شخصيات شيعية تصدر بيانا تستنكر فيه ممارسات «حزب الله» في سوريا

أحد الموقعين: توزيع الحلوى في «الضاحية» احتفاء بسقوط القصير «معيب أخلاقيا»

TT

وجهت شخصيات سياسية وأكاديمية شيعية لبنانية نداء بعنوان «مبتدآت ومواقف؛ لبنانيون شيعة يخاطبون اللبنانيين»، دعت اللبنانيين فيه «على وجه السرعة، إلى التسليم بأن للشعب السوري كل الحق في أن يحدد بنفسه ما يرتضيه لنفسه من خيارات حاضرة ومستقبلية، ومن نظام سياسي في منأى عن أي تدخل خارجي، أو من أي اتهام لهذا الفريق منه أو ذاك بالخيانة أو بالعمالة أو بسواها من التهم المجانية».

وتبدي شريحة واسعة من المثقفين والناشطين والأكاديميين والصحافيين والعلماء الشيعة، إضافة إلى فئات شعبية عريضة، امتعاضا من مشاركة حزب الله اللبناني في القتال داخل سوريا. ويصر كثيرون على التمييز بين دعمهم للمقاومة في وجه إسرائيل ورفضهم القتال في سوريا.

لكن حالة الامتعاض هذه لم يتم التعبير عنها حتى الآن في إطار جامع وموحد. ويوضح الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، وهو أحد الموقعين على النداء، لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم التعبير عن هذا الامتعاض يرتبط بموضوع طويل يتعلق بحالة اختطاف طويلة شارك فيها ناس كثر ادعوا أنهم على نقيض مع حزب الله، لكن فضلوا بعد ذلك الوصول إلى تسويات مؤقتة معه، على أن يتعاونوا مع شريحة قادرة على أن تشكل منبرا لكل الناس غير الراضين».

وتمنى الموقعون على النداء، وهم كل من الناشطين السياسيين والأكاديميين راشد حمادة وخليل الخليل ويوسف الزين ولقمان سليم وإبراهيم شمس الدين وشوقي صفي الدين وماجد فياض ومنى فياض ومحمد مطر وغالب ياغي، أن «يجد شعب سوريا طريقه في أسرع وقت، وبأقل أكلاف بشرية ومادية، إلى الأمن والأمان في ظل الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان».

ويوضح سليم أن «هذا النداء لم يكتب عشية سقوط القصير ولا على وقع المشهد السوري، بل جرى الإعداد له منذ فترة طويلة»، لافتا أن الهدف من صوغه بدقة وعناية لم يكن جمع عشرات التوقيع وإضافتها بشكل عشوائي، على أن سيكون مقدمة لخطوات أخرى في الفترة المقبلة.

وأشار النداء الصادر عن الشخصيات الشيعية المذكورة إلى أن «التطورات التي تشهدها سوريا، لا تسرع فقط من وتيرة ما يشهده لبنان من ارتباك سياسي واجتماعي يترجم عنه اضطراب حبل الأمن بما ينذر بما لا تحمد عقباه، وإنما تسرع أيضا من وتيرة اقتراب اللبنانيين، مرة جديدة، من لحظة حقيقة لن يجدوا معها بدا من إعادة صياغة خياراتهم الوطنية ودفتر شروط عيشهم الواحد المشترك».

وفي سياق متصل، يقول سليم، الذي لا يتردد في وصف مشهد توزيع الحلوى قبل أيام في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، احتفاء بـ«سقوط القصير»، بالـ«معيب أخلاقيا»، إن ما جرى «يدل سياسيا على مأزق حزب الله الذي كان يضطر أن ينفخ مؤقتا الشريعة التي يفرضها على الضاحية وسواها من جهة وأن يدع لعامة الناس أن يحتفلوا بهذا الشكل، من جهة أخرى»، معتبرا أن ذلك «ينم عن روح كيدية لا تليق بصورة الشيعة عن أنفسهم ولا بصورة اللبنانيين عن الشيعة».

ولا يقتصر مضمون النداء الموجه إلى اللبنانيين على الشأن السوري فحسب، بل يتطرق للشأن اللبناني، من خلال اعتبار الموقعين عليه أن «المصدر الأساسي للتحديات وللمخاطر التي يواجهها لبنان هو انحلال الدولة، الناتج عن استباحتها من طرف حزبيات شتى، سافرة ومستترة، وهو انحلال يعبر عنه تنازلها، الطوعي أحيانا، ومن قلة حيلة أحيانا أخرى، عن امتيازاتها السيادية سواء في الداخل أم في علاقاتها الخارجية»، وتذكيرهم «بأن القوة، مهما عظمت، ليست ضمانة لحاضر أو ضمانة لمستقبل، وبأن الكثرة، مهما حسنت في عين البعض واطمأن إليها، ليست حجة مفحمة».

وفي هذا الإطار، يصر سليم على أنه «لا يمكن فصل تدخل حزب الله في القتال في سوريا عن محفظة علاقات أساء لها النظام البعثي طوال 15 سنة حتى عام 2005، ويسيء لها حلفاؤه في لبنان منذ عام 2005، وفي مقدمهم حزب الله». وهو إن كان يعتبر أنهم «جميعهم يشتركون بالإساءة بالاستباحة»، إلا أنه يشدد على أنه «لا يمكن الخلط بين استباحة بالسلاح واستباحة أخرى بالفساد».

انطلاقا من هنا، يشدد نداء الشخصيات الشيعية على أنه «قد آن الآوان، إن لم يكن قد تأخر، لمراجعة شاملة لسياسات العقود الماضية، أرباحا وخسائر، لبنانيا وشيعيا». ويؤكد أن «تشبث بعض اللبنانيين بإنكار حراجة هذه الساعة اللبنانية، وبإنكار أنها لحظة حقيقة تضعهم جميعا على محكها، لا يغني عنهم شيئا، فإن يسعهم التوسل، عن خطأ أو عن صواب، بالنأي بالنفس عن شؤون الغير، لا يسعهم النأي بأنفسهم عن شؤونهم».