الصدر يقلل من أهمية دعوات المالكي إلى المصالحة في ظل استمرار العنف

زعيم التيار الصدري: هل التقبيل والمعانقة تمحو المفخخات

عراقيون من السنة والشيعة يؤدون صلاة الجمعة الموحدة في مسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

قلل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من أهمية دعوات المصالحة التي يقوم بها رئيس الوزراء نوري المالكي معتبرا أنها جاءت متأخرة في ظل استمرار موجة العنف في البلاد رغم الهدوء النسبي بالقياس إلى الانهيار الأمني قبل نحو أسبوع. ويجئ موقف الصدر بعد أيام من المصالحة التي جرت في مقر زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم بين المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي والتي تبادلا فيها القبل فيما بينهما، وقبل يوم واحد من عزم المالكي التوجه، غدا، إلى أربيل لعقد جلسة اعتيادية لمجلس الوزراء هناك ولقاء القادة الأكراد.

وقال الصدر في بيان له أمس الجمعة بشأن التظاهرات التي انطلقت في مدينة الناصرية (350 كم جنوب بغداد) حول سوء الخدمات «لن يرعوي هؤلاء السياسيون بل ما زالوا دائبين على تكريس نفوذهم وتقوية سلطانهم والحفاظ على كرسيهم»، وأضاف الصدر: «بعد أن ملأت الخلافات السياسية والصراعات الطائفية البلد لعدة سنوات، بعد الانتخابات المنصرمة وإلى يومنا هذا، يدعو رئيس الوزراء إلى تصالح السياسيين بكل أطيافهم ومذاهبهم»، مخاطبا إياه: «أين كنت طيلة هذه السنوات، هل التقبيل والمعانقة تمحو المفخخات». وخاطب الصدر السياسيين العراقيين بالقول: «أيها السياسيون التفتوا إلى شعبكم عسى الله أن يرحمكم وكلامي إلى الجميع، إلى الأحرار قبل غيرهم وإلى غيرهم قبل الأحرار، لا أستثني أحدا إلا بعض الثلة التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أو يزيد بقليل»، داعيا إياهم إلى «خدمة الشعب». وأكد الصدر أن «السياسة ليست مباراة لكرة القدم ولا جريا في الميدان ولا رماية بل هي الفناء في الله وحب الوطن»، مضيفا أن «خدمة المحتاجين عزة لكم والعار كل العار لمن زادت ثرواته من قوت شعبه ولقمتهم وتبت يد كل من تلاعب بمقدرات الشعب وحقوقهم من أجل إثبات الكرسي».

وتابع: «كفاكم بعدا عن الله جل جلاله وعن الشعب وهلموا لخدمة شعبكم»، محذرا من «تظاهرات مباركة شعبية لا غربية ولا شرقية ولا حزبية ولا طائفية كالتي في الناصرية الفيحاء والاعتصامات المستمرة فيها للمطالبة بالكهرباء، الطاقة المفقودة بأي ذنب لا نعلم».

من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللافت للنظر أن سلسلة الأعمال والدعوات التي يطلقها السيد مقتدى الصدر إنما ينطلق فيها من مصلحة الشعب دون حساب لأية مصلحة أخرى ضيقة لكن ما نلاحظه أن كل خطوة يخطوها تقابل من جهات معينة معروفة، في إشارة إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، بالذم والتشويه والتسقيط ابتداء من زيارة أربيل (العام الماضي) ومعانقة الأخوة الكرد وانتهاء بالصلاة في جامع الكيلاني في بغداد» مشيرا إلى أن «الاتهامات في هذا المجال معروفة وأبرزها أن الصدر قد شق عصا الشيعة حين زار أربيل وإننا التيار الصدري أصبحنا خوارج لأننا صلينا في جامع الكيلاني صلاة موحدة». وأضاف الجبوري قائلا: «لكن لاحظ ما يجري الآن حيث إن المصالحة حصلت بين المالكي والنجيفي والتقبيل وقع كما دعا المالكي إلى صلوات موحدة فهل ما نقوم به نحن ومن خلال السيد الصدر ننال عليه كل أنواع الذم والتسقيط مع أن تلك الدعوات كانت في وقت مبكر وقبل استفحال الأزمات، بينما ما يقومون به الآن وبعد فوات الأوان تقريبا حلال ومطلوب وينطوي على حكمة؟».

وأكد الجبوري أن «السيد الصدر عندما حذر ودعا وشارك في الاجتماعات واللقاءات في العام الماضي لم يكن ينطلق من موقف معين مع هذه الجهة أو ضد تلك بل هو ينطلق من موقف ورؤية استشرافية للمستقبل لأن الصدر سليل أسرة عريقة ولها مواقف واعتبارات على صعيد دعم العمل الوطني والإسلامي وليس من هواة السياسة وبالتالي فإنه من المعيب أن يلجأوا إلى تسقيط الصدر ومن ثم يقتفون أثره فيما بعد عندما يفلت الزمام من أيديهم». ودعا الجبوري رئيس الوزراء نوري المالكي إلى أن «يستفيد من النصائح التي لا تضمر له شرا بل تريد مصلحة البلاد في المقام الأول فما معنى التمسك بالكراسي بينما يخرج الناس للتظاهر والاحتجاج في أكثر من مكان ومحافظة في العراق». من جهتها أكدت عضو البرلمان العراقي فائزة العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «دعوات الصلح مطلوبة ولكنها لا تكفي وحدها سواء جاءت من المالكي أو النجيفي ما لم تدعم ببرامج عمل وإرادة حقيقية لإيجاد حلول للمشكلات العالقة». وأضافت العبيدي أن «البلد يمر في أزمة وأن الجميع الآن في امتحان من أجل الخروج من هذه الأزمة وهو ما يحتم على السياسيين الارتفاع إلى مستوى مسؤولياتهم لكي تتحول المصالحة من مجرد حالة رمزية إلى واقع عملي من خلال حل المشكلات العالقة وتخطي مرحلة المبادرات واللقاءات التي لا تؤدي في النهاية إلى مواجهة الأزمات بشكل جدي ومسؤول».