيوبيا، مضيفا «لا يجب استثناء التلويح باللجوء إلى الحل العسكري، وإن كان مستبعدا في الوقت الحالي».

كما شدد الدكتور أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط المقرب من الرئيس مرسي، على ضرورة التلويح باستخدام الخيار العسكري ضد إثيوبيا، مشيرا إلى أن هذا الخيار من شأنه الإسراع من وتيرة المفاوضات لإنجاحها.