مصر: غضب واسع بسبب بث تفاصيل «حوار وطني» حول مواجهة سد النهضة الإثيوبي

الحكومة قالت إنها حريصة على علاقة وثيقة بدول حوض النيل.. ومساعدة الرئيس تعتذر

TT

تسبب بث الحوار الوطني الذي دعت إليه الرئاسة المصرية من دون علم قادة الأحزاب المشاركين فيه صدمة في الأوساط السياسية والشعبية. وقالت مؤسسة الرئاسة عقب اجتماع حكومي موسع مساء أول من أمس ترأسه الرئيس محمد مرسي إن مصر ستحافظ على علاقات وثيقة مع دول حوض النيل رغم قلقها من سد النهضة على النيل الأزرق. ويعتقد خبراء مصريون، مستندين إلى تقرير فني شارك فيه خبراء أجانب، أن للسد الإثيوبي تأثيرات سلبية على بلادهم التي تعتمد على مياه النيل بشكل كامل.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إيهاب فهمي إن حكومة بلاده وافقت مساء أول من أمس على تشكيل لجنة قومية لبحث الآثار المحتملة لـ«سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، الذي يمثل المورد الرئيس من حصة مصر في مياه النيل. وأضاف فهمي في تصريحات له عقب اجتماع وزاري موسع لمناقشة أزمة السد، عقده مرسي في مقر الحكم بقصر الاتحادية، عقب لقائه بقادة الأحزاب، أن مجلس الوزراء وافق على خطة قدمها وزير الخارجية محمد كامل عمرو «للتعامل مع الموقف بما يحافظ على المصالح المصرية والعلاقات الوثيقة مع الدول الشقيقة في حوض النيل». وأضاف فهمي: «مجلس الوزراء قرر أيضا تشكيل لجنة قومية تضم الجهات الرسمية والشعبية والخبراء المختصين في هذا المجال بحيث ترفع تقاريرها إلى الرئيس وتطلع الرأي العام على نتائج أعمالها». وشرعت إثيوبيا في تحويل مجرى النيل الأزرق عقب يوم واحد من عودة الرئيس مرسي من زيارة إلى أديس أبابا، تمهيدا لبناء سد النهضة على النيل الأزرق. وتقول إثيوبيا إن السد الجديد يستهدف توليد الكهرباء ومن ثم فهو لا يؤثر على تدفق مياه النيل إلى دولتي المصب (السودان ومصر).

وجاء الاجتماع الوزاري المصري عقب ساعات من لقاء جمع الرئيس المصري بقيادات معارضة وأذاعه التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة من دون علم بعض ممن حضر اللقاء. وأثار بث الحوار الوطني الذي دعا خلاله ساسة مصريون إلى تدمير سد النهضة في حال تعثر المفاوضات بين البلدين الكثير من الجدل، وفجر غضبا شعبيا وسياسيا واسعا، بعد أن تبين أن عددا من الحاضرين في الجلسة لم يكونوا على علم ببث الحوار على الهواء.

وقال أيمن نور زعيم حزب غد الثورة إنه دهش بشدة من إذاعة الحوار الوطني الذي مس قضايا تتعلق بالأمن القومي على الهواء، مشددا على ضرورة محاسبة المسؤول عن هذا الإجراء.

وقالت الدكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس للشؤون السياسية في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «أعتذر عن أي حرج غير مقصود لأي من القيادات السياسية سببه عدم الإشارة إلى البث المباشر للقاء». وأوضحت: «كان مرتبا أن يذاع الاجتماع الوطني اليوم مسجلا كعادة هذه اللقاءات، ولكن ارتُئي لأهمية موضوع الأمن المائي قبل اللقاء مباشرة إذاعته على الهواء، فغاب عني إبلاغ الحضور بهذا التعديل».

ودخل المعارض البارز محمد البرادعي على خط الأزمة أمس ووجه في تغريدة له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «توتير» اعتذاره لإثيوبيا والسودان شعبا وحكومة، عما صدر أمس في الحوار الوطني مما وصفه بـ«إساءات». وطالب البرادعي، وهو المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، الرئيس مرسي بتقديم اعتذاره أيضا للبلدين.

وفي غضون ذلك قالت السفارة الأميركية بالقاهرة إنها تثنى على «الجهود المبذولة من قبل مصر وإثيوبيا والسودان للنظر معا في تأثير سد النهضة»، داعية إياهم للعمل معا على تقليل الآثار السلبية التي قد تنتج عنه.

وقال المسؤول الإعلامي بالسفارة في تصريحات صحافية له أمس: «نحث الدول على أن تستمر في العمل معا لتقليل الآثار السلبية للمصب، والعمل معا لتطوير حوض النيل الأزرق لصالح جميع شعوب المنطقة».

من جانبه قال مسؤول إثيوبي إن لجنة مستقلة من الخبراء خلصت إلى أن سد النهضة، الذي تبنيه بلاده، لن يكون له تأثير كبير على مصر والسودان، باعتبارهما أكثر بلدين يعتمدان على مياه نهر النيل في أفريقيا.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المسؤول الإثيوبي قوله إن التقرير النهائي من قبل لجنة من الخبراء، ضم ممثلين من مصر والسودان، خلص بعد دراسة دامت عاما إلى أن بناء السد يتوافق مع المعايير الدولية.

وحذر تقرير اللجنة الثلاثية الذي رفع إلى الرئيس المصري من مخاطر فترة ملء سد النهضة خلال سنوات الجفاف، لكن وزير الطاقة والمياه الإثيوبي أليمايهو تيجنو قال في تصريحات صحافية له أمس إنه «لا داعي لقلق مصر بشأن حصتها في مياه النيل».