رئيس البرلمان العربي: عصر الديكتاتوريات انتهى.. وهناك تجاوب مع مطالب الشعوب

تقرير يكشف أن البرلمانات العربية خاضعة للسلطة التنفيذية وتفتقد ثقة المواطن

TT

كشف تقرير دولي عن البرلمانات في العالم أن صورة البرلمانات في المنطقة العربية لم تتحسن مع أحداث الربيع العربي التي شهدتها المنطقة مطلع عام 2011، مشيرا إلى أن الاضطرابات التي شهدتها بعض الدول أكدت عجز التمثيل البرلماني التقليدي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن الهيئات التشريعية في هذه المنطقة تخضع للسلطة التنفيذية المسيطرة، وهي حقيقة، يوضح التقرير، ليست خاصة بالعالم العربي، غير أنها أكثر وضوحا فيه من أي منطقة أخرى.

وذكر التقرير أن أي برلمان عربي لم ينجح في رفع الأمل بين الجماهير العربية بصفته المصدر الأولي للسلطة الحاكمة أو عنصرا أساسيا في الساحة السياسية المحلية.

في غضون ذلك، قال أحمد الجروان، رئيس البرلمان العربي لـ«الشرق الأوسط» إن بعض ما جاء في التقرير مجحف، مشيرا إلى وجود تفاعل إيجابي للبرلمانات العربية مع المتغيرات التي شهدتها المنطقة، وأضاف أن «عصر الديكتاتوريات انتهى».

وأشار التقرير، الذي أعده الاتحاد البرلماني الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعرضت مضامينه أمس خلال ندوة إقليمية احتضنها مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) حول العلاقة بين المواطنين والبرلمان في المنطقة العربية، إلى أنه في الكويت ولبنان لا يبدي أكثر من نصف السكان إلا ثقة قليلة، أو لا يبدون أي ثقة بالبرلمان، بينما في أفريقيا يسجل التقرير وجود مستوى عال من الثقة في البرلمان يبلغ نحو 56 في المائة بالقارة.

وأشار التقرير إلى أنه حتى البرلمان الكويتي، الذي قيل عنه إنه من أكثر البرلمانات حيوية ونقاشا في المنطقة، كافح ليكون له تأثير أكبر من ناحية الرقابة والتشريع.

وحسب التقرير ذاته، فإن أحداث الربيع العربي عززت الدور المركزي الذي تقوم به البرلمانات التمثيلية في إطار السعي إلى إسماع الصوت السياسي بقدر أكبر وتحقيق مزيد من الديمقراطية، ففي بلدان مثل مصر وتونس شكل دور البرلمان وسلطته محور المناقشات التي دارت بشأن شكل الدولة ما بعد الثورة. وفي بلدان مثل اليمن والأردن وعمان جاء الوعد بإسناد سلطات تشريعية ورقابية حقيقية للبرلمان في إطار إصلاحات رئيسة استجابة لمطالب الجماهير.

وأوضح التقرير أن ضغط الجماهير على البرلمانات في العالم أصبح أكبر من السنوات الماضية؛ إذ أدت زيادة حجم الحكومة إلى زيادة مسؤوليات البرلمان عن طريق التدقيق والمساءلة، وزاد تطور تكنولوجيا الاتصالات إلى جانب التغطية الإعلامية المكثفة لمجال السياسة من شهرة البرلمانات والسياسيين، وأن ارتفاع عدد البرلمانات في جميع أنحاء العالم زاد توقعات الجماهير لما يمكن لهذه البرلمانات تحقيقه؛ إذ حسب الاتحاد البرلماني الدولي يوجد حاليا لدى 190 بلدا من أصل 193 شكل من أشكال المؤسسة البرلمانية العامة، بيد أنه لا يعد وجود برلمان في دولة مرادفا للديمقراطية، حسب التقرير ذاته.

وكشف برلمانيون في البلدان النامية أن هناك سوء فهم بين المواطنين ودور البرلمان، فالناخبون كثيرا ما يطلبون منهم العناية بالطرقات وتوفير المدارس، والمساعدة في إقامة الجنائز، وإن لم يكن ذلك جزءا من سلطات البرلمان.

وأورد التقرير مجموعة من الإحصاءات؛ منها أن المعدل العالمي للسكان لكل برلماني يبلغ 146 ألف شخص، بينما في الهند هناك عضو واحد في البرلمان لـ1.5 مليون من السكان. كما أن متوسط عمر البرلمانيين في العالم يبلغ 53 سنة، وأكثر من 80 في المائة من البرلمانيين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة، وتعد البرلمانيات، في المتوسط، أصغر سنا من البرلمانيين. وسجل التقرير أن أكبر البرلمانيين سنا يوجدون في الدول العربية.

وتعليقا على الانتقادات التي وجهها التقرير للبرلمانات العربية، قال أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي لـ«الشرق الأوسط» إنه يتفق مع بعض ما جاء به التقرير، لكنه يختلف معه في نقاط أخرى يرى فيها إجحافا، لأن المواطن العربي، من وجهة نظره، له خصوصيته وكيانه وشخصيته، وأضاف: «نحن العرب لدينا خصوصية في العلاقة بين المواطنين والحكومة، وبين المواطنين فيما بينهم».

وأوضح الجروان أن هناك تفاعلا إيجابيا للبرلمانات العربية مع المتغيرات التي شهدها العالم العربي، مشيرا إلى أن تكنولوجيات التواصل قربت وجهات النظر، وأصبحت المعلومة متاحة للجميع، وأضاف أنه لا يعتقد أن هذه الوسائل أصبحت تشكل عامل ضغط على الحكومات والبرلمانات، فمطالب الشعب التي كانت ترد إلى الحكومة من خلال البرلمان أصبحت ترد إليها مباشرة من خلال هذه الوسائل، وزاد قائلا: «عصر الديكتاتوريات انتهى، وهناك تجاوب مع مطالب الشعوب بعد الثورات التي نأمل أن تؤتي أكلها».

ووصف الجروان البرلمان بأنه «أداة تدعم رفاهية المواطن، وأنه وسيلة الاتصال القانونية والمباشرة لصانع القرار»، فالبرلمانات الوطنية، برأيه، هي «صوت الشعوب، ولا نريدها أن تستخدم لدعم مصالح شخصية لأحزاب أو أفراد أو حكومات أو فئات، بل نريدها توافقية تصب في خدمة الوطن والمواطن».

وبخصوص دور البرلمان العربي، قال الجروان إنها مؤسسة تدعم كل ما يخدم الشارع العربي، والعمل العربي المشترك. وأضاف: «نحن نمثل الشارع العربي، ولا نمثل حكومات وأحزابا أو فئات، وأعضاء البرلمان العربي هم سفراء أيضا للعالم العربي في الخارج».