عدد النازحين السوريين إلى لبنان يتخطى عتبة المليون نهاية العام

مفوضية اللاجئين تجمع 1.6 مليار دولار.. وأبو فاعور: الأزمة تتجاوز قدراتنا

TT

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد النازحين السوريين الموجودين في لبنان تخطى عتبة النصف مليون سوري، أي يتجاوز إلى حد كبير العدد التخطيطي الذي كان شركاء المفوضية في مجال الإغاثة الإنسانية حددوه لشهر يونيو (حزيران) الحالي، والبالغ 300 ألف نازح.

وبقدر ما تعكس هذه الأرقام حجم المأساة التي يتعرض لها المدنيون في سوريا، فإنها تكشف الستار عن العبء الثقيل الذي يتحمله لبنان، خصوصا أن تقديرات المفوضية تشير إلى أنه بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2013 من المتوقع أن يصل عدد النازحين المسجلين في لبنان إلى مليون شخص، أي ما يعادل 25% من مجموع سكان لبنان، وهو البلد الأصغر مساحة بين البلدان المجاورة لسوريا. ومن الجدير بالذكر أن تقديرات غير رسمية، تزاوج بين عدد النازحين وعدد العمال السوريين الموجودين أصلا في لبنان، ترجح وجود نحو مليون سوري في لبنان حاليا.

وانطلاقا من عجز لبنان عن تحمل أعباء النزوح السوري، في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة، أطلقت الحكومة اللبنانية أول من أمس مع الأمم المتحدة وشركائها في مجال الإغاثة الإنسانية نداء، هو الخامس، من أجل لبنان لجمع 1.6 مليار دولار أميركي، بما في ذلك 450 مليون دولار أميركي تقدم من جانب الحكومة اللبنانية من أجل دعم المؤسسات الوطنية ومرافق الخدمات العامة الأساسية بشكل مباشر.

ولم يمول من «خطة الاستجابة الإقليمية للتصدي لاحتياجات النازحين السوريين»، التي تقودها المفوضية وتشارك فيها أكثر من 60 منظمة إغاثة إنسانية، سوى 26% حتى الآن. وتقول المفوضية إنه «مع هذه المستويات في التمويل، لن يتمكن الشركاء من تأمين المساعدات الأساسية، كما سيتم تقويض الأنشطة المنقذة للحياة في القطاعات الرئيسة، بما في ذلك الحماية والمأوى والتعليم والصحة والمياه والنظافة الصحية والأمن الغذائي».

وتزامن هذا النداء مع حراك يقوم به الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اليومين الأخيرين، حيث عرض مع سفراء كل من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة) وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي (أمس) الموقف الرسمي من ملف النزوح السوري، مقدما سلسلة اقتراحات من أجل أن تساعد الدول القادرة في تقاسم الأعباء والأعداد. ودعا المجتمع الدولي إلى «وعي خطورة العبء الذي بات يشكله استمرار تدفق النازحين من سوريا إلى حد لم يعد بإمكان لبنان حكومة وشعبا تحمل تداعياته».

وكرر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، وائل أبو فاعور، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، مناشدة الدول العربية، الحريصة على الشعب السوري وعلى لبنان واستقراره، الوقوف الفعلي إلى جانب لبنان، أولا من أجل حماية الشعب السوري من المقتلة التي يتعرض لها على يد (الرئيس السوري) بشار الأسد، وثانيا لحماية استقرار لبنان في ظل تحول النزوح إلى أزمة كبرى».

وذكر أبو فاعور بالنداءات المتكررة التي أطلقها في وقت سابق إعلاميا وخلال اجتماعات مجلس الوزراء لناحية أن «أزمة النزوح باتت تتجاوز حدود قدرة الدولة اللبنانية والشعب على الاحتمال، وتحذيره من الوصول إلى حد (انفجار اجتماعي)»، كاشفا عن «مخاوف حقيقية من انهيار النظام الصحي في لبنان بسبب الأعباء التي يرتبها وجود النازحين السوريين».

وقال أبو فاعور إن «الرئيس سليمان وبعد ترؤسه اجتماعا للجنة المخولة مواكبة ملف النازحين السوريين باشر تنفيذ سلسلة خطوات تم الاتفاق عليها على المستوى الدبلوماسي والمحلي من أجل تدارك الأخطار الناجمة عن تزايد النازحين، على وقع الإرباكات التي تحصل نتيجة ضغوط أمنية واقتصادية واجتماعية وتكرار التوترات بين لبنانيين وسوريين على خلفيات اجتماعية». ولفت إلى أن سليمان سيستكمل غدا لقاءاته، وربما يقدم لبنان على خطوة باتجاه الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن بشأن أزمة النزوح».

وأكدت الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في بيروت، دانا سليمان، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بات من الصعب جدا أن يتحمل لبنان أعباء النازحين السوريين من دون أي مساعدة من الدول المانحة»، مشددة على أنه «لا قدرة للبنان على تأمين الاحتياجات المتزايدة للنازحين، ومن هنا تم إطلاق نداء التمويل الخامس بالتعاون مع الحكومة اللبنانية والمنظمات الشريكة».

واعتبر نائب ممثلة مكتب المفوضية في لبنان، جان بول كافالييري، أن «عدد النازحين الفارين من الحرب الدائرة في سوريا يتزايد بمعدل ينذر بالخطر؛ وعلى غراره احتياجات المجتمعات المضيفة»، لافتا إلى أن «وكالات الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية والحكومة اللبنانية تواجه تحديات ضخمة لمواكبة هذه الأزمة المتنامية».

وبحسب مفوضية شؤون اللاجئين، فإن الأرقام الواردة في خطة الاستجابة التي توسع نطاق الاحتياجات لتغطية العام الحالي، تصيب المطلع عليها بالذهول، مع توقع ارتفاع عدد النازحين المسجلين إلى مليون شخص. علما بأن الخطة تتضمن أيضا الاستجابة للتصدي للاحتياجات الإنسانية لنحو 80 ألف لاجئ فلسطيني وافدين من سوريا وما يصل إلى 49 ألف عائد لبناني، فضلا عن 1.2 مليون لبناني من سكان المجتمعات المضيفة المحلية المتأثرة بشدة جراء تدفق النازحين.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن نحو أربعة ملايين طفل سوري يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة أن أكثر من 10 ملايين من السوريين، أي ما يعادل نصف سكان البلاد، يحتاجون إلى المساعدة بحلول نهاية هذا العام. وفي سبيل التخفيف من تداعيات هذه الأزمة، وجهت الأمم المتحدة أول من أمس نداء لجمع 5.2 مليار دولار حتى نهاية العام الحالي، في رقم قياسي تاريخي، لتمويل عملياتها في سوريا والدول المجاورة.