متمردو الحركة الشعبية في شمال السودان يؤكدون استعدادهم للتفاوض.. والخرطوم ترفض

كبير مفاوضي الحركة لـ«الشرق الأوسط»: لا رجاء ولا أمل لنا في هذا النظام.. ونضع آمالنا على شعب السودان

TT

قالت الحركة الشعبية في شمال السودان إن استراتيجية الرئيس السوداني عمر البشير هي مواصلة الحرب في البلاد لأنه مطلوب إلى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور، ودعت الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي للقيام بواجباتهما لتنفيذ القرار 2046، وشددت على أنها لا أمل لها ولا رجاء من النظام الحاكم، فيما جددت الخرطوم رفضها في التفاوض مع الحركة الشعبية في الشمال، لكنها فتحت الباب أمام التفاوض مع من سمتهم أبناء ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق من حملة السلاح، في وقت اتهم فيه رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني محمد عطا دولة جنوب السودان بدعم المتمردين ضد بلاده.

وقال كبير مفاوضي الحركة الشعبية وأمينها العام ياسر عرمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن استراتيجية الرئيس السوداني عمر البشير هي الحرب. وأضاف «البشير مطلوب للعدالة الدولية، ولذلك يعمل على خلق أزمات جديدة ومواصلة الأزمات القائمة، وأن خلاصه الشخصي يكمن في استمرار السودان في الحروب والأزمات». وقال إن البشير يرى أن المكان الوحيد لحمايته من الهروب من يد العدالة الاستمرار في الحكم، وتابع «هو - البشير - يعمل على إدخال القوات المسلحة في حروب دائمة حتى كادت القوات المسلحة تنهار، ولا يرى في حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه سوى استخدامه كأداة لاستمراره في الحكم». وذكر أن ما تسعى إليه حركته أن توضح هذه المواقف إلى الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي اللذين يتبنيان القرار 2046 الذي أصدره المجلس في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وقال «البيان الذي أصدرناه أنه لا رجاء ولا أمل لنا في نظام الخرطوم.. فنحن نضع كل آمالنا على الشعب السوداني للقيام بالتغيير»، وأضاف «ونطلب من الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي أن يقوما بواجباتهما».

وكشف عرمان عن أن اتصالا جرى بينه وبين كبير موظفي الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي، وقال إن الآلية ستصدر دعوة لاستئناف المفاوضات في السادس من يونيو (حزيران) الحالي، مؤكدا استعداد حركته للوصول إلى وقف العدائيات لأغراض إنسانية لتوصيل الطعام لجميع المحتاجين، معتبرا أن تصريحات قادة النظام السوداني برفض التفاوض ستعمق من الكارثة الإنسانية، وأنها موجهة في الأساس ضد المدنيين. وقال «النظام عاقب المدنيين برفضه توصيل الطعام لهم لمدة عامين، وهي جريمة حرب لا تسقط بالتقادم». وأضاف «رفض قادة النظام للتفاوض يعني الرفض الصريح لقرار مجلس الأمن الدولي (2046)، وعلى المجلس أن يعاقب الطرف الرافض لهذا القرار»، وقال إن الحركة الشعبية تجري اتصالات أفريقيا ودوليا في هذا الصدد، وتابع «النظام درج على التباكي في أوقات الحرب كما درج على رفض التفاوض وكل العروض المقدمة له بوقف العدائيات بما في ذلك ما عرضته الجبهة الثورية من استعدادها للتعاون في معالجة الوضع الإنساني في كل السودان»، وقال إن الخرطوم بهذه المواقف تتحمل مسؤولية تفاقم الوضع الإنساني، محذرا حزب المؤتمر الوطني الحاكم من مغبة قراره القاضي بمنع النشاط السلمي الديمقراطي للمنظمات الطلابية المتفقة مع الجبهة الثورية والتي تعمل بطرق سلمية وديمقراطية داخل الجامعات. وقال «إن ذلك يمثل تدخلا سافرا في حرية الجامعات بوصفها مراكز للبحوث والفكر وخرقا صريحا للدستور وقانون التعليم العالي والجامعات يضاف إلى خروقات النظام الأخرى».

من جهته، قال نائب رئيس وفد الحكومة السودانية في المفاوضات مع الحركة الشعبية في الشمال محمد مركزو كوكو إن وفدا لم يتسلم أي دعوة جديدة من قبل الآلية الأفريقية الرفيعة لاستئناف التفاوض في السادس من يونيو الحالي. ومن جانبه، قال عضو الوفد الحكومي إن المفاوضات إن كتب لها الاستمرار فإنها ستنطلق من حيث توقفت الجولة الأخيرة في أبريل الماضي وفق الأجندة التي تلاها رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثابو مبيكي في المحاور الثلاثة (السياسية، والأمنية، والإنسانية) معا أو متزامنة أو منفصلة، وقال إن المحور الأمني سيظل أساس المحورين الآخرين، حيث لا يمكن الاتفاق في المحور الإنساني من دون حسم الملف الأمني ولا السياسي، واصفا الحركة الشعبية بأنها غير جادة لحل المشكلة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولا تهمها معاناة مواطنيهما.

وكان الرئيس السوداني عمر البشير أعلن قبل عشرة أيام عن رفضه إجراء أي مفاوضات مع الحركة الشعبية في الشمال أو الجبهة الثورية، وقال إنه لا يعترف بالحركة الشعبية التي تخوض حربا مع الحكومة المركزية، وذلك بعد إعلان القوات المسلحة استعادة مدينة (أبو كرشولا) في جنوب كردفان من تحالف الجبهة الثورية الذي يضم الحركة الشعبية وحركة العدل والمساواة، فصيلي تحرير السودان بقيادة مني آركو مناوي وعبد الواحد محمد نور.

إلى ذلك، قال المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، محمد عطا المولى عباس، إن نائب رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، يحاولان تجميع قواتهما مرة أخرى بدعم من دولة جنوب السودان. وأضاف أن ذلك لخدمة الصهيونية والإمبريالية العالمية، مشيرا إلى دخول 37 عربة من دوكة وود أم بريم إلى مناطق المتمردين. وأضاف «نحن في جهاز الأمن جاهزون لمقابلتهم في المعركة الفاصلة بين المجاهدين من قوات جهاز الأمن والمخابرات، والخونة». وأضاف أن أبناء جهاز الأمن انخرطوا في التدريب بالمعسكرات على الأسلحة المعاونة، مؤكدا استعداد الجهاز لتسيير مزيد من الكتائب إلى مناطق العمليات لمواجهة المتمردين.

وترفض جوبا اتهام الخرطوم لها بدعم المتمردين، وهو الاتهام الذي تسبب في عرقلة تنفيذ بروتوكول تعاون بين البلدين في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنهما وقعا اتفاق مصفوفة للتنفيذ في مارس (آذار)، غير أن الخرطوم ظلت تجدد اتهامها منذ هجمات المتمردين على مدن في الوسط الغربي من البلاد في أبريل الماضي.