نواز شريف يطالب بوقف الغارات الأميركية ويعد بحل مشكلة الكهرباء

في أول خطاب له أمام البرلمان بعد اختياره رئيسا للوزراء لثالث مرة في تاريخ باكستان

نواز شريف أثناء إلقاء أول خطاب له أمام البرلمان بعد انتخابه رئيساً للحكومة في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

طالب رئيس الوزراء الباكستاني الجديد نواز شريف، أمس، بوقف الغارات التي تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار على أراض باكستانية، وذلك في أول خطاب له أمام الجمعية الوطنية التي انتخبته للتو رئيسا للحكومة للمرة الثالثة في سابقة من نوعها في تاريخ البلاد. وفي تطرقه للشأن الداخلي، تعهد شريف ببذل كل الجهود لحل الأزمة الاقتصادية، وخصوصا مشكلة انقطاع التيار الكهربائي.

وبعد أكثر من 13 عاما من الإطاحة به في انقلاب عسكري أرغمه على العيش في المنفى، تسلم شريف، الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 11 مايو (أيار) الماضي، مقاليد البلاد بعد تصويت متوقع للنواب، ثم أدى اليمين أمام الرئيس آصف علي زرداري. وبذلك أصبح شريف (63 سنة) أول سياسي في تاريخ باكستان التي أنشئت في عام 1947 يتولى هذا المنصب ثلاث مرات.

إلا أن سعادته بهذه العودة، الثأرية الطابع، قد لا تدوم طويلا، حيث سيكون عليه مواجهة تحديات ضخمة، وخاصة حل المشاكل الخطيرة في مجالي الطاقة والأمن التي تجعل جزءا كبيرا من سكان باكستان البالغ عددهم 180 مليون نسمة يعيشون في فقر وعدم استقرار. وبعد التصويت بقليل تحدث شريف أمام النواب ليعرض الخطوط العريضة لبرنامجه السياسي. وطالب خصوصا بوقف غارات الطائرات الأميركية من دون طيار التي تستهدف بانتظام مسلحي حركة طالبان وحليفتها «القاعدة» في باكستان، وقال: «نحترم سيادة الآخرين، وعليهم هم أيضا احترام سيادتنا واستقلالنا. هذه الحملة يجب أن تنتهي».

وكانت غارات الطائرات من دون طيار في المناطق القبلية شمال غربي البلاد، التي أصبحت معقلا للمسلحين المتشددين منذ نهاية 2001، قد بدأت في عام 2004، إلا أنها تكثفت بشكل كبير اعتبارا من 2008 لتصبح واحدة من الأدوات الرئيسية للسياسة العسكرية الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وعلى الصعيد الداخلي تعهد شريف ببذل كل الجهود لحل الأزمة الاقتصادية دون أن يخفي أنها ستكون عملية مؤلمة. وقال: «على الناس أن تعرف أن اقتصاد البلاد في حالة سيئة للغاية وأكثر مما يتصور» مع ديون بعشرات مليارات الدولارات «يتعين علينا تسديدها». وقال شريف أيضا إن حزبه (الرابطة الإسلامية - جناح نواز) أعد خطة عمل لحل مشكلة انقطاع الكهرباء وإنعاش الاقتصاد، إلا أنه لم يقدم تفاصيل، مكتفيا بالقول إنه سوف يتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة. وأضاف: «لقد أعددنا خطة شاملة لجميع المشكلات، بما في ذلك مشكلات الكهرباء، وقد اتخذنا الخطوة الأولى التي ستقودنا لطريق باكستان مشرقة، كما أن البلاد سوف تبدأ قريبا برؤية تأثير ذلك». وتعهد شريف بعدم «خيانة ثقة» الشعب الباكستاني مطلقا.

تولى شريف الذي لا يتحدث بطلاقة ولا يتمتع بحضور قوي، لكنه يعتمد على تجربته الطويلة كرجل دولة، رئاسة الحكومة مرتين من 1990 إلى 1993 ومن1997 إلى 1999. ويعتبر الغرب شريف رجلا براغماتيا رغم تصريحاته المعارضة للحرب التي يخوضها الأميركيون في المنطقة ضد تنظيم القاعدة وحلفائه في حركة طالبان. وخلال الحملة عبر عن تأييده لفكرة الحوار مع طالبان التي أدت هجماتها في باكستان إلى سقوط آلاف القتلى منذ ست سنوات، لوقف العنف. وأطلق شريف خلال ولايته الثانية الأشغال الكبرى للطريق السريع التي تصل بيشاور (شمال غرب) قرب أفغانستان بلاهور (شرق) عاصمة معقله البنجاب، وتميزت ولايته خصوصا بحيازة باكستان السلاح الذري لأول مرة في دولة إسلامية، في مكسب أضفى عليه شعبية في هذا البلد المعروف بنزعته القومية الكبيرة. وفي خريف 1999 تدهورت علاقته بقائد الجيش الجنرال برويز مشرف. وأقال نواز شريف برويز مشرف عندما كان الأخير عائدا من زيارة رسمية في سريلانكا المجاورة.

وسرعان ما أودع عسكريون موالون لمشرف نواز شريف في الإقامة الجبرية وسيطروا على مطار كراتشي، فعاد مشرف إلى البلاد منتصرا واستولى على السلطة عبر انقلاب أبيض. وبعد بضعة أشهر من الاحتجاز توجه شريف إلى المملكة العربية السعودية ليقيم هناك.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 عاد شريف إلى باكستان للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي اغتيلت خلال حملتها منافسته المدنية بينظير بوتو، لكن حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه فاز بفارق ضئيل في الاقتراع بعدما استفاد من ارتدادات اغتيال بوتو وتعاطف الشعب الباكستاني. غير أن حزبه (الرابطة الإسلامية) تولى إدارة شؤون ولاية البنجاب التي تضم أكثر من نصف دوائر البلاد الانتخابية، وفي إسلام آباد قاد نواز المعارضة الوطنية بينما كان شقيقه يمسك بزمام الأمور في البنجاب.

وأطلق شقيقه العديد من المشاريع، بما فيها إنشاء شبكة حافلات عصرية وشعبية في لاهور، بينما كانت الحكومة المركزية تتخبط في تدني شعبيتها التي تلاشت أثناء سنوات الحكم الخمس الأخيرة وما تخللها من اتهامات بالفساد، وعجزها على التحكم في انعدام الأمن، والتضخم وأزمة الطاقة. ويتمتع شريف بثقة رجال الأعمال وطبقات شعبية عدة، كما يثق فيه الإسلاميون بفضل خطابه المناهض للولايات المتحدة.