كيري وبان كي مون يستنجدان بقادة اليهود الأميركيين للتأثير على نتنياهو

التقى مع ليفني وأمهل حتى زيارته المقبلة لإعطاء جواب على مقترحاته لاستئناف المفاوضات

TT

في الوقت الذي تتزايد فيه التقديرات بأن الجهود الأميركية لاستئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية تقترب من الباب الموصد بسبب سياسة الاستيطان، استنجد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقادة «لجنة اليهود الأميركية» ليضغطوا على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، و«يساعد في إنجاح هذه الجهود وإزالة العقبات من طريقها».

فقد ألقى كيري خطابا أمام المؤتمر السنوي للجنة، التي تعتبر من أبرز التنظيمات اليهودية الأميركية قربا من القيادة الإسرائيلية اليمينية، قال فيه إنه لم يقطع الأمل بعد في نجاح الجهود لاستئناف المفاوضات، ولكنه وبنفس المقدار يخشى من الفشل. وفي كلمته أمام المؤتمر، الملتئم حاليا في نيويورك، قال كيري إنه يتفهم المخاوف الأمنية الإسرائيلية، التي تجعلها مترددة في العديد من الخطوات، ولكنه يؤمن بأن «أفضل السبل لتحقيق الأمن لإسرائيل هو إنهاء الصراع مع الفلسطينيين مرة وإلى الأبد بواسطة التسوية القائمة على مبدأ (دولتين للشعبين)، والولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل». وأضاف كيري: «نتنياهو يقول لي: أنا ملزم بضمان أمن إسرائيل. وأنا أرد عليه: الولايات المتحدة ملزمة بأمن إسرائيل».

وتتطرق كيري في كلمته إلى الحجة التي يتذرع بها اليمين الإسرائيلي لرفضه الثقة بالفلسطينيين، إذ يقولون: «لقد انسحبنا من لبنان من دون أن نطلب مقابل وانسحبنا كذلك من قطاع غزة، فكان الرد العربي علينا بإغراقنا بالصواريخ باتجاه البلدات والسكان المدنيين الإسرائيليين». فأجاب: «الانسحاب الإسرائيلي من لبنان وغزة تما من طرف واحد ومن دون اتفاق. وما نقترحه نحن مختلف. فإننا نؤكد أن أي اتفاق مع الفلسطينيين سيشتمل على اتفاقيات وترتيبات تضمن الأمن الإسرائيلي بشكل صارم».

وأكد كيري أن استئناف المفاوضات هو مرحلة إلزامية، وربما لا تعود الفرصة المواتية لها اليوم. ويجب أن لا تضيع هذه الفرصة. وقال: «تصوروا ماذا سيحدث إذا لم تنجح جهودنا. ستتواصل عملية إفقاد إسرائيل شرعيتها. وستضطر إلى الخيار ما بين دولة يهودية أو ديمقراطية. فالوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. لا تتوقعوا أن يكون الصراع غدا مثل اليوم. ولمح إلى أن السلطة الفلسطينية الحاكمة اليوم في الضفة الغربية، لن تبقى كما هي»، مضيفا أنها أي السلطة «هي اليوم الوحيدة الملتزمة برفض العنف. وهي الوحيدة المنشغلة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وسلطة النظام والأمن والنهوض بالاقتصاد. فتصوروا ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة وانهارت أجهزتها الأمنية. انظروا إلى المتطرفين الحاكمين في قطاع غزة وتوقعوا انهيار الاستقرار واندلاع انتفاضة».

واجتمع كيري مع وزيرة القضاء الإسرائيلية، تسيبي ليفني، التي تدير المفاوضات باسم الحكومة الإسرائيلية قبيل إلقائه الخطاب وتباحث معها في الاقتراحات التي كان قد عرضها على القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية خلال جولته الأخيرة في المنطقة، قبل أسبوعين، وأمهلهما حتى زيارته المقبلة في الأسبوع المقبل، لإعطاء الجواب عليها.

وظهر أمام المؤتمر نفسه، أمس، الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي حذر هو الآخر من اقتراب الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من «نقطة اللاعودة»، وحث على دعم حل الدولتين، معتبرا أن «من حق إسرائيل أن تعيش بسلام لكن يتوجب عليها وقف نشاطها الاستيطاني واتخاذ خطوات ملموسة بغية إنهاء الاحتلال». وشدد على أن «الاحتلال، غير مقبول أخلاقيا وسياسيا واستراتيجيا وإنسانيا». وأضاف: «أعلم أن الكثيرين منكم يعي أن لا مصلحة من بقاء الوضع على حاله»، مكررا دعم «حل الدولتين». وأكد أن «الأمم المتحدة ستبذل كل ما في وسعها للمساعدة في استئناف عملية سلام ذات معنى وينبغي على كل من يريد الخير لإسرائيل وللفلسطينيين أن يساعد على إنجاح مسيرة السلام».

وتحدثت إلى المؤتمر أيضا ليفني، فأثنت على كلمتي مون وكيري وقالت، موجهة كلامها إلى قوى اليمين في حكومتها وفي صفوف القيادات اليمينية في التنظيمات اليهودية الأميركية، إن «هناك من يريد تأجيل القرار الحاسم بتحريك مسيرة السلام، إنهم يقترفون بذلك خطأ تاريخيا. وأنا لا أتصور صهيونيا حقيقيا يؤيد ذلك. فالتسوية على أساس دولتين للشعبين هي مصلحة إسرائيلية، ومن يؤيدها لا يعمل جميلا للفلسطينيين أو للرئيس الأميركي. إنها ضرورة ملحة لنا نحن قبل أي طرف آخر».

وينعكس هذا النقاش أيضا على الساحة الإسرائيلية. فقد خرج الأديب الإسرائيلي والعالمي، ديفيد غروسمان، الذي كان قد فقد ابنه الشاب في حرب لبنان الثانية، بتصريحات ستنشرها صحيفة «يديعوت أحرونوت» في عددها بعد غد، قال فيها إن «الإسرائيليين يخدعون أنفسهم وهم يتمسكون بالاحتلال». وقدم وصفا لذلك بالقول: «طيلة 46 عاما، عودنا أنفسنا على العيش مع فيل في غرفة واحدة. نغمض أعيننا لكي لا نرى هذا الفيل. ونقنع أنفسنا بأنه ليس فيلا». ودعا الإسرائيليين إلى أن يفيقوا من السبات وأن يساعدوا على نشوء قيادة شجاعة قادرة على اتخاذ القرار الشجاع. ولم يستبعد أن يكون نتنياهو هو ذلك القائد، «لكنه يحتاج إلى تشجيع ومساعدة منا أجمعين» حسب قوله.