أبو مازن في ذكرى احتلالها: القدس تستغيث فهل من مجيب؟

أعلن إنه يبحث عن سلام متكافئ وليس استسلاما

TT

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إنه لا سلام ولا دولة من دون القدس (الشرقية)، ولا أمن ولا استقرار، مؤكدا أن القدس هي مقياس السلام ومفتاحه. وأضاف أبو مازن في افتتاح مؤتمر بيت المقدس في الذكرى الـ46 لاحتلال الشق الشرقي من المدينة «القدس تستغيث، فهل من مجيب؟».

واعتبر أبو مازن أن مسؤولية حماية القدس واستعادتها وتطهير مقدساتها لا تقع على كاهل الفلسطينيين وحدهم، بل تشمل الأمتين العربية والإسلامية «والواجب يفرض عليهم مؤازرة أهلها الصابرين في مدينة القدس، ماديا ومعنويا». واستطرد قائلا «في مثل هذا اليوم منذ ستة وأربعين عاما، وقعت القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبدأت إسرائيل في تنفيذ خطة متدحرجة لتغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي للمدينة المقدسة، عبر هدم بيوت المقدسيين، وطردهم المبرمج، ومنعهم من بناء المساكن أو تطوير المصالح الاقتصادية، بالتوازي مع سُعار استيطاني محموم، وتزييف للحقائق والأسماء والتضاريس. كل هذا بهدف عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني، والعمل على إفراغها من أهلها، أو تقليل نسبتهم إلى الحد الأدنى، لكي تصبح الأغلبية في المدينة أغلبية إسرائيلية. ونحن نقول السلام والاستيطان لن يجتمعا، إن كانوا يفكرون في الاستيطان فلن يكون هناك سلام، هذه الأرض أرضنا، ويجب أن يقتلعوا مستوطناتهم حتى يكون هناك سلام».

وجدد أبو مازن القول «لا سلام من دون القدس، ولا دولة من دون القدس، ولا أمن ولا استقرار من دون القدس، فهي أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وهي مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد سيدنا المسيح عليه السلام، وفيها يمتزج الدين والتاريخ والسياسة معا، وهي مقياس السلام ومفتاحه، ولن نقبل بغيرها عاصمة لدولة فلسطين، شاء من شاء». ودعا أبو مازن إلى شد الرحال إلى القدس وزيارتها، والصلاة في أماكنها المقدسة، الإسلامية والمسيحية، وهاجم أصحاب الفتاوى الذين يحرمون ذلك، في إشارة إلى فتوى الشيخ يوسف القرضاوي التي حرم فيها زيارة المدينة المقدسة، قائلا «يؤلمنا أن البعض يحاول قطع الطريق، وتحريم زيارة العرب والمسلمين بحجج واهية تفتقد إلى الدليل الشرعي، والوعي السياسي، وتغفل المعطيات والتغيرات التي تحدث بشكل يومي في مدينتنا المقدسة، ولا تخدم إلا سياسات الاحتلال الذي لا يروق له أن يرى عربيا أو مسلما أو مسيحيا في مدينة القدس».

وأكد أبو مازن أنه بينما ينشد دولة فلسطينية مستقلة، ويؤمن بالسلام، فإن السلام لا بد أن يكون متكافئا، قائلا «إن السلام الحقيقي لا يكون من طرف واحد، فهذا استسلام لا نرضاه ولا نريده، كما أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة وتعاون الأطراف كافة، وبدعم ومساندة ورعاية المجتمع الدولي كله». وأضاف أن «السلام الذي نريده هو ذلك السلام القائم على العدل، السلام الذي يحمي حقوق الشعوب والأمم، السلام الذي يحقق الأمن والاستقرار للناس كافة، إذ لا معنى لسلام لا يحقق العدل والأمن والاستقرار، ولا معنى لسلام يقوم على الظلم والاحتلال واغتصاب الحقوق، ولا معنى لسلام يقوم على الاستيطان والاستعمار وجدران الفصل العنصري بين البشر، ولا معنى لسلام يقوم على الحواجز، وهدم بيوت الآمنين، وتدنيس المقدسات، ومنع حرية العبادة، واعتقال دعاة الحرية ومناضلي الاستقلال».

وأحيا الفلسطينيون الذكرى الـ46 لنكسة عام 1967، التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس (الشرقية) إضافة إلى صحراء سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، بالتأكيد على عروبة هذه الأراضي وعدم التنازل عنها.

وقالت حركة حماس إن «مشروع تحرير فلسطين الذي بدأ بغزة يتوقع أن يستمر ويتصاعد حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وإعادة جميع اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على أرضها وعاصمتها القدس».

ويعتبر ملف القدس الأكثر تعقيدا في الملفات التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وترفض إسرائيل تقسيم المدينة، وتقول إنها بشقيها الشرقي والغربي عاصمة موحدة لليهود. وأظهر استطلاع للرأي أن غالبية الإسرائيليين (3 من كل 4)، يرفضون تقسيم مدينة القدس. وقال 74 في المائة من العينة التي شملها استطلاع أجرته صحيفة «جيروزاليم بوست» إنهم يرفضون أن تصبح القدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولة فلسطينية، بينما أيد 15 في المائة منهم تقسيم المدينة، والتنازل عن السيادة عن أجزاء منها، لإقامة عاصمة للفلسطينيين فيها.

وتعمل إسرائيل في القدس بشكل مكثف لتغيير طابعها العربي، عبر حفريات تحت وفي محيط المسجد الأقصى وهدم منازل وطرد عرب وسحب هويات وإقامة مستوطنات جديدة.

وفي السياق، قال المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، إن إسرائيل ستتعامل مع أملاك فلسطينيي الضفة في القدس على أنها أملاك غائبين، وهو ما يعني الاستيلاء عليها. وأوضح فاينشتاين في لائحة جوابية قدمت لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، أن أي عقارات في القدس الشرقية تعود ملكيتها لفلسطينيين من الضفة الغربية، ستخضع لحراسة الحكومة الإسرائيلية.