وزيرة حقوق الإنسان اليمنية: «الابتزاز السياسي» وراء استمرار احتجاز «شباب الثورة»

حورية مشهور طالبت في حوار مع «الشرق الأوسط» بتحقيقات شفافة لكشف أسرار عمليات الاغتيال والاختطاف وتساقط الطائرات

حورية مشهور
TT

اتهمت حورية مشهور، وزير حقوق الإنسان في اليمن، بعض الجهات المشاركة في الحوار الوطني من النظام السابق بممارسة الابتزاز السياسي، في الساحة اليمنية، وقطع الطريق أمام إطلاق سراح المعتقلين من «شباب الثورة» في السجون اليمنية منذ أكثر من عامين، من خلال تهديدها بالانسحاب من الحوار، كلما ظهرت بادرة لإطلاق سراحهم.

وقالت مشهور، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن تلك الجهات تتهم المعتقلين الشباب بدور في محاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في ما يعرف بعملية «مسجد النهدين»، وطالبتهم بتقديم الأدلة أو تحويل المعتقلين إلى القضاء ليقول كلمته بدلا من إبقائهم في السجون من دون محاكمة، مما يخالف القوانين.

ودخلت مشهور أول من أمس ولمدة ساعات في إضراب مفتوح عن الطعام في باحة السجن المركزي بصنعاء للمطالبة بإطلاق المعتقلين الشباب، قبل إقناعها بتعديل موقفها بتدخل شخصي من الرئيس ووزير الداخلية. وتطرقت مشهور في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أسباب تعديل موقفها، وتناولت جملة من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في اليمن، وتجربتها الوزارية، إضافة إلى قضايا الأمن وعمليات الاغتيالات والاختطافات في الساحة. وإلى نص الحوار:

* إلى أين وصلت قضية المعتقلين من شباب الثورة بعد إعلانك الإضراب عن الطعام من أجل قضيتهم ولقائك مع الرئيس؟

- موضوع معتقلي شباب الثورة، وهم مجموعة من القيادات الشبابية، طال أكثر مما يجب، فهم محتجزون داخل السجن المركزي منذ أكثر من عامين، وهذا الاعتقال مخالف للقانون لأنهم لا توجد أي أدلة على ارتكابهم أي جرم، ولكن فقط بسبب انتمائهم للثورة ونزولهم إلى الساحات العامة معبرين عن مطالبتهم بإسقاط النظام السابق. حكومة الوفاق التزمت في برنامجها بمعالجة هذا الموضوع بناء على مطالبات دولية وإقليمية تتمثل في المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014 و2051، بإطلاق سراحهم. ورغم كل ذلك فالملف لا يتحرك، ولا مؤشرات للحل في الأفق.. لذا اتخذت قراري بالإضراب عن الطعام، قبل أن يتدخل رئيس الدولة.

فالمعتقلون منتشرون في سجون عدة، في المركزي بصنعاء، وفي حجة، ومحافظات أخرى. والنائب العام يؤكد أن هذا الاحتجاز غير قانوني وهو رجل قانون ويعرف أن القانون لا يسمح بالاحتجاز إلا لستة أشهر كحد أقصى لأي جريمة حتى ولو كانت جسيمة. والسيد رئيس الجمهورية وعد بمعالجة سريعة لهذا الملف بعد لقائي به بصحبة وزير الداخلية.

* يفهم من كلامك أن هناك جهات خفية ما زالت تسيطر على مفاصل الأمور ومنها السجن المركزي والسجون الأخرى..

- للأسف الشديد يشعر المرء بأن بعض القوى ما زالت تمتلك من القدرات ما يمكنها من تعطيل وإرباك استحقاقات هذه المرحلة. وهو الطرف الذي يتمسك بوجود شباب الثورة في المعتقلات، وهو الذي أدى إلى إطالة أمد هذه المشكلة. وقد سمعنا أنهم هددوا بتعليق مشاركتهم في الحوار الوطني إذا أفرج عن هؤلاء الشباب. ونحن نقول إذا كانت لهؤلاء الشباب علاقة كما يدعي الطرف الآخر بحادث جامع النهدين بدار الرئاسة (محاولة اغتيال صالح) فليتم تقديمهم إلى القضاء لإجراء محاكمة عادلة. والآن نحن ندعو لطي هذا الملف ونراعي مرحلة الوفاق والتسوية السياسية، خاصة أن الجميع مجتمعون على طاولة الحوار، وعليهم طي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل. فاستمرار احتجاز الأبرياء من أجل الابتزاز السياسي أمر لا يستقيم مع حقوق الإنسان.

* لديكم ملف ساخن آخر وهو ملف المخفيين قسريا الجدد أو الذين اختفوا في الحقب الماضية.. إلى أين وصلتم فيه؟

- أذكركم بأن شباب الثورة الموجودين في السجن المركزي بصنعاء حاليا هم كانوا من المخفيين قسريا، فبعد اعتقالهم وهم يخرجون من الساحات العامة أو المساجد أو غيرها ظلوا لثمانية أشهر مخفيين ولا أحد يعرف عنهم أي معلومات، وبعد ذلك جرى إرسالهم إلى الأمن السياسي (المخابرات)، ومنه جرى نقلهم إلى السجن المركزي. فملف المخفيين قسريا من الملفات التي ما زالت مفتوحة على مصراعيها، ليس فقط في مرحلة الثورة عام 2011، ولكن، أيضا، من مراحل سابقة، ولم يكشف عن كثير من الأشخاص الذين تم إخفاؤهم. ووزارة حقوق الإنسان تحملت هذا الملف، والحكومة اليمنية ستتجه إلى إعمال المعايير الدولية في ما يتصل بالإخفاء القسري، وهناك مشروع للتوقيع على الاتفاقية الدولية لمناهضة الإخفاء القسري، والوزارة تتجه لإعداد قانون وطني خاص بذلك والمعاقبة على هذا الأمر.

* في ما يتعلق بمعاناة اليمنيين لنحو ثلاث سنوات جراء ضرب الكهرباء والنفط.. ألا يندرج ذلك ضمن حقوق الإنسان؟

- طبعا هذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، والمقصود بعمليات ضرب الكهرباء والنفط إرباك هذه المرحلة وتعطيل عمل حكومة الوفاق وإشغالها، وخلق صورة ذهنية لدى المواطن اليمني بأن حكومة الوفاق لم تستطع أن تنجز شيئا، وبالتالي إرباك المرحلة بصورة عامة. والأطراف السياسية التي تشعر بأنها فقدت مصالحها في هذه الفترة هي التي تسعى إلى هذه الإرباكات وخلط الأوراق.

* لماذا حكومة الوفاق لم تشر بأصابع الاتهام بصورة مباشرة إلى الجهات التي تحرض على ضرب المصالح الحيوية؟

- لا شك أن حكومة الوفاق الوطني ستصل إلى المتورطين في تلك الهجمات وستقدمهم إلى محاكمة، وستعرف من الذين يقفون خلفهم بالتحديد ومن الذين يمدونهم بالأموال من أجل خلق هذا الإرباك. وللأسف الشديد المواطنون اليمنيون جميعا يتضررون من هذه الأعمال، وهناك أطفال يموتون في الحاضنات بسبب انطفاء الكهرباء وانقطاع الأكسجين، وأيضا مرضى الفشل الكلوي وكبار السن المصابين بأمراض الضغط في المناطق الحارة، إضافة إلى تعطل الاقتصاد الوطني وتضرره وتضرر العمل الإداري في الجهاز الحكومي للدولة.

* تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة اختطاف المواطنين اليمنيين إلى جانب الأجانب.. ما الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الوزارة لوقف ذلك؟

- اللجنة العسكرية والأمنية المناط بها مسألة إعادة الأمن والاستقرار تقوم بدور كبير في هذا الجانب، وبعض أعضائها هم أعضاء في حكومة الوفاق الوطني، كوزيري الدفاع والداخلية، والحكومة معنية بمسألة الأمن والاستقرار، لكن الإرث ثقيل وكبير بالنسبة للحكومة، ومسألة الأمن والاستقرار هي مسؤولية الأجهزة الرسمية ولكن المواطنين يمكن أن يلعبوا دورا كبيرا جدا في ذلك، فهي مسؤولية مجتمعية، وكل إنسان يستطيع الحفاظ على أمنه من خلال التبليغ بأمور مشبوهة للمحافظة على أمن المنطقة والحي والشارع، وعمليات الاختطافات أثرت كثيرا على الاقتصاد الوطني لأن اليمن بلد سياحي، وبسبب الأوضاع الأمنية لم تعد السياحة في اليمن تجتذب السياح الأجانب، والوضع الأمني في تحسن لكنه بحاجة إلى تثبيت، وهناك اختراقات أمنية، ونحن نسمع يوميا عن اغتيالات واختطافات سواء ليمنيين أو أجانب، والأمر يتطلب جهدا أكبر، ومن الجميع.

* من يقف وراء العشرات من عمليات الاغتيالات والاختطاف وعمليات التخريب؟

- في الحقيقة نحن بحاجة إلى تحقيقات شفافة تظهر نتائج بشأن من يقفون وراء هذه الاغتيالات وتساقط الطائرات العسكرية.. هذه إرباكات وصعوبات وتحديات كثيرة جدا نواجهها في الحكومة. نسمع عن تشكيل لجان للتحقيق ولكن لا نسمع عن نتائجها. وبالتالي من حق المواطن الحصول على المعلومات بشأن هذه الحوادث ومحاسبة من يقومون بهذه الجرائم، لأن المحاسبة هي التي ستشكل الرادع لمن تسول له نفسه القيام بهذه الجرائم الخطيرة والجسيمة في المجتمع. وبهذه الطريقة نستطيع أن نشيع الأمن والاستقرار، أما أن تكون هناك جرائم من دون عقاب فلا شك أن هذا سيؤدي إلى شيوع الاختلالات.

* هل تعتقدين أن الفترة المتبقية من الفترة الانتقالية التي تنتهي مطلع 2014 كافية لإتمام مهام الرئيس عبد ربه منصور هادي؟

- مهام الرئاسة والحكومة في اليمن كبيرة جدا وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، يضاف إلى ذلك الملف الإنساني، فنحو أكثر من نصف السكان يعانون من مشكلة الفقر، وأعداد كبيرة من الشباب يعانون البطالة، ولدينا قضية النازحين في الشمال بسبب جماعة الحوثي، وفي الجنوب بسبب «القاعدة»، وأعتقد أن هناك إنجازات نسبية لكن في الحقيقة تظل الصعوبات كبيرة بالنسبة للوقت المتبقي لحكومة الوفاق قبل الانتخابات المقبلة في ربيع 2014.