الرئيس السوداني يوجه بإغلاق الأنبوب الناقل لنفط جنوب السودان اعتبارا من اليوم

البشير: جوبا اختارت أن «تعض» اليد التي امتدت لها

جنود تابعون لدولة جنوب السودان في المنطقة الحدودية المتنازع عليها (رويترز)
TT

وجه الرئيس السوداني عمر البشير وزير نفط بلاده عوض الجاز بإغلاق أنابيب نفط دولة جنوب السودان اعتبارا من اليوم، وقال إن السودان لن يتأثر بقفل الأنبوب، متهما جوبا بمواصلة دعم متمردي الجبهة الثورية التي تقاتله في مناطق (دارفور، جنوب وشمال كردفان والنيل الأزرق) بهدف إسقاط نظامه.

وكان السودان وجنوب السودان قد وقعا اتفاقيات تعاون بينهما في سبتمبر (أيلول) الماضي في أديس أبابا، لكن الاتفاق واجه عراقيل عند التنفيذ، مما دفعهما لتوقيع اتفاق في مارس (آذار) الماضي عرفت باسم (مصفوفة تنفيذ اتفاقيات التعاون)، ومن بينها سحب جيشي البلدين بـ10 كلم جنوبا وشمالا وخلق منطقة عازلة على الحدود، واستئناف ضخ النفط الجنوبي ونقله عبر الأنابيب إلى الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر، وقد وصل نفط جنوب السودان إلى السودان الأسبوع الماضي ويتوقع أن يصل ميناء بورسودان خلال الأيام المقبلة.

وقال البشير أمام حشد جماهيري بثه التلفزيون الرسمي أمس بمناسبة افتتاح محطة كهرباء جديدة لمدينة في شمال الخرطوم إن جنوب السودان بعد أن أعطاها السودان استقلاله عض بدولة كاملة من ثروات وموارد وأرض، وأضاف: «لكن الجنوبيين عضوا اليد التي مدت لهم بعد كل ذلك»، وقال إن وزير النفط السوداني عوض الجاز كان قد أمهل جوبا أسبوعين لتمرير نفطها إلى موانئ التصدير، وتابع: «أنا أوجه عوض الجاز بأن يأمر شركات النفط بإغلاق أنابيب النفط من يوم غد الأحد – اليوم»، وقال إن دولة الجنوب إذا أرادت أن تصدر نفطها عبر دولة كينيا أو إثيوبيا فهذا خيارها، وأضاف: «لن يمر نفط الجنوب من السودان مرة أخرى حتى لا يستفيد العملاء والمرتزقة من عائداته»، مشيرا إلى أن القرار مدروس ولا تراجع عنه، وقال: «لقد عرفونا بذلك كما عرفنا الغرب في أوروبا والولايات المتحدة ووجدوا أننا لا يمكن ابتلاعنا»، ووجه بفتح معسكرات التدريب لقوات الدفاع الشعبي، وقال: «كل يد تمتد إلى السودان سوف يتم قطعها وأي من يطول لسانه على السودان سيتم قطعه ومن يرفع عينه على السودان سنفقأها له». ولم يعلق أي مسؤول في دولة جنوب السودان على حديث البشير. إلى ذلك اعترف «تحالف قوى الإجماع الوطني» المعارض في السودان بأن لديه خطة الـ(100) يوم لإسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير. كانت الخرطوم قد كشفت عن الخطة أول من أمس، وأكدت المعارضة تحالفها مع «الجبهة الثورية» التي تخوض حربا ضد الحكومة المركزية في مناطق (دارفور، شمال وجنوب كردفان والنيل الأزرق)، في وقت اتهمت دولة جنوب السودان الخرطوم بشن عمليات تطهير عرقي في منطقة (أبيي) المتنازع عليها بين البلدين.

وقال رئيس هيئة «تحالف قوى الإجماع الوطني» المعارض، فاروق أبو عيسى، في مؤتمر صحافي، أمس، أن «قوى الإجماع» تتحالف مع «الجبهة الثورية» التي تخوض حربا مع الحكومة المركزية في مناطق (جنوب وشمال كردفان، دارفور والنيل الأزرق)، وأضاف أن خطة المائة يوم التي أقرتها المعارضة تتضمن وسائل سلمية لإسقاط النظام وإقامة بديل ديمقراطي وفق ترتيبات انتقالية متفق عليها، وقال إن خطة المائة يوم جاءت تطويرا للـ(30) يوما التي عرضت على المعارضة من سودانيين بالداخل والخارج لإسقاط النظام عبر جملة إجراءات سلمية، بما فيها جمع توقيعات من أبناء السودان داخليا وخارجيا تطالب بإسقاط النظام، وأضاف: «وخطة الـ(100) يوم وافق عليها جميع قوى التحالف بما، فيها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي»، مشيرا إلى أن الخطة وضعت بعد أن رفض «المؤتمر الوطني» الحاكم برنامجين عرضتهما عليه المعارضة، يدعوان إلى حوار وطني يفضي إلى فترة انتقالية وينهي نظام سيطرة الحزب الواحد على الحكم، ويقود إلى حل القضايا الاقتصادية كافة.

من جانبه، قدم القيادي في التحالف محمد ضياء شرحا لتفاصيل الخطة، وقال إنها مقسمة إلى ثلاث مراحل وتبدأ من يونيو (حزيران) الحالي، وأضاف: «الخطة تضمن العمل السلمي من ندوات واعتصامات وانتفاضة شعبية حتى إسقاط النظام»، لكنه قال إن المعارضة وضعت تصورا ستطرحه على النظام عندما تصل الخطة إلى منتصفها يقود إلى تفكيكه وإقامة البديل الديمقراطي، ملوحا في حال رفض النظام مبادرة المعارضة بأنها ستلجأ إلى العصيان المدني والانتفاضة.

وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من خطة «قوى الإجماع الوطني» المعارض التي سمتها (خطة المائة يوم) والتي أكدت أن أهدافها قيادة الشعب السوداني في المدن والقرى والأرياف بالوسائل المدنية والشعبية من أجل إسقاط (الديكتاتورية) ومؤسساتها وقواها الطفيلية وتنظيماتها الإرهابية العنصرية والبوليسية، وحددت أن وسائلها وآلياتها في تنفيذ الخطة تتمثل في قيادة العمل الشعبي في كافة إرجاء البلاد واستغلال الوسائل والمنابر السلمية المتاحة، وأشارت الخطة إلى التنسيق السياسي على المستويات القاعدية لـ«قوى الإجماع الوطني» في المدن والأحياء والأقاليم وتنشيط لجانها ونشر الوعي الثوري بضرورة إسقاط الديكتاتورية، ودعت الوثيقة إلى ابتداع (وسائل نضالية متقدمة، وتجاوز الوسائل التقليدية والموسمية، واستلهام وسائل الاعتصامات في الشوارع والوقفات الاحتجاجية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والمواقع الشبابية)، ووضعت المعارضة للمائة يوم برنامجا بإطلاق حملات سياسية وإشراك الشباب والطلاب في تنفيذ البرامج السياسية اليومية في الأحياء ووسائل الإعلام.

وشكلت المعارضة لجنة عليا للخطة برئاسة «قوى الإجماع الوطني»، ويتم فيها تمثيل المرأة والشباب والسودانيين في المهجر والإعلام، وأوضحت الخطة أن تدشين الحملة التي بدأت أمس تصاحبها فعاليات في يوم واحد في العاصمة والأقاليم وفي خارج السودان على أن تنطلق يوم (30) يونيو (حزيران) الذي يصادف الذكرى الـ(24) للانقلاب الذي قاده الرئيس السوداني عمر البشير إلى السلطة عبر حزب الجبهة الإسلامية القومية، وحددت المعارضة تخصيص أيام لتصعيد العمل مثل («يوم الحرية» خاص بالمعتقلين، و«يوم التعايش والتسامح الديني»، و«يوم السلام والتضامن» مع ضحايا الحرب).

وكان مساعد الرئيس السوداني ونائبه في حزب «المؤتمر الوطني» الدكتور نافع علي نافع، نائب رئيس حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، قد اتهم قوى المعارضة الأربعاء الماضي في تصريحات صحافية بترتب لمخطط «100 يوم» بالتنسيق مع «الجبهة الثورية»، وقال إن المعارضة أصبحت مجرد ستار ورأس لقوى أجنبية تريد أن تمزق السودان، معتبرا أن هذه القوى لن تجني في النهاية سوى الخيبة، وكشف عن ما سماه مخطط المائة يوم الذي يعمل المتمردون وتحالف المعارضة بالداخل على تنفيذه اعتبارا من شهر يونيو الحالي.

إلى ذلك، اتهم باقان أموم، الأمين العام لـ«الحركة الشعبية»، الحزب الحاكم في دولة جنوب السودان، الحكومة السودانية بشن عمليات تطهير عرقي في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين لمنع عودة قبيلة (دينكا نقوك) إلى ديارهم، وقال إن رئيس حكومته سلفا كير ميارديت فوضه كرئيس لفريق التفاوض لبلاده بحضور الاجتماع الذي سيعقده خبراء الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لترسيم الحدود المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، وأضاف أن كير أكد دعمه الكامل للتنفيذ الكامل لاتفاق التعاون مع الخرطوم، وقال: «الرئيس سلفا كير وافق على الخطة وأعطاني سلطاته، وأكد التنفيذ الكامل لاتفاقيات التعاون، إضافة إلى رغبته في الوصول إلى تسوية سلمية لقضية أبيي»، مشيرا إلى أن بلاده سبق أن وافقت على المقترح الذي قدمته الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي حول أبيي والذي ينص على إجراء استفتاء في المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وقال: «هذا هو الطريق الوحيد لحل النزاع في أبيي»، وتابع: «الجميع يعلم أن موقف رئيس وحكومة جنوب السودان دائما مع التفاوض السلمي، والآلية الأفضل لحل النزاع في أبيي هي احترام التعايش السلمي لمجتمع قبيلتي دينكا نقوك الجنوبية والمسيرية الشمالية)، وقال: «لكن الحكومة السودانية دائما ما تتخذ طرقا مختلفة».

وقال أموم إن الخرطوم قررت المشاركة في عمليات تطهير عرقي في أبيي ضد قبيلة (دينكا نقوك)، وأضاف: «الحكومة السودانية قررت أن تقوم بتوطين أعداد كبيرة من السكان في المنطقة لا ينتمون إلى أبيي وتسليح الميليشيات لترهيب السكان المحليين»، وقال إن مقتل زعيم قبيلة (الدينكا نقوك)، كوال دينق كوال، في مايو (أيار) الماضي، كان ضمن خطة استراتيجية من الحكومة السودانية للسيطرة على المنطقة بعد إخلائها من سكانها الأصليين، وأضاف: «هذا أوضح بجلاء أن الحكومة السودانية غير جاهزة لحل الخلافات سلميا، لذلك تعمل على إبادة قبيلة الدينكا نقوك ومن أجل البقاء في السلطة».