تونس: المجلس الوطني للأمن ينظر في كيفية مواجهة «ألغام الشعانبي»

حركة النهضة تحتفل بمرور 32 سنة على خروجها للعلن

TT

عقد المجلس الوطني للأمن في تونس اجتماعا أمس بقصر الرئاسة بعد يوم واحد من مطالبة محمد عبو رئيس حزب التيار الوطني بإدخال تغييرات على المؤسسة العسكرية وحاجتها إلى «نفس جديد»، في إشارة غير مباشرة إلى ضرورة تعيين رئيس جديد لأركان الجيوش الثلاثة عوضا عن الجنرال رشيد عمار. وكان عبو قد صرح قائلا: «لا يعقل أن يبقى المسؤول في منصبه وقد فشل في مهامه».

ونظر المجلس في مجموعة من الملفات ذات الطابع الأمني والعسكري بعد التحول الهام الذي عرفته خطوات المواجهة العسكرية وخروجها من المناطق الغابية إلى قرية «الدغرة» الآهلة بالسكان التي لا تبعد أكثر من كيلومترين عن وسط مدينة القصرين (الواقعة على بعد 300 كلم عن العاصمة التونسية). وكان انفجار اللغم تحت عجلات سيارة عسكرية قد أدى أول من أمس إلى وفاة عسكريين على عين المكان وجُرح اثنان آخران.

وفي إطار التحقيقات التي أعقبت انفجار ذلك اللغم، ألقت الوحدات الأمنية ليلة أول من أمس القبض على اثنين آخرين من المشتبه في تعاونهما مع الإرهابيين، أحدهما رجل تعليم، وتمت العملية وسط تكتم كبير حول الأبحاث ومكان إيقافهما. كما تواصلت عمليات التمشيط الجارية في جبال الشعانبي وشملت عدة أماكن في محيط المنطقة الغابية والمسالك المؤدية إليها، فيما تولت وحدات عسكرية رفع بقايا السيارة التي دمرها اللغم أمس في قرية «الدغرة».

وذكرت مصادر عسكرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المواجهات المتواصلة في جبال الشعانبي (وسط غربي تونس) والاستراتيجية الضرورية للقبض على العناصر المسلحة وفشل المؤسسة العسكرية في القضاء على العناصر المسلحة، مثلت أولويات عمل المجلس، ودعت إلى التضييق أكثر على التيارات المتشددة التي تعتمد أساليب العنف في معاملاتها، ومراقبة الحدود ومقاومة التهريب والتجارة الموازية. وتوكل عادة للمجلس الوطني للأمن مهام النظر في ملفات تتعلق بميادين الدفاع والأمن والسياسة الخارجية، وعقد اجتماعه الأول للأمن يوم 19 أبريل (نيسان).

وسجلت جلسة المجلس الوطني للأمن حضور الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي) إلى جانب كل من وزير العدل ووزير المالية ووزير الشؤون الدينية ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيوش ومدير الأمن الرئاسي والمديرين العامين للأمن الوطني، وترأس الجلسة المنصف المرزوقي الرئيس التونسي.

ويهتم المجلس الوطني للأمن في تونس بدراسة وتحليل وتقييم جميع المعلومات والمعطيات الأمنية التي تتعلق بالأمن الوطني داخليا وخارجيا. ويتولى حسم الاختيارات الأساسية في مجال الأمن والخطة الأمنية الوطنية. كما تعهد إليه مهمة تقييم التحديات الداخلية والخارجية وتوجيه الأبحاث في ميدان الاستعلامات، إضافة إلى تنسيق العلاقات الخارجية في مجال الأمن الوطني.

ويعيش الجيش التونسي في حالة طوارئ منذ 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بسبب التوتر الأمني المتواصل، وتمت عملية تمديد حالة الطوارئ لمدة شهر إضافي (إلى حد الرابع من يوليو - تموز المقبل) وهي المرة الـ12 التي يتم فيها اتخاذ قرار بالتمديد.

وصرحت أكثر من جهة سياسية بأن طول فترة حالة الطوارئ وتعدد المهام المنوطة بعهدة الجيش قد يتسببان في إنهاك عناصره، ما يؤدي إلى انخفاض كفاءة المؤسسة العسكرية في متابعة المارقين عن القانون.

في غضون ذلك دافع وزراء الصحة والسياحة والنقل عن أداء الوزارات التي يشرفون عليها، خلال جلسة مساءلة للحكومة من أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان)، وخصصت الجلسة للمشاريع الاجتماعية في المناطق الداخلية. وأرجع عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية التونسية (القيادي في حركة النهضة) نقص التجهيزات الطبية وانتدابات أطباء الاختصاص في الجهات المهمشة إلى ضعف ميزاني الوزارة وعدم قدرتها على توظيف أطباء جدد، وقال إن تلك الميزانية قد حافظت على الحجم نفسه منذ عقد التسعينات من القرن الماضي دون أن تخضع لمراجعة فعلية رغم تطور حاجات التونسيين للعلاج والصحة.

وفي المجال السياحي الذي يشغل أكثر من 400 ألف تونسي، ويؤمن مدخولا ماليا سنويا من العملة الصعبة لا يقل عن ألفي مليون دينار تونسي، اعترف جمال قمرة (وزير مستقل) بالصعوبات التي يعرفها القطاع بعد الأحداث المتتالية في تونس بدءا باغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد والمواجهة مع تنظيم «أنصار الشريعة» السلفي الجهادي وأحداث جبال الشعانبي (وسط غربي تونس). وقال إن القطاع السياحي في «حاجة ماسة للتصدي للحملات الدعائية التي توجه ضد الوجهة السياحية التونسية نتيجة للمواجهات مع التنظيمات الإرهابية»، واعتبر أن إعادة هيكلة القطاع والتركيز على تطور الظروف الأمنية، إلى جانب جودة المنتج السياحي وتنظيم حملات ترويجية تمثل أربع خطوات ضرورية لإنقاذ الموسم السياحي وإعادة البريق للسياحة التونسية.

ومن ناحيته دافع عبد الكريم الهاروني وزير النقل التونسي (القيادي في حركة النهضة) أمام أعضاء المجلس التأسيسي (البرلمان) عن توجهات الحكومة في مجال دعم أسطول النقل بأنواعه، وقال إن تجديد أسطول القطارات الرابطة بين العاصمة والمدن والقرى الداخلية، يعتبر مسألة حيوية لفك العزلة عن تلك المناطق وإدخالها ضمن الدورة الاقتصادية.

من جهة أخرى، احتفلت حركة النهضة بمرور 32 سنة على خروجها من العمل السري إلى العلن، من قبل راشد الغنوشي أستاذ الفلسفة، وكان ذلك في السادس من يونيو (حزيران) 1981.

وقال فتحي العيادي رئيس مجلس الشورى في «النهضة» لـ«الشرق الأوسط» إن المهمة الأساسية للحركة اليوم هي حماية الديمقراطية والمحافظة على الحرية لفائدة جميع التونسيين. وأضاف أن الحركة استطاعت رغم «سنوات الجمر»، على حد تعبيره، أن تستعيد شبابها، وأن تجمع بين قيم الإسلام ومبادئ الحداثة، وهي تعمل على تطوير واستكمال التجربة السياسية الصعبة التي دخلت غمارها.

وعن تقييمه لفترة حكم النهضة، قال العيادي إن التجربة الحالية تختلف جذريا عن فترة المعارضة للسلطة. وأضاف أن عدم وجود تجربة سابقة في الحكم هو الذي فرض الخطأ والصواب في إدارة الشأن العام، وأن فترة الاستقرار السياسي المقبل ستكون أفضل من حيث النتائج المحققة.