استمرار المعارك قرب معبر القنيطرة.. وروسيا تعرض خدماتها لملء الفراغ

القوة النمساوية تنسحب رسميا خلال أسابيع.. وعشرات السوريين هربوا إلى الجانب المحتل

خارطة الجولان منذ عام 1923
TT

في خطوة تعكس مدى الرغبة الروسية في ضبط الأمور على جبهة محافظة القنيطرة وتهدئة المخاوف الإسرائيلية من سيطرة قوى «ذات أجندات غير معروفة»، على معبر القنيطرة الذي يصل سوريا بالقسم الذي تحتله إسرائيل من مرتفعات الجولان، اقترح الرئيس فلاديمير بوتين استعداد بلاده لإرسال قوة سلام روسية لتحل محل الكتيبة النمساوية التي تعتزم الانسحاب، اعتبارا من 11 يونيو (حزيران) الحالي.

واشترط بوتين، في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية، لتحويل المقترح إلى واقع، أن تبدي القوى الإقليمية اهتماما بهذا العرض، وأن يتم ذلك عبر القنوات الدبلوماسية في الأمم المتحدة، مضيفا، خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، طلب هذا الأخير من موسكو زيادة مشاركتها في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وأعلنت النمسا أول من أمس سحب وحدتها في قوة مراقبة فك الاشتباك في الجولان التابعة للأمم المتحدة، موضحة أن الإبقاء على عناصرها «لم يعد ممكنا» لدواعٍ أمنية على علاقة باتساع دائرة النزاع السوري في تلك المنطقة. وأوضح وزير الدفاع النمساوي جيرالد كلوغ أن سحب عناصر بلاده الـ378 سيحتاج «ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع»، وأن طليعة المغادرين سترحل عن الجولان في 11 يونيو.

وقد أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا أعربت فيه عن الشكر للقوات النمساوية. وأعربت عن أملها في أن لا تنسحب قبل ترتيب بديل عنها. وقالت إنها تتمنى أن لا يؤدي القرار النمساوي إلى انسحابات أخرى من الدول الأخرى وانهيار نظام المراقبة الدولية في المنطقة منزوعة السلاح، خصوصا أن الفلبين كانت قد لمحت في الأسابيع الماضية إلى رغبة في الانسحاب، احتجاجا على خطف جنودها مرتين، وإصابة جنديين فلبينيين، جراء تبادل إطلاق النار بين النظام والمعارضة. وتوجهت إسرائيل رسميا إلى كي مون، مطالبة بأن يتم الاتفاق مع النمسا، على أن لا تسحب قواتها بشكل فعلي قبل أن تتشكل قوات بديلة عنها. فأبلغها مون أنه توجه إلى عدة دول في العالم لكي تحل محل القوات النمساوية.

في غضون ذلك، سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشر نبأ لجوء عشرات المواطنين السوريين الفارين من منطقة الاشتباكات إلى الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان، ولكنهم أعيدوا إلى الجانب السوري بعد ساعات. وبقي الموضوع طي الكتمان، إلى أن سمح بنشره، أمس.

وقد جرت هذه الواقعة، أول من أمس، عندما تمكنت قوات المعارضة السورية من السيطرة على معبر الحدود في القنيطرة. وأكد الناطق العسكري الإسرائيلي أن قواته استقبلت المواطنين السوريين لعدة ساعات، وعندما عادت قوات النظام وسيطرت على المعبر، أعيد المواطنون إلى الجانب السوري من معبر غير رسمي تستخدمه القوات الإسرائيلية لأغراضها، جنوب ذلك المعبر، مع العلم بأن الاشتباكات ما زالت مستمرة في المنطقة بشكل متقطع، والمعارضة تقول إنها مصممة على هزم قوات نظام الرئيس بشار الأسد هناك.

وكانت الاشتباكات على المعبر قد تسببت في ارتباك بصفوف القوات الدولية التي ترابط على طول حدود وقف النار بين الجانبين، خصوصا بعد إصابة جنديين فلبينيين. وعلى أثر ذلك، أعلنت النمسا نيتها سحب قواتها من الجولان. وصرح وزير الشؤون الاستراتيجية والمخابرات والعلاقات الدولية في الحكومة الإسرائيلية، يوفال شتاينتس، أن انسحاب القوات النمساوية من قوات الفصل الدولية في الجولان، يدل على «صدق السياسة الإسرائيلية» القائلة إنه «يجب أن نعتمد فقط على أنفسنا في أي اتفاق سلام مستقبلي، وليس على قوات دولية».

وقال شتاينتس، في معرض تعليقه على ما سماه «حالة الفوضى في سوريا»، إن «القوى المتحاربة على الطرف الآخر من حدودنا، لا تعرف الرحمة. وتؤكد صحة موقفنا بأنه لا يمكن الاعتماد على أحد غير القوات الإسرائيلية في الدفاع عن أمن إسرائيل». ويبلغ قوام قوة فض الاشتباك العاملة في الجولان «أوندوف» 1043 جنديا أمميا، ترابط في الجولان منذ عام 1974، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 الذي صدر في 22 أكتوبر (تشرين الأول) من سنة 1973، الذي جاء في أعقاب انتهاء حرب أكتوبر تلك السنة. وتنحصر مهمة القوة بمراقبة حدود وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة بين القوات السورية والإسرائيلية البالغ طولها 80 كيلومترا.