«النظامي» يعيد انتشاره لتأمين خطوط الإمداد.. و«الحر» يأسر عناصر من حزب الله

تعزيزات في حلب وجسر الشغور.. والهيئة الشرعية بحلب تعدم قائدا ميدانيا ومساعده

امرأة وحفيدتها تعبران أحد أزقة حي بستان الديوان المدمرة في حمص في صورة التقطها شاب حمصي
TT

تواصلت المعارك العسكرية أمس على الجبهتين الشمالية والجنوبية في مدينة القصير الواقعة بريف حمص، بالتزامن مع اشتباكات في محيط منطقة السيدة زينب في دمشق بين «الجيش السوري الحر» ولواء أبو الفضل العباس المكون من مقاتلين عراقيين ولبنانيين شيعة. وعلى غرار كل يوم جمعة، خرجت عشرات المظاهرات في مختلف المدن والأرياف السورية في «جمعة الغوطة والقصير.. إرادة لا تنكسر»، هتف المتظاهرون فيها دعما للقصير والغوطة الشرقية اللتين تشهدان اشتباكات عنيفة.

وأفادت مصادر المعارضة السورية بأن «القوات النظامية وجهت نيرانها إلى القرى الواقعة شمال شرقي القصير، لا سيما بلدتي البويضة والضبعة، حيث يتحصن المئات من مقاتلي الجيش الحر إضافة إلى المدنيين والجرحى الذي تجاوز عددهم 1000 جريح». وطالب ناشطون معارضون المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ المدنيين في القصير، وقالوا عبر بيان مقتضب نشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي: «والله صمدنا وسنصمد، لكن إلى متى؟ الله أعلم، أرجوكم التحرك بأسرع وقت لنجدتنا، نعم أوقعنا بهم خسائر كبيرة لكنهم كثر، وخط الإمداد عندهم مفتوح ويستطيعون التحرك بحرية، أما نحن فكان الله بنا عليما». وكانت القوات النظامية قد تمكنت من السيطرة على منطقة القصير منذ يومين بمساعدة مقاتلين من حزب الله اللبناني. وتوقعت مصادر ميدانية في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن ينتقل مقاتلو الحزب بعد انتهاء مهمتهم في القصير إلى مناطق سورية أخرى لمساندة النظام في الجبهات المشتعلة.

وفي هذا السياق، أفادت لجان التنسيق المحلية أمس باشتباكات بين «كتائب الحر» والقوات النظامية وعناصر حزب الله في بصرى الشام بدرعا، كما أشارت اللجان إلى أن «الجيش الحر» أعلن سيطرته على مواقع بمعضمية الشام تابعة لحزب الله، وأسر عناصر من الحزب. وبث ناشطو المعارضة شريط فيديو على موقع «يوتيوب» يظهر فيه عناصر من لواء الإسلام التابع لـ«الجيش السوري الحر» وهم يستهدفون براجمات الصواريخ القوات النظامية وعناصر حزب الله المتمركزين في مطار دمشق الدولي.

في غضون ذلك، أشار النقيب المنشق علاء الباشا، أحد القادة العسكريين، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الجيش الحر يستعد لاقتحام منطقة الست زينب التي تعتبر من أهم نقاط الاشتباكات التي يقاتل بها حزب الله بجانب مقاتلين من لواء أبو الفضل العباس». وأوضح أن «منطقة الست زينب تعد من المناطق الاستراتيجية في دمشق بالنسبة إلى المعارضة والسيطرة عليها تجعل الطريق سالكة بين القنيطرة والعاصمة.. الأمر الذي يسهل السيطرة بالكامل على الغوطة الغربية». ولفت إلى أن «المعارك تتمحور في محيط منطقة السيدة زينب ومعضمية الشام ضد مقاتلين من حزب الله وعناصر لواء أبو الفضل العباس».

ويشهد الميدان السوري تحولا تكتيكيا بعد بسط القوات النظامية سيطرتها على مدينة القصير، بريف حمص، إذ وسعت القوات الحكومية من دائرة انتشارها في أرياف دمشق وحمص، ودفعت بتعزيزات إلى الشمال، في محاولة لاستعادة منطقة جسر الشغور الاستراتيجية الفاصلة بين محافظتي حلب وإدلب، فيما يبدو أنه «تحول باتجاه معركة طائفية أوسع»، بحسب ما يؤكده خبراء.

وتشير خارطة الانتشار الجديد للجيش النظامي، بعد سقوط القصير، إلى تحول تكتيكي بالخيارات والأهداف العسكرية في المرحلة المقبلة. ويؤكد المقدم المظلي خالد الحمود، القائد العسكري لتجمع حماة الثورة، أن القوات النظامية «دفعت بتعزيزات إلى قريتي نبل والزهراء الشيعيتين في شمال حلب، وجسر الشغور في إدلب، والمنطقة القريبة من جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية».

ويقول الحمود لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام وحلفاءه دفعوا بـ4 آلاف عسكري إلى حلب، فيما دخل أخيرا 3 آلاف مقاتل من الشبيحة، طريق اللاذقية، إلى جسر الشغور والمناطق المحاذية لها، تحضيرا لمعركة حاسمة». ويشير إلى أن هذه الحشود «تهدف للسيطرة على جسر الشغور الذي يعد المنطقة الفاصلة بين حلب واللاذقية وإدلب، التي تحول دون تأمين القرى العلوية التي يسيطر الجيش الحر على المناطق الفاصلة بينها في جبل الأكراد ومنطقة الحفة». وأعرب عن اعتقاده أن انطلاق الحشد لعملية عسكرية واسعة في جسر الشغور، يهدف «لتطويق جبل الأكراد، والحفة للضغط عليهما، كونهما تشكلان خطرا على القرى العلوية التي تمتد من الحدود التركية وصولا إلى حمص».

وفي حماه، نفذ الجيش النظامي انتشارا جديدا في الريف الغربي للمدينة. ويقول المقدم الحمود إن الحشود العسكرية تنتشر في محيط حلفايا وكرناز، وتنطلق باتجاه سهل الغاب وريف حلب الغربي وطرف السلمية وعين النسر والشعيرات في حمص، وصولا إلى القصير.

وفي حمص، يشير ناشطون إلى أن القوات النظامية تحشد في ريف حمص الشمالي، وفي الرستن وتلبيسة، كما تحشد قبالة أحياء حمص الداخلية، في الميدان وغيره، للانطلاق نحو حي الخالدية.

وتشهد منطقة ريف دمشق، وفق ما يؤكده ناشطون وقياديون ميدانيون، أكبر عملية إعادة انتشار للجيش السوري النظامي، بدءا من منطقة جبل القلمون المتاخمة للحدود اللبنانية - السورية، وصولا إلى الغوطتين الشرقية والغربية، حيث تتموضع على عدة جبهات. ويعرب خبراء استراتيجيون عن اعتقادهم أن النظام يظن أن بإمكانه في المرحلة المقبلة تنفيذ الخطة «ب»، بعد سيطرة المعارضة على العاصمة، وهو الانتقال إلى الساحل لإنشاء دولة على أساس طائفي عاصمتها حمص، وهو ما يفسر، وفق هؤلاء، الحملة العسكرية على القصير بهدف إسقاط حمص بيد القوات النظامية، خصوصا أن القصير كانت تقف عائقا جغرافيا وشعبيا أمام تقدمه.

وتلتقي خارطة الانتشار الجغرافي للقوات النظامية مع تقارير صحافية نشرت أمس تقول إن «استيلاء قوات حكومية سورية يتقدمها مقاتلون من جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية على بلدة القصير، يهدد بتحويل الحرب في سوريا إلى معركة طائفية أوسع بين القوى السنية والشيعية تجتاح البلدان المجاورة». وأشار التقرير، الذي نشرته وكالة رويترز للأنباء، إلى أن «القتال الآن يهدد بأن يتخذ بعدا أكثر طائفية واتساعا بالمنطقة، وربما ينذر بانسحاب مقاتلي المعارضة السورية السنة إلى شرق لبنان بهجمات انتقامية ضد قرى شيعية ومعاقل حزب الله هناك».

في موازاة ذلك، خرجت عشرات المظاهرات ظهر أمس في مختلف المدن والأرياف السورية بعد صلاة الجمعة. وهتف المتظاهرون بتضامنهم مع القصير ودعمهم للغوطة الشرقية. وسجلت عشرات المظاهرات في عدد من مناطق محافظة حلب، أهمها في حي الشعار وباب النصر وبستان القصر والزبدية وأخترين والأتارب. كما خرجت مظاهرات في العسالي ودوما في دمشق وريفها، إضافة إلى مظاهرات في حاس وبنش وكفرنبل في إدلب، وفي مدينة الرقة، ومختلف مناطق دير الزور مثل الميادين والبوكمال.

وفي مدينة حلب، أظهر شريط مصور نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان إعدام الهيئة الشرعية قائد لواء جيش محمد في المدينة وأحد مساعديه، بتهمة تورطهما في جرائم قتل وسرقة وفرض إتاوات على المواطنين. وكان قائد لواء جيش محمد قد سلم نفسه للهيئة في شهر مارس (آذار) عقب حملة قامت بها في الشهر ذاته في صفوف لواء جيش محمد.

في حلب أيضا، ذكر المرصد أن اشتباكات عنيفة دارت بين مسلحي الجيش الحر والقوات النظامية في محيط مبنى القيادة بمطار منغ العسكري الذي تتحصن فيه القوات النظامية، موضحا أن قوات المعارضة قصفت المبنى بقذائف الدبابات. وأضاف أن «اشتباكات أخرى وقعت بين مقاتلي الحر والقوات النظامية عند أطراف قرية خان طومان، في محاولة من القوات النظامية لاقتحام البلدة».