الأمم المتحدة تدرس تغيير تفويض قوة «أندوف» في الجولان السورية

بعدما حثت الهند والفلبين على إبقاء قواتهما ورفضت العرض الروسي

الهدوء يعود لمعبر القنيطرة الواصل بين سوريا والقسم المحتل من الجولان أمس (أ.ف.ب)
TT

تبذل الأمم المتحدة جهودا حثيثة لإقناع النمسا بعدم سحب جنودها العاملين في القوة الدولية لمراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل «أندوف» الموجودة في الجولان قبل تاريخ 26 يونيو (حزيران) الجاري، موعد انتهاء مهمة «أندوف» التي ستمدد بشكل تلقائي.

وتسعى المنظمة العالمية من خلال هذا الاقتراح شراء بعض الوقت، ريثما تستطيع إقناع دول أخرى، كالهند والفلبين وفيجي، بإرسال مزيد من القوات لسد الفراغ الذي أحدثه الانسحاب النمساوي، أو تغيير التفويض المعطى لهذه البعثة بالشكل الذي ينسجم مع عرض موسكو التي أبدت استعدادها لإرسال جنود لمراقبة وقف إطلاق النار في الجولان، وذلك وفقا لما فُهم من تصريحات أدلى بها رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، مارك ليال غرانت عقب مشاورات مغلقة مساء أول من أمس.

وأكد غرانت أن قوة حفظ السلام في الجولان في موقع «خطير» لكن مجلس الأمن الدولي يعتبر مهمتها أساسية، مشيرا إلى أن كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن «متوافقة على وجوب أن تواصل القوة مهمتها رغم تقليصها مؤقتا»، مضيفا «نحن في وضع خطير وعلينا أن نعمل معا لتفادي انهيار البعثة». وأضاف أن إدارة عمليات حفظ السلام تبحث عن مساهمين جدد وتسعى لإقناع الدول المساهمة حاليا بزيادة عدد قواتها وتسعى أيضا إلى إقناع فيينا بـ«تأخير مغادرة» جنودها الـ377، لافتا إلى أنه ينبغي في مرحلة تالية مناقشة «تعزيز أو تغيير وتعديل التفويض للتكيف مع الظروف الراهنة» مع استمرار النزاع في سوريا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في وقت سابق عن استعداد بلاده لإرسال 380 جنديا ليحلوا محل القوة النمساوية، مشترطا، في سبيل تحويل «العرض» إلى واقع إبداء القوى الإقليمية اهتماما به وطلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ذلك بشكل رسمي. لكن العرض الروسي قوبل بالرفض من جانب نيويورك، إذ قال بيان صادر عن مكتب كي مون، إن اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا بعد حرب 1974، تمنع مشاركة قوات من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وروسيا عضو دائم في المجلس. وقال مارتن نيسركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة، «نقدر عرض روسيا تقديم قوات لنشرها في الجولان. لكن، اتفاق فك الاشتباك، وبروتوكولاته المبرمة بين سوريا وإسرائيل، لا يسمح للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالمشاركة في قوة مراقبة فك الاشتباك في الجولان».

يشار إلى أن «أندوف» قومها 1043 وكان يعمل فيها قوات كندية ويابانية وكرواتية (انسحبت في وقت سابق)، إضافة إلى جنود من النمسا والهند والفلبين (موجودة حاليا على الأرض). من جهته، قال السفير الروسي فيتالي تشوركين لمجلس الأمن إن على الأمم المتحدة إعادة النظر في منع قوات الدول العظمى من المشاركة في القوة. وردا على سؤال حول الرفض الذي عبرت عنه الأمم المتحدة، صرح تشوركين أن موسكو «على علم بهذه الوثيقة ولكنها تعتبر أن الزمن قد تغير». وأضاف أن البروتوكول الذي أوقف الحرب بين إسرائيل وسوريا في 1973 «وقع قبل 39 عاما في خضم الحرب الباردة والآن تغيرت الأمور كليا وقوة مراقبة فك الاشتباك في الجولان في وضع سيئ». وتابع «نحن نعرض خصوصا إنقاذ هذه القوة ويجب بالتأكيد حل هذه المشكلة».

لكن الجهود الروسية قوبلت ببرود من أطراف عدة داخل أروقة المنظمة العالمية، إذ قال مسؤولون في الأمم المتحدة، طلبوا عدم ذكر هويتهم، إن مفاوضات تجري مع دولة واحدة على الأقل غير روسيا (يرجح أن تكون فيجي)، موضحين أنهم يأملون في إعادة حجم هذه القوات إلى حده الأعلى المحدد بـ1250 جنديا. وهو ما استدعى انتقادا روسيا سريعا، إذ كتب جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي أمس على حسابه في «تويتر» أن «الحفاظ على السلام والاستقرار يتطلب تفكيرا سياسيا مختلفا»، ووصف جاتيلوف سياسة الأمم المتحدة في هذا الشأن بأنها «تقادمت» وأضاف أنه «ليس هناك ضرورة للتمسك بمحاذير عمرها 40 عاما». وعلى صعيد ردود الأفعال، دعت الولايات المتحدة جميع الأطراف في المنطقة إلى تفادي القيام بأي تصرف «يهدد» وقف إطلاق النار طويل الأمد في مرتفعات الجولان. وحثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي كل الأطراف على التقيد باتفاقية وقف إطلاق النار، مؤكدة من جديد «الالتزام الأميركي المستمر» بدعم قوات الأندوف ومراقبة الوضع عن كثب. أما النظام السوري فصرح على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين أمس بترحيبه لاستعداد «جمهورية روسيا الاتحادية لإرسال قوات روسية لتحل محل القوات النمساوية وتؤكد استعدادها للتعاون التام مع هذه القوات»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية.