انطلاق المفاوضات بين الحكومة المالية والمتمردين الطوارق في بوركينا فاسو

وسيط الأزمة في مالي يدعو إلى وقف القتال بين الجيش والمتمردين

جندي مالي أثناء تبادل إطلاق نار مع الجهاديين بمدينة جاو في شمال مالي ( أ. ب)
TT

انطلقت أمس في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، المفاوضات الرسمية بين الحكومة الانتقالية في مالي، والمتمردين الطوارق المسيطرين على منطقة كيدال (أقصى شمال شرقي البلاد)، وذلك بوساطة من بوركينا فاسو، من أجل إيجاد حل يمكن من تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 28 يوليو (تموز) المقبل في جميع مناطق البلاد، بما في ذلك كيدال التي يسيطر عليها المتمردون.

وكانت واغادوغو قد احتضنت طيلة الأسابيع الماضية جلسات محادثة غير رسمية بين الحكومة المالية ووفد مشترك بين فصيلي الطوارق: الحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد. وسعت هذه الجلسات إلى التحضير للمفاوضات الرسمية التي كان من المفترض أن تنطلق بشكل رسمي يوم الجمعة الماضي، ولكنها تأجلت حتى يوم أمس وذلك بعد أن طلبت الحكومة الانتقالية في باماكو إشراك مجموعتين مسلحتين منحدرتين من شمال مالي، في المفاوضات، وهو ما رفضه الطوارق بشدة.

وحسب ما أكده مصدر قريب من المفاوضات في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من واغادوغو، فإن مبعوث باماكو إلى الشمال، تيبيلي درامي، التقى رئيس بوركينا فاسو بليز كمباوري مباشرة بعد وصوله إلى واغادوغو مساء أول من أمس الجمعة، حيث طلب إشراك كل من الحركة العربية الأزوادية وميليشيا الغوندا كوي الموالية للحكومة المالية، في المفاوضات، وذلك بوصفهما «حركتين مسلحتين تنشطان في شمال مالي».

وقال المصدر ذاته إن المتمردين الطوارق يعترضون بالتحديد على وجود ميليشيا «الغوندا كوي» في المفاوضات، وهي الميليشيا المنحدرة من قبائل السونغاي الزنجية التي يتهمها الطوارق بالتورط في عمليات تصفية عرقية استهدفت الطوارق خلال الأعوام الماضية والأشهر الأخيرة التي أعقبت التدخل الفرنسي في شمال مالي.

وكانت مصادر إعلامية موريتانية قد ذكرت أن طائرة أممية وصلت نواكشوط، يوم الجمعة الماضي، حيث نقلت وفدا من الحركة العربية الأزوادية يترأسه أمينها العام أحمد ولد سيد أحمد، إلى واغادوغو من أجل المشاركة في المفاوضات التي انطلقت أمس، والتي يشارك فيها الطوارق بوفد مشترك يتكون من 35 شخصية تتوزع بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والمجلس الأعلى لوحدة أزواد.

وعبرت مصادر دبلوماسية في واغادوغو عن خشيتها من إصرار الحكومة الانتقالية في مالي على إشراك هذه الحركات في المفاوضات، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انسحاب الطوارق من المفاوضات التي تسعى إلى تخفيف التوتر بين الطرفين، خاصة في ظل المواجهات العسكرية في منطقة أنفيف، ما بين المتمردين والجيش الحكومي، على الطريق المؤدي إلى كيدال (أقصى شمال شرقي مالي).

وكان الجيش المالي تقدم يوم الثلاثاء الماضي باتجاه مدينة كيدال التي يسيطر عليها المتمردون الطوارق، حيث تمكن من السيطرة على بلدة أنفيف (120 كلم جنوب كيدال)، فيما أرسل المتمردون تعزيزات عسكرية إلى المنطقة دخلت في مواجهة مع الجيش المالي، تضاربت الأنباء حول حصيلتها.

وفي هذا السياق، أشارت مصادر إعلامية في باماكو إلى أن القوات الفرنسية التي تتمركز في مطار كيدال بجوار المتمردين الطوارق، نقلت بعض معداتها وقرابة مائة جندي إلى بلدة أنفيف، وتمركزت بجوار الجيش الحكومي المالي. وذكرت صحف مالية أن القوات الفرنسية تلقت أوامر بإيقاف زحف الجيش الحكومي المالي باتجاه مدينة كيدال، وهو ما لقي استياء القادة العسكريين الماليين.

على صعيد آخر، دعت الوساطة البوركينابية لدى افتتاح المفاوضات بين الحكومة المالية والمتمردين الطوارق، إلى وقف القتال بين الجيش والمتمردين، حيث قال الرئيس كامباوري أمام وفود الطرفين: «أقترح وقف الأعمال القتالية؛ لأن ذلك سيوفر ظروفا أمنية ضرورية لتنظيم انتخابات حرة وشفافة».

وتسعى الوساطة البوركينابية خلال المفاوضات التي انطلقت يوم أمس إلى تمكين الإدارة والجيش الماليين من دخول مدينة كيدال التي يسيطر عليها المتمردون الطوارق، وذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية، وهو ما يرفضه المتمردون الطوارق قبل التوصل إلى اتفاق ينهي أزمة إقليم أزواد بشكل جذري، وفق تعبيرهم.

وفي سياق متصل، عبرت أحزاب سياسية مالية وعدد من هيئات المجتمع المدني في باماكو، عن رفضها المفاوضات التي تخوضها الحكومة الانتقالية مع المتمردين الطوارق في شمال مالي، وأكدت هذه الأحزاب والهيئات أنها لن تعترف بأي اتفاق يتم التوصل إليه في نهاية المفاوضات؛ ضمنها «المعاهدة الوطنية من أجل أفريقيا متضامنة»، التي عقدت مؤتمرا صحافيا مساء الجمعة في باماكو رفضت فيه أي اتفاق يصدر عن المفاوضات.

وفي غضون ذلك، منعت الشرطة المالية مظاهرة كانت مقررة في باماكو بدعوة من الحركة الشعبية 22 مارس (آذار)، المؤيدة لانقلاب 22 مارس 2012؛ وذلك من أجل رفض التفاوض مع المتمردين الطوارق، والدعوة إلى استعادة السيطرة على منطقة كيدال باستخدام القوة العسكرية.

يشار إلى أن المفاوضات بين الحكومة الانتقالية في مالي والمتمردين الطوارق تجري بحضور وفود من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.