فيضانات تاريخية تجتاح عدة مدن في أوروبا الوسطى

11 قتيلا.. والسكان يتناوبون حماية بلداتهم بأكياس الرمل

مياه نهر الدانوب تغمر مناطق سكنية في فيشردورف قرب مدينة ديغندورف الألمانية أمس (إ.ب.أ)
TT

عاشت عدة مدن واقعة على ضفاف الأنهار في وسط أوروبا يوما عصيبا آخر أمس، بسبب الفيضانات الناجمة عن ارتفاع منسوب المياه في أنهار مثل «الدانوب» و«إلبي»، والتي أودت بحياة أحد عشر قتيلا على الأقل. وكانت السيول قد ضربت المنطقة على مدى الأيام القليلة الماضية في أعقاب تهاطل أمطار غزيرة.

وفي المناطق التي تواجه خطرا، عمل السكان أمس بالتناوب في ملء أكياس الرمل بهدف تعزيز السدود. وقال تيم، وهو فتى في الرابعة من العمر، يعيش في دريسدن الألمانية «أنام عند جدتي وأمي عند صديقة لها». ومثل آلاف السكان في هذه المدينة الواقعة على نهر إلبي الذي ينبع من جمهورية التشيك، تم إجلاء تيم من منزله. وقالت جدته التي كانت تساعد في نقل أكياس الرمل في المدينة التي قطع التيار الكهربائي عن أجزاء منها «أصر على القدوم لمساعدتي».

ومن المدن الأخرى المهددة في شرق ألمانيا ديساو ولايبزيغ وماغديبورغ وبيترفيلد، حيث خشي الناس انهيار سد. وقال التلفزيون الألماني «إن تي في» إنه تم تكليف عناصر من الشرطة للقيام بدوريات بمراكب في عدد من شوارع مدن تغمرها المياه لمنع وقوع أعمال نهب. في المقابل، وفي مدن جنوب ألمانيا في بافاريا، طرأ تحسن بطيء على الوضع خصوصا في باساو على الحدود النمساوية عند نقطة التقاء أنهار الدانوب والآين والآيلز. وبلغت السيول التي أودت بحياة ثمانية أشخاص في جمهورية التشيك نهر إلبي، بينما كانت مدن الشمال وألمانيا الشرقية تستعد أمس لمواجهة فيضانه. ومن جهتها، تستعد بودابست للتصدي لفيضان الدانوب الذي يتوقع أن يتجاوز المستوى القياسي الذي سجله في عام 2002. وقد أعلنت حالة التأهب في كل منطقة بيشتي (وسط) وقطاعي كوماروم ايسترغوم (شمال) وغيورموسون سوبرون (غرب).

أما في النمسا، فبدا أن منسوب مياه النهر نفسه كان متجها لبلوغ ذروته أمس في فيينا، كما بدت المدن الواقعة قرب العاصمة النمساوية مهددة بفيضانه. وقد غمرت المياه مرفأ فيينا الثلاثاء بما في ذلك بعض المطاعم الواقعة على ضفاف الدانوب. لكن أقيمت قنوات للتصدي لفيضانات يفترض أن تسمح بحماية باقي المدينة. وبلغ منسوب المياه في الدانوب صباح أمس 10500 متر مكعب في الثانية، بينما يستطيع نظام الأقنية استيعاب 14 ألفا فقط. وقالت الإذاعة الوطنية إن مستوى النهر لن يصل إلى ذلك. وقد منعت الملاحة في النهر. وشهدت العاصمة التشيكية براغ عدة أيام من القلق بسبب نهر فلاتفا أحد روافد نهر إلبي. ووصلت السيول إلى مدينة ميلنيك التشيكية (40 كم شمال براغ) حيث يصب نهر فلاتفا في إلبي، فجر أمس. وتم إجلاء نحو 3700 شخص من المدينة الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا عن الحدود الألمانية. وقد اجتاحت المياه محطة القطارات المحلية. وكانت الفيضانات التي شهدها وسط أوروبا في 2002 أسفرت عن سقوط 17 قتيلا في الجمهورية التشيكية وحدها. وفي الشمال ما زالت آلاف المنازل محرومة من الكهرباء والغاز ومياه الشرب.

من جهتها، قالت وزارة الداخلية المجرية «حسب المعطيات الأخيرة، سيصل الفيضان إلى بودابست الاثنين وليس الأحد، بمستوى 875 سم». وكان منسوب مياه النهر ارتفع في بودابست إلى 849 سم في 2002. وكانت السلطات توقعت حدوث ذلك السبت لكنها عدلت تقديراتها إلى الأحد. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إن «كتلة المياه التي تصل هائلة وتشكل بالتالي تهديدا لحياة البشر، لكن بفضل التعاون الجيد يمكننا حماية الجميع». وأضاف أنه قد تجري عملية إجلاء واسعة خلال الأيام المقبلة.

وتم تعزيز السدود بأكياس رمل على امتداد 191 كم في الشمال والغرب، المنطقتين اللتين تعتبران مهددتين، كما أفادت الوزارة في بيان. وفي العاصمة المجرية أغلقت الأرصفة بأكملها، ومنع الانتقال إلى جزيرة مارغريت في وسط العاصمة. وإلى جانب مارغريت، يبدو حي روماي القائم على ضفاف الدانوب شمال العاصمة المجرية المنطقة المعرضة لأكبر تهديد، لذلك بنت فيه الحكومة نظام سدود متحركة سيشكل هذا الفيضان أول اختبار له.

ويمكن أن تستدعي الحكومة نحو عشرة آلاف شخص من العاملين في مكافحة الكوارث و3600 شرطي ونحو ثمانية آلاف جندي، كما قال رئيس الوزراء الذي تفقد منشآت الحماية المدنية في البلاد. ويمكن أن تغطي المياه طرقا موازية للدانوب شمال بودابست بين تاهيتوتفالو وكيسوروجي، لكنه لن يتم عزل البلدتين، وسيكون من الممكن الوصول إليهما بطرق أخرى.