باريس تتجه إلى مجلس الأمن لاختبار موقف روسيا إزاء استخدام الكيماوي

الصحافة الفرنسية تتهم كيري بالتراخي في معالجة الملف

TT

قالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس تدفع باتجاه «تحرك جماعي» فيما يخص ملف استخدام نظام الرئيس بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد القوى المناوئة له، بسبب عدم القدرة على «التحرك بشكل منفرد» على غرار ما قامته به في مالي، مضيفة أن تردد واشنطن، «الساعية لكسب مزيد من الوقت عن طريق طلب أدلة إضافية»، يقوض مساعي فرنسا ويجعل الإمكانات المتاحة «قليلة للغاية».

وأضافت المصادر أن خيارات فرنسا، والدول الداعمة لها كبريطانيا، تقتصر على الذهاب بمسودة قرار إلى مجلس الأمن الدولي، والمخاطرة بضرب جهودها عرض الحائط في حال استخدمت روسيا أو الصين حق النقض «الفيتو». وتراهن فرنسا على «وعد» تلقاه الغربيون من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي سبق له أن أكد في اجتماع باريس قبل أسبوعين مع نظيره الأميركي جون كيري وفابيوس، أن بلاده «ستعيد النظر في موقفها» من نظام الأسد في حال تأكد استخدامه السلاح الكيماوي. ولذا، فإن الاختبار القادم سيكون في مجلس الأمن.

إلى ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، أن فرنسا «قدمت عناصر أدلة» حول استخدام غاز السارين في سوريا، «مما يرغم المجتمع الدولي على التحرك». وقال الرئيس الفرنسي أمام الصحافيين بعد أن تسلم في «اليونيسكو» جائزة فيليكس هوفويه - بوني، لأنه قرر التدخل في مالي: «لقد قدمنا عناصر أدلة ترغم الآن المجتمع الدولي على التحرك». لكنه استدرك ردا على سؤال حول إمكانية أن يتدخل تحالف في سوريا وقال: «لا يمكننا التحرك إلا في إطار الشرعية الدولية».

وترى هذه المصادر أن العواصم الغربية التي هددت بـ«عظائم الأمور» إذا لجأ نظام الأسد إلى استخدام السلاح الكيماوي تجد نفسها اليوم محرجة بعد أن توافر الدليل على استخدامه في سوريا. وكان فابيوس قد أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي أن تطورا من هذا النوع سيستدعي ردا «واسعا وصاعقا». لذا، فإن الانتظار يبدو اليوم سيد الموقف. فهل تنفذ الدول الغربية تهديداتها أم أنها ستجد الذرائع لعدم التحرك؟

«ما العمل الآن؟»، هو السؤال الذي شددت عليه وسائل الإعلام الفرنسية بعد تأكيد فابيوس أول من أمس أن نظام الرئيس بشار الأسد «استخدم بشكل مؤكد» غاز السارين المحرم دوليا في صراعه مع القوى الساعية لإسقاط نظامه. لكن الوزير الفرنسي استبق طرح السؤال بتأكيد أن «ثمة خطا تم تجاوزه من دون أدنى شك. نبحث مع شركائنا ما ينبغي القيام به، كل الخيارات مطروحة على الطاولة؛ بما في ذلك (تحرك على) شكل مسلح في المكان الذي تم فيه إنتاج الغاز وتخزينه، (لكننا) لم نصل بعد إلى هذه المرحلة».

ولفت فابيوس إلى أنه سلم نتائج التحاليل صباح أول من أمس للبروفسور آكي سيلستروم، رئيس بعثة التحقيق التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكلفها تحديد الوقائع في شأن المزاعم عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا، إضافة إلى تسليم نسخة لكل من كيري ولافروف.

وأوضح مصدر دبلوماسي أن مصدر العينات هو حي جوبر، شرق دمشق، حيث شهد مراسلان لصحيفة «لوموند» في منتصف أبريل (نيسان) استخدام غازات سامة ونقلا عينات إلى السلطات الفرنسية، إضافة إلى مدينة سراقب في محافظة إدلب، شمال، التي شهدت هجوما في نهاية أبريل.

وأمس، أعلنت الناطقة باسم الحكومة نجاة فالو بلقاسم، عقب اجتماع مجلس الوزراء الصباحي، أن الموضوع الكيماوي السوري نوقش في الجلسة، والخلاصة التي تم التوصل إليها هي أن فرنسا «لن تقوم بعمل منعزل أو أحادي الجانب، وأن المسألة اليوم بيد الأسرة الدولية». ذكرت فالو بلقاسم أن فابيوس كرر أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة. بيد أنها رأت أن الهدف اليوم هو «توفير حماية فعالة وفورية للمدنيين، وفي الوقت عينه توفير (شروط) عملية الانتقال السياسي في سوريا»، مما يعني أن باريس لن تقوم بما من شأنه أن ينسف انعقاد مؤتمر «جنيف 2».

من جانبها، وفي تعليق قاسي اللهجة، رجحت صحيفة «لوموند»، أمس، أن يكون كيري قد طلب من باريس ولندن «عدم التشدد» فيما يخص الملف الكيماوي السوري، وذلك لعدم إعاقة التحضيرات الجارية لـ«جنيف 2» الذي يواجه صعوبات كبيرة، ليس أقلها مصير الأسد، وشكل السلطة الانتقالية، والصلاحيات التي ستنقل إليها.