موسكو تنتقد تساهل واشنطن مع المعارضة.. ولندن ستدرس تسليح «الحر» بعد جنيف 2

بدء أعمال قمة روسيا ـ الاتحاد الأوروبي.. والأزمة السورية في الصدارة

TT

وسط تقارير عن تزويد روسيا صواريخ مضادة للطائرات من طراز إس 300 للنظام في دمشق وقرار الاتحاد الأوروبي رفع الحظر عن تسليح المعارضة، انطلقت أمس أعمال قمة رؤساء «روسيا - الاتحاد الأوروبي» في يكاتيرينبورج عاصمة الأورال، التي تتصدرها الأزمة السورية.

واستبق افتتاح القمة تصريحات من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ حول إمكانية تسليح المعارضة بعد مؤتمر السلام الذي أصبح يعرف بجنيف 2، وتأكيدات من ألمانيا حول معارضتها للحل العسكري ودعوة من موسكو والأمم المتحدة إلى تحريك الوضع السوري واتهام روسيا للولايات المتحدة بعدم الضغط كفاية على المعارضة السورية والتساهل معها في موضوع عملية السلام.

وقال مراقبون للقمة إن جدول أعمالها هو الأكثر سخونة منذ سنوات طويلة ويضم قضايا تتصدرها الأزمة السورية على ضوء ما تردد حول تزويد روسيا نظام الأسد بأحدث الأسلحة وخاصة منظومات صواريخ «إس - 300»، وكذلك قرار الاتحاد الأوروبي حول رفع الحظر المفروض على تسليح المعارضة، إضافة إلى ملف البرنامج النووي الإيراني والتوتر في شبه الجزيرة الكورية إلى جانب قضايا حقوق الإنسان وما يقال حول ملاحقة المعارضة في روسيا وكذلك إلغاء تأشيرات دخول مواطني روسيا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي.

وتوقعت مصادر أن يواصل الزعماء مناقشة الأزمة السورية في اجتماعات اليوم بعد التطرق إليها في اجتماعهم غير الرسمي حول مائدة العشاء الذي أقامه الرئيس فلاديمير بوتين على شرفهم الليلة قبل الماضية.

وأوضح يوري أوشاكوف مساعد الرئيس للشؤون الخارجية أنه إذا أصر الرؤساء المشاركون في القمة على طرح رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة فإن روسيا ستكون مدعوة إلى معاودة تأكيد موقفها من هذا الشأن. ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن أوشاكوف قوله حول «عدم جواز إسقاط الرئيس الأسد بجهود من الخارج وترك البلاد في حالة من الفوضى».

وذكر فلاديمير تشيغوف المندوب الدائم لروسيا في الاتحاد الأوروبي في تصريحات لوكالة «إيتار - تاس» الروسية أن القمة ستتناول «موضوع التسوية السورية ووقف مفعول حظر تصدير أسلحة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا»، مشيرا إلى أن «موقف روسيا الراسخ بهذا الصدد يكمن في أن توريد السلاح إلى أحد طرفي هذا النزاع سيساعد في تصعيده ويعرقل كل الجهود الرامية إلى التسوية السياسية». وأضاف تشيغوف: «إن الاعتقاد بأن رفع مستوى تسليح المعارضة ليعادل تسليح القوات الحكومية يساعد في التسوية السياسية هو فكرة خيالية خطيرة. وهناك وهم آخر لا يقل خطورة، يفيد باحتمال تسليح المعارضة المعتدلة دون أن يقع السلاح في أيدي المتطرفين، علما أنه قد بدأت اشتباكات بين مختلف فصائل المعارضة السورية. وإذا انطلقنا من منطلق عسكري بحت فيمكن القول إن المجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة تعتبر الأقوى من ناحية قدرتها القتالية».

وفي هذا السياق قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن لندن لن تبت في أمر تسليح المعارضة السورية إلا بعد «جنيف 2» الذي لم يحدد له بعد موعد وإن توقع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عقده في يوليو (تموز) المقبل. وأضاف هيغ في مقابلة لصحيفة «فرانكفورتر الجماينه تسايتونج» نشرت أمس أن الأولوية هي للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وروسيا لدفع الطرفين المتحاربين إلى طاولة المحادثات وإن كان «لا يشعر بالتفاؤل بدرجة كبيرة»، مستطردا أن «القرار الخاص بتسليم أسلحة فتاكة سيعتمد على كيف ستسير هذه المفاوضات وعلى تصرفات دول أخرى».

وفي رد على المنتقدين لقرار رفع الحظر عن تسليح المعارضة قال هيغ إن الوقت غير متأخر لتسليح مقاتلي المعارضة رغم المخاطر التي ينطوي عليها ذلك خاصة أنه لا تلوح في الأفق نهاية للحرب في سوريا، مشددا على «نريد حلا سياسيا بأسرع ما يمكن. وللأسف لا نعرف ما إذا كان هذا الحل سيتوفر. الصراع يمكن أن يستمر شهورا بل سنوات».

ويؤيد الحل السياسي وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله الذي قال إنه يسعى إلى حل سياسي وليس عسكريا في النزاع السوري. وأضاف فيسترفيله في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية في عددها الصادر أمس: «أعارض بشدة الحل العسكري في سوريا لأنه لن يجلب استقرارا مستداما أو سلاما دائما. الحل السياسي، كما صور قبل عام في مؤتمر جنيف الأول، سيظل وفقا للأوضاع الراهنة الطريق الوحيد لبداية جديدة دائمة واستقرار في سورية».

وناشد فيسترفيله مجددا المعارضة السورية التي ترفض المشاركة في ظل وجود بشار الأسد على رأس النظام «بأن تعي مسؤولياتها والتزاماتها. من الممكن أن يكون المؤتمر إسهاما في حل سياسي بسوريا»، محذر روسيا من تزويد النظام الرئيس السوري بمزيد من السلاح، وقال: «تحدثت شخصيا مع نظيري الروسي سيرغي لافروف منذ فترة ليست ببعيدة حول عزم روسيا توريد أسلحة لسوريا»، معتبرا أن ذلك سيكون «خطأ فادحا»، وقال: «روسيا أخذت مع الولايات المتحدة زمام مبادرة مؤتمر السلام، لذلك ينبغي على موسكو أن تتخلى عن كافة الأمور التي قد تعرقل نجاح مؤتمر صعب للغاية بشأن سوريا».

من جانبه اتهم سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الولايات المتحدة بعدم ممارسة ضغوط كافية على المعارضة السورية حتى تشارك في مؤتمر السلام. ونقلت الوكالة عن ريابكوف قوله «من وجهة نظرنا الولايات المتحدة لا تبذل بالتأكيد جهدا كافيا فيما يتعلق بالضغط على المعارضة السورية حتى تحضر المؤتمر الدولي». وقال إنها «لا تؤثر على مجموعات المعارضة السورية بالشكل المطلوب وهو أولا، لمصلحة المؤتمر الدولي الذي نعمل من أجل انعقاده، وبحضور ممثلي المجموعات المعارضة وثانيا، لكي لا تسمح الولايات المتحدة بمحاولات المعارضة فرض شروط مسبقة، ومعروف أن الشرط الرئيس لأغلب فصائل المعارضة السورية الخارجية، هو تنحي الرئيس بشار الأسد. وهذا أمر غير مقبول ولا يمكن الاتفاق على هذا الأساس».

أما عن اجتماع التحضير للمؤتمر الدولي الذي من المقرر أن يبدأ غدا في جنيف فقالت الخارجية الروسية إنه صار من المقرر أن تشارك فيه موسكو بوفد يترأسه نائبا وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف وغينادي غاتيلوف بعد أن سبق وتضاربت الأنباء بهذا الشأن، فيما كانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت في وقت سابق أن نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان والقائمة بأعمال مساعد الوزير إليزابيث جونس ستمثلان الجانب الأميركي، إلى جانب ممثلي الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي إلى سوريا، ونائب الأمين العام جيفري فيلتمان.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد كشفت أن سيرغي لافروف وزير الخارجية تلقى مكالمة هاتفية من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة تناول فيها الجانبان ما وصفته بـ« ضرورة حلحلة الوضع في سوريا وضمان حياة المدنيين هناك». وقالت في نبأ بثته على موقعها الإلكتروني أمس إن الحديث تركز على مناقشة «الوضع العسكري - السياسي في سوريا، على خلفية الأحداث الجارية في مدينة القصير (في محافظة حمص)». وأكدت الخارجية الروسية أن «على جميع أطراف النزاع أن يتقيدوا بشكل صارم بقوانين حقوق الإنسان، إلى جانب التشديد على أهمية التحضير الدقيق لمؤتمر الحوار الدولي حول سوريا».