مستشار الرئيس اليمني: إيران تستثمر الانفلات الأمني .. وإريتريا «شوكة في الخاصرة»

فارس السقاف أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» وجود مخططات لإفشال المرحلة الانتقالية

د. فارس السقاف
TT

كشف الدكتور فارس السقاف، مستشار الرئيس اليمني، في حوار مع «الشرق الأوسط»، عن معلومات بشأن علاقة النظام السابق في اليمن بتنظيم القاعدة، وقال إن نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح «لم يسلم المواقع العسكرية والمدنية في خمس محافظات لتنظيم القاعدة مباشرة، ولكن أرسل معلومات تتعلق بانسحابه من تلك المواقع والمدن، فاستفادت منها (القاعدة)».

وتطرق السقاف في المقابلة إلى سلسلة الاغتيالات التي يشهدها اليمن في صفوف ضباط الجيش وأجهزة الأمن، ودور «القاعدة» فيها، مشيرا إلى أنها «تضعف الدولة»، كما تطرق أيضا إلى دور الحوثيين وإيران في عمليات تهريب السلاح الجارية على قدم وساق في السواحل اليمنية، قائلا إن طهران «تريد الاستفادة من الانفلات الأمني في البلاد، عبر نشر السلاح وتغذية المتمردين. وتحدث عن العلاقات مع دولة إريتريا وأشار إلى أن أسمرة «شوكة في خاصرة اليمن».

وإلى نص الحوار:

> عمليات الاغتيال التي تستهدف ضباط المخابرات والأجهزة الأمنية وضباط الجيش، من يقف وراءها، وما الهدف في رأيكم؟

- هذه حرب مفتوحة بين الدولة و«القاعدة».. وحصيلة هذا الاستهداف بلغت أكثر من 60 أو 70 ضابطا أو من قادة الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات، وأخذت حضرموت النصيب الأكبر والأوفر. وتزايدت هذه الاغتيالات في الفترة الأخيرة. والدولة اليمنية لاحقت الكثير من عناصر هذا التنظيم، ونحن نسمع بين الحين والآخر عن استهداف الطائرات دون طيار لقادتهم.. وردهم على العمليات التي تستهدفهم يكون بهذه الاغتيالات، رغم عدم وجود أية تحقيقات جادة تكشف عمن يقف وراء هذه الاغتيالات تحديدا. ومن الملاحظ أن هذه الاغتيالات تتم بسهولة، بمعنى أنهم ينالون من أهدفهم بسهولة، وهؤلاء القادة العسكريون يتحركون في الأسواق وفي الشوارع دون أية حماية أو معلومات استخباراتية لإجراء الاحتياطات اللازمة. ويفترض الآن أن تقوم الأجهزة الأمنية بتأمين سلامة هؤلاء القادة العسكريين والضباط، ويجب على الدولة أن تراجع سياساتها الأمنية لضمان سلامة هؤلاء. «القاعدة» هي عدو واضح الآن بالنسبة للدولة. والحرب التي أعرفها هي ليست حربا بأبعاد مختلفة ولكنها حرب أمنية، فالدولة في اليمن واجهت قبل ذلك هذه الجماعات بواسطة اللجان الشعبية (في محافظة أبين)، وكان لها نتائج جيدة في أبين ولحج وعدن. وأفشلت إقامة إمارات إسلامية في هذه المحافظات. اللجان الشعبية كانت تجربة ناجحة، لكن الآن هذا الاستهداف السهل للقادة العسكريين والضباط يضعف جانب الدولة.

> هناك من يطرح أن للنظام السابق علاقة بما يجري من عمليات الاغتيالات، وأن له علاقة تحالف مع هذه الجماعات التي تستهدفهم. هل هذا صحيح؟

- ليست هناك علاقة عضوية وليس هناك ما يدل على ذلك، لكن ربما باتت الأهداف مشتركة بالنسبة للطرفين، إن جاز التعبير. فالدولة الجديدة أو النظام الجديد يستهدف مكافحة الإرهاب و«القاعدة»، كما يعمل على تفكيك النظام السابق أو ما تبقى منه. لذا فقد يكون من مصلحة النظام السابق إرباك المشهد السياسي وإفشال عملية التغيير. ونحن رأينا أن النظام السابق أعلن أنه سيكون هناك انفصال في خمس محافظات يمنية، وبعد ذلك قام بتسليمها إلى «القاعدة». ليس بدور تسليم من السلف إلى الخلف، ولكن من خلال ترك المجال لهؤلاء وإعطاء معلومات بأنه سيترك وسينسحب، فكان المتلقف لهذا الأمر هو تنظيم القاعدة. ولا شك أن هناك مخططات لا تريد للمرحلة الانتقالية أن تنهي استحقاقاتها بنجاح (في ضوء المبادرة الخليجية)، وبخاصة بعد إعادة هيكلة القوات المسلحة وانطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لذلك نرى الآن عمليات تخريب الكهرباء والنفط والاستهداف الأمني والانفلات وأحيانا تعطيل مؤتمر الحوار وإرباك المشهد السياسي، وهذا لا يتم إلا عبر مطبخ، فعلا يخطط لهذا الأمر، قد تلتقي فيه الكثير من العناصر. وحتى الحوثيون يمكن اعتبارهم من المتضررين من حملات الطائرات دون طيار، وهم ينددون دائما بهذه الحملات والتدخل الأميركي ويسمون حكومة الوفاق بحكومة المبادرة ويتهمونها بالسماح للتدخل الأجنبي.

> ما موقف الرئيس ورعاة المبادرة الخليجية عما يدور حاليا؟

- الرئيس هادي تحمل ما لم يتحمله غيره، ويمكن أن يكون الشخص التوافقي الذي لا يمكن أن يتم التوافق على غيره أو البحث عن غيره. ونحن نرى في الصحافة الهجمة التي يتعرض لها، وعناوين: «لا للتمديد»، وكأنهم يقولون له: نحن سنعطيك التمديد ولكن يجب أن تعطينا تنازلات. والبلد لا يحتمل هذه التنازلات الحاصلة. وحتى الحملة الإعلامية التي تتم على الرئيس وعلى نجله هي في هذا السياق، تهدف إلى إضعافه، وهي مفبركة وتأتي من «المطابخ» التي تقف وراء هذه الحملات الإعلامية. وأعتقد أن رعاة المبادرة الخليجية يجب أن يقفوا موقفا حازما في هذه المسألة، وإلا ستفشل التسوية السياسية وسيتضرر البلد بأكمله. الرئيس هادي نجح فعلا، ولكن إذا أصبح الجميع لا يهمه هذا النجاح من أجل مكاسب وغنائم شخصية، فهذا ليس من الوطنية في شيء في ظل مواجهتنا لمشكلة الحراك الجنوبي ومشكلة صعدة والمشكلة الاقتصادية. لذلك يجب أن تكون هناك مسؤوليات وطنية شاملة.

> الحوثيون مشاركون في الحوار الوطني، وأشرتم إلى موقفهم المعادي للحكومة اليمنية.. هل تأكدت الحكومة اليمنية من صلتهم بإيران وبعمليات تهريب الأسلحة مؤخرا؟

- هذا ما أدركته القيادة السياسية في اليمن. الرئيس هادي حمل المجتمع الدولي مسؤولية هذا الأمر. والحوثيون أنفسهم لا يخفون أن لديهم جناحا عسكريا، والقول بأنهم يتسلحون ويتدربون ويخزنون الأسلحة، هذا ليس خفيا. ويشاهد اليمنيون على أرض الواقع مشكلات الكهرباء والمياه والنفط والسلاح والانفلات الأمني وما يواجهونه أيضا في حياتهم اليومية، ومن حقهم أن يتساءلوا: مَن وراءه؟ وفي حقيقة الأمر إن لإيران مشروعا تريد له أن يتحقق، وإن لها وكلاء كثيرين في اليمن وفي بلدان كثيرة. هي تريد أن تستفيد من هذا الانفلات الأمني وتعد نفسها. ونسمع أخيرا أن إيران استأجرت جزيرتين في إريتريا لتخزين الأسلحة، والحكومة تجري تحقيقاتها بهذا الخصوص ولم تخلص إلى نتيجة بعد حتى اللحظة. وأعتقد أن الرئيس هادي سيكشف قريبا، وبعد أن تستقر الأوضاع، حقيقة الأوضاع والعراقيل والمعرقلين ويضع الشعب أمام الصورة الحقيقية حتى لا تحمل كل هذه الأخطاء على شماعة الرئيس.

> هل لرسالة الرئيس هادي إلى الرئيس الإريتري أسياس فورقي التي نقلها اليومين الماضيين وزير الخارجية اليمنية علاقة بموضوع الجزر التي استأجرتها إيران وباقي القضايا الشائكة بين البلدين؟

- هذه إشكالية قائمة منذ فترة، وهي ترتبط بطبيعة العلاقة بين النظامين السياسيين في صنعاء وأسمرة.. فإريتريا دولة تتعامل خارج الأعراف الدولية، وإرسال الدكتور أبو بكر القربي (وزير الخارجية) يأتي في هذا السياق، ويتعلق بالاتفاقيات وقضية قوارب الصيد وقضية التحكيم الدولي. ربما إريتريا تستضعف الدولة اليمنية في الفترة الماضية، ولذلك تمارس بعض الممارسات غير القانونية. والواقع يقول إن إريتريا هي شوكة في الخاصرة اليمنية من جهة البحر وتشكل ثغرة ومدخلا لكثير من القوى، وخصوصا في ما يتعلق بإيران. وعلاقة إريتريا متوترة مع اليمن وإثيوبيا وكذلك السودان، وأيضا ارتباط إريتريا بإسرائيل والسياسات الإسرائيلية في هذه المنطقة الهامة من البحر الأحمر يدخل أيضا من باب الخطوط الحمراء.