المتحدث باسم حكومة جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»: نرفض اتهامات البشير وهو يحاول التنصل من اتفاقياته معنا كعادته

جوبا والخرطوم تعودان إلى تبادل الاتهامات من جديد.. وواشنطن تقف مع إجراء الاستفتاء في آبيي

TT

رفضت دولة جنوب السودان الاتهامات التي ساقها الرئيس السوداني عمر البشير ضدها بدعم الجبهة الثورية وعدم تنفيذ اتفاقيات الترتيبات الأمنية، وهدد جوبا باتخاذ إجراءات لم يفصح عنها، فيما اعتبرت الدولة التي استقلت عن السودان قبل عامين أن مواقف الخرطوم الجديدة محاولة للتنصل من اتفاق التعاون، وتعتبر عودة الاتهامات المتبادلة نكسة جديدة بعد آخر لقاء جمع الرئيسين عمر البشير وسلفا كير في أديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، ولقاء سابق في جوبا في أبريل (نيسان) الماضي، في وقت شددت واشنطون على وقوفها بقوة مع المقترح الأفريقي بإجراء الاستفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) القادم في منطقة آبيي المتنازع عليها بين جوبا والخرطوم، وأكدت على أنها ستمارس ضغوطا على الجهات الإقليمية والدولية لوضع المقترح موضع التنفيذ وفي موعده.

وقال الدكتور برنابا مريال بنجامين وزير الإعلام والبث الإذاعي في دولة جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته ترفض اتهامات الرئيس السوداني عمر البشير لاتهامها بدعم الجبهة الثورية التي تقاتل الخرطوم في مناطق (دارفور، شمال وجنوب كردفان والنيل الأزرق)، معتبرا أن البشير يسعى للتنصل من اتفاق التعاون الذي تم توقيعه بين البلدين في سبتمبر (أيلول) الماضي في أديس أبابا، وأضاف (نحن لا ندعم الجبهة الثورية وليس لدينا إمكانيات مادية أو أسلحة نقدمها للحركات المتمردة على الخرطوم وسبق أن اتفق البشير وسلفا كير في أبريل الماضي في جوبا بعدم دعم أي طرف متمردين ضد الطرف الآخر)، وقال (هذه هي عادة البشير التنصل مما يتفق عليه سواء معنا أو أي جهة أخرى وتجاربنا معه كثيرة)، وتابع (لكننا نملك الدليل الموثق بدعم النظام السوداني للمتمردين ضد بلانا ولم نشأ أن نتحدث عن ذلك لأننا أردنا أن يكون هناك مناخ للحوار بين البلدين لتطبيع العلاقات).

وقال: إن أحد قادة التمرد ضد جنوب السودان الجنرال جونسون أولنج قاد عاد إلى البلاد الثلاثاء الماضي من دولة السودان بعد أن أصدر سلفا كير عفوا عاما لحملة السلاح، مشيرا إلى أن أولنج عاد ومعه أكثر من (3) آلاف مقاتل وبأسلحة ثقيلة وسيارات تابعة للجيش السوداني، وقال: إن أولنج كان يقاتل جيش جنوب السودان في مناطق أعالي النيل منذ عام 2011. وأضاف (العالم كله شاهد الأدلة عبر الفضائيات ووكالات الأنباء ولا يمكن للخرطوم أن تنكر هذه الأدلة الدامغة).

وقال بنجامين إن الحكومة السودانية ظلت توقع الاتفاقيات نهارا وتنكرها ليلا وأنها فعلت ذلك حتى مع اتفاقيات التعاون بالمماطلة في التنفيذ، وأضاف (نحن نفذنا كل ما يلينا في اتفاقيات التعاون فورا بدءا من سحب قواتنا من على الحدود لخلق المنطقة المنزوعة السلاح وإلى إعادة ضخ النفط للتصدير)، وقال: إن الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي يشهدان على أن بلاده نفذت الاتفاقية في مواقيتها، وأضاف أن الخرطوم لم تسحب كل قواتها من على الحدود لنوايا أخرى تسعى لها، وكشف عن أن حكومته أبلغت مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي باعتبارهما من شهود الاتفاقيات التي وقعت في سبتمبر الماضي في العاصمة الإثيوبية بالمواقف التي تظهر من حين إلى آخر من قبل الحكومة السودانية – على حد تعبيره – وتابع (البشير منذ أن تم توقيع اتفاقيات التعاون كان يضمر هذه المواقف المناوئة ضدنا وما زال يسعى لتخريب بلادنا بدعم المتمرد ديفيد ياو ياو في ولاية جونقلي)، وقال (ليس لدينا مواقف ضد السودان ولا نسعى لذلك على البشير أن يعود إلى تنفيذ الاتفاقيات وأن يحل قضايا بلاده مع الجبهة الثورية سلميا ويمكننا أن نساعده في ذلك وأبلغناه أكثر من مرة بأننا يمكن أن نساهم في حل أزمته مع المسلحين).

وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد نقل إلى مجلس وزراء حكومته أول من أمس بأنه أبلغ القادة الأفارقة الذين التقاهم على هامش القمة الأفريقية الأخيرة في مايو، بموقف بلاده حيال عدم التزام حكومة الجنوب بتنفيذ الاتفاقيات التسع في مصفوفة التعاون المشترك، وقال: إنه نقل للقادة الأفارقة أن الوقائع على الأرض أثبتت أن حكومة الجنوب لم تنفذ ما وجب عليها، في الترتيبات الأمنية، وأنها لم تسحب قواتها من المناطق المتفق عليها، وهدد بإجراءات ستتخذها حينما ينقضي الأجل المحدد لإنفاذ ترتيبات المصفوفة لكنه لم يفصح عنها.

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء السوداني حاتم بخيت للصحافيين إن البشير شدد في اجتماع مجلس الوزراء على أن جوبا لا تزال تدعم الحركات المتمردة وبالأدلة الواضحة والدامغة بغرض مواصلتها التخريب والإرهاب في إطار مخطط استراتيجي للنيل من مقدرات البلاد، مشيرا إلى أن المجلس وجه بحملة إعلامية ودبلوماسية لشرح موقف الخرطوم والتعريف بما سيتم اتخاذه من إجراءات جراء عدم تنفيذ جنوب السودان لواجباتها تجاه المصفوفة ومواصلة دعمها لحركات التمرد ضد السودان.

إلى ذلك قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى جنوب السودان سوزان بيج في حوار مع صحيفة «المصير» الصادرة أمس في جوبا إن حكومتها على علم بموقف السودان الرافض لمقترح الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي حول إجراء الاستفتاء في منطقة آبيي في أكتوبر المقبل، وشددت على أن بلادها ستضغط على الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن لوضع المقترح حيز التنفيذ وفي موعده، وقالت (ينبغي على مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي إلزام جوبا والخرطوم إلى إنفاذ المقترح)، وأشارت إلى أن ترسيم الحدود بين السودان وجنوب السودان وبقية القضايا العالقة تحتاج إلى إرادة سياسية بين البلدين، وأضافت أن البلدين يمكنهما الذهاب إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي للفصل في هذه القضية أو قضايا أخرى مدعاة أو متنازع عليها.

وأشارت بيج إلى أنها تتوقع أن تبرم بلادها مع دولة جنوب السودان صفقات تسمح لشركات أميركية وصفتها بالكبيرة للعمل في مجال النفط والتنقيب في الدولة الجديدة، لكنها لم تكشف عن قائمة هذه الشركات واكتفت بالقول: إن ذلك سيتم خلال الأشهر القليلة المقبلة، مستبعدة أن يكون هناك تنافس بين بلادها مع دولة الصين في مجال النفط في جنوب السودان، وقالت: إن بكين كانت لديها استثمارات كبيرة في السودان وفي مجالات اقتصادية كثيرة.