مانديلا إلى المستشفى مجددا بسبب التهاب رئوي

متحدث رسمي: الرئيس الأسبق في حالة صحية مقلقة لكنه يتنفس من دون مساعدة

صحافيون يتجمعون أمس خارج مستشفى في بريتوريا يعتقد أن مانديلا نقل إليه مجددا في وقت سابق (أ.ب)
TT

أعلنت رئاسة جنوب أفريقيا أن الرئيس الأسبق نيلسون مانديلا أدخل المستشفى مجددا يوم أمس بسبب التهاب رئوي، لكنها أكدت أنه «يتنفس من دون مساعدة» معتبرة ذلك مؤشرا إيجابيا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة ماك مهراج في حديث تلفزيوني: «إنه التهاب رئوي يؤثر على وظائف كثيرة منها التنفس، لكن الأطباء قالوا إنه يتنفس من دون مساعدة وبالتالي أعتقد أنها علامة إيجابية». وكان المتحدث أعلن في وقت سابق نقل الرئيس السابق لجنوب أفريقيا إلى المستشفى، وقال: «في الأيام الأخيرة أصيب الرئيس مانديلا مجددا بالتهاب رئوي. وعولج من قبل الأطباء في منزله، لكن في وقت مبكر من صباح اليوم تفاقمت حالته، مما اضطرنا معه إلى نقله للمستشفى». وأوضح أن «الأطباء قالوا صباحا إن حالته الصحية مقلقة لكنها مستقرة». وتابع: «مانديلا شخص مقاوم، وفي هذه السن طالما قاوم، طالما كان في صحة جيدة». وقال المتحدث إنه لم يتم كشف اسم المستشفى الذي نقل إليه مانديلا حرصا على خصوصيته.

وردا على سؤال حول القلق على حياة مانديلا، قلل المتحدث من شأن ذلك بالقول: «في البداية (عندما أدخل في المرات السابقة إلى المستشفى) كنا قلقين جدا، لكن هذه المرة قلقنا أقل بسبب تقدمه في السن. ليس علينا أن نقلق، بل فقط أن نستمر في التفكير بالطريقة التي جعلت حياته منا أشخاصا صالحين».

ويحتفل «ماديبا» كما يسميه مواطنوه توددا، بعيد ميلاده الـ95 في 18 يوليو (تموز) المقبل. وقد بدا ضعيفا جدا في الصور الأخيرة التي تم تسريبها في أواخر أبريل (نيسان) الماضي بمناسبة زيارة قام بها مسؤولون كبار في البلاد إلى منزله. وبدا مانديلا جالسا على كنبة يخفي غطاء ساقيه، كما بدا وجهه جامد التعابير من دون أي انفعال، فيما كان زواره يمزحون حوله. وبدأ في لحظة ما ينطق بكلمة. وأوضحت الرئاسة جنوب الأفريقية أن «الرئيس تلقى علاجا تخصصيا، والأطباء يفعلون ما بوسعهم ليشعر بالتحسن». وأضافت أن «الرئيس زوما يتمنى لماديبا باسم الحكومة وكل الأمة الشفاء العاجل، ويطلب من وسائل الإعلام والشعب احترام الحياة الخاصة لماديبا وعائلته».

وكان بطل النضال ضد نظام الفصل العنصري دخل المستشفى للمرة الأخيرة في أواخر مارس (آذار) الماضي، وأمضى فيه عشرة أيام لإصابته أيضا بالتهاب رئوي متكرر مرتبط على الأرجح بآثار إصابته بمرض السل، عندما كان في سجن جزيرة روبن آيلند قبالة الكاب. وقد أمضى مانديلا في ذلك السجن 18 سنة من أصل 27 قضاها في سجون نظام الفصل العنصري، يكسر الحجارة وسط غبار ألحق ضررا دائما برئتيه. وصحة نيلسون مانديلا موضوع يثير القلق في جنوب أفريقيا، حيث يعلم الجميع أن البطل الوطني الذي تزين صورته منذ وقت قصير كل الأوراق النقدية جسد فانٍ. ولم يعد لمانديلا أي ظهور علني منذ عام 2010، وبات يعيش في عزلة تامة بعيدا عن الحياة السياسية. كما لم يعد يعبر علانية عن أي رأي منذ سنوات. لكنه ما زال يحظى بالاحترام من كل الشعب لأنه نجح في تفادي تفجير العنف العنصري أثناء الانتقال من نظام الفصل العنصري إلى الديمقراطية في عام 1994. وذلك الانتقال الناجح استحق بسببه جائزة نوبل للسلام في عام 1993 التي تقاسمها مع آخر رئيس لنظام الأبارتهايد فريدريك دو كليرك. وقد وصفه الأسقف ديسموند توتو الذي يعتبر أيضا من أبرز شخصيات النضال ضد نظام الفصل العنصري، ونال أيضا جائزة نوبل للسلام، يوما بـ«الأيقونة العالمية للمصالحة».

وقد أصبح مانديلا وراء القضبان رمزا لقمع شعبه فيما كان قسم كبير من العالم يتظاهر وينظم الحفلات الغنائية للإفراج عنه. لكن قبل الإفراج عنه في 1990 سعى جاهدا لفهم خصومه (ذاهبا إلى حد تعلم لغتهم «أفريكان» وشعرهم) وسامحهم ثم تفاوض معهم من دون أي نية في الانتقام. وبعد سنوات السجن عرف المعتقل مانديلا أول متاعب صحية جدية في 1988 عندما نقل إلى مستشفى ستيلينبوش قرب الكاب (جنوب غرب)، بعد أن شكا من سعال شديد أصابه بسبب رطوبة زنزانته في السجن. وشخص الأطباء إصابته بمرض السل وسحبوا لترين من السوائل من رئتيه.

وأمضى ذلك السجين الشهير الذي اعتبره نظام الفصل العنصري حينذاك محاورا ممكنا ستة أسابيع في المستشفى، قبل نقله في مرحلة نقاهة إلى عيادة أقرب إلى سجنه ليصبح آنذاك أول مريض أسود فيها.

في 2001، بعد 11 سنة على إطلاق سراحه، عولج مانديلا بالأشعة لسرطان في البروستات. وفي العام التالي أعلن لصحافيين أنه شفي تماما.

وبعد بضعة أشهر على انتخابه لرئاسة الجمهورية في 1994 خضع لعملية لعلاج الـ«كاتاراكت» الماء الأبيض. وفرضت قيود مشددة تمنع المصورين من استخدام «فلاش» آلة التصوير في حضوره. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2012 فيما كان يعيش منذ بضعة أشهر في عزلة في قرية كونو مسقط رأسه أعيد بالطائرة إلى بريتوريا حيث أمضى في المستشفى 18 يوما قبل أن يسمح له بالعودة إلى منزله في جوهانسبورغ. ولم يشأ المحيطون به إعادته إلى كونو في قلب المنطقة الريفية، في حين تضم جوهانسبورغ وبريتوريا اللتان تفصل بينهما مسافة 60 كيلومترا، أفضل المستشفيات في البلاد.