الإدارة الأميركية تقترب من تسليح المعارضة السورية

المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي لـ «الشرق الأوسط»: ندرس كل الخيارات لمساعدة المعارضة

TT

كشف مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقترب هذا الأسبوع من الموافقة على تسليح المعارضة السورية في مواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، كما تدرس فرص إرسال قوات جوية لتعزيز منطقة حظر الطيران فوق الأراضي السورية.

ويشهد البيت الأبيض اجتماعات لدراسة الموضوع، في وقت أجل فيه نائب الرئيس الأميركي زيارته المرتقبة إلى إسرائيل لبحث استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وثلاث دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لحضور الاجتماعات المتعلقة بتسليح المعارضة السورية التي يعقدها أوباما مع مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن الوطني وأجهزة الاستخبارات الأميركية. وشكل انتصار الأسد مدعوما بمقاتلي حزب الله اللبناني على المعارضة السورية في مدينة القصير دفعة أمام الغرب لإعادة النظر بالجمود في دعم المعارضة.

وقال المسؤولون الأميركيون إن الرئيس الأميركي أوباما كان يميل أكثر نحو التوقيع على إرسال الأسلحة لفصائل معتدلة من المعارضة السورية. إلا أن ترددا طرأ على الموضوع خشية وصول تلك الأسلحة إلى فصائل مرتبطة بتنظيم القاعدة ويقصد بها جبهة النصرة.

غير أن البيت الأبيض سعى أمس إلى التقليل من حجم تلك التقارير، أي الموافقة على إرسال أسلحة إلى الثوار السوريين. واستبعدت مصادر في البيت الأبيض أي سيناريوهات لتدخل عسكري أميركي يتطلب إنزال قوات عسكرية إلى الأراضي السورية، وأكدت أن إدارة أوباما تدرس مجموعة واسعة من الخيارات للتعامل مع الأزمة السورية.

وأوضحت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أن فريق الأمن القومي يقوم بدراسة كل الخيارات في الأزمة السورية وفقا لتوجيهات الرئيس أوباما. وقالت ميهان في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قمنا بوضع مجموعة واسعة من الخيارات ليقوم الرئيس أوباما بالنظر فيها، ونحن نواصل النظر في كل الخيارات الممكنة التي تحقق أهدافنا في مساعدة المعارضة السورية وتلبي الاحتياجات الأساسية للشعب السوري، وتسريع تحقيق عملية انتقال سياسي في سوريا إلى مرحلة ما بعد الأسد». وحول السيناريوهات التي تنطوي على تدخل عسكري وخيار فرض منطقة حظر جوي في سوريا قالت ميهان: «الرئيس أوباما كان واضحا إنه لا ينظر في أي سيناريو ينطوي على إنزال قوات أميركية على الأرض».

وحول خيار تسليح المعارضة شددت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أن الإدارة الأميركية قدمت 250 مليون دولار في شكل مساعدات غير قتالية للمعارضة السورية، وأن الولايات المتحدة هي أكبر مزود للمساعدات الإنسانية للمتضررين من أعمال العنف في سوريا وقدمت 515 مليون دولار حتى الآن وأضافت: «ستواصل الولايات المتحدة البحث عن سبل لتعزيز قدرات المعارضة السورية». وفي ما يتعلق بحصول الإدارة الأميركية على أدلة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية بعد تأكيدات كل من بريطانيا وفرنسا على استخدام غاز السارين في سوريا قالت ميهان: «الولايات المتحدة تراقب عن كثب احتمالات استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وكان الرئيس أوباما واضحا أن على الولايات المتحدة التزام التحقق تماما في جميع الأدلة والحصول على حقائق ذات مصداقية ومؤكدة لكي نقوم باتخاذ قرار بناء على تقييمات أجهزة الاستخبارات». وأضافت: «لن نحدد جدولا زمنيا لهذه العملية لكننا نعمل بشكل عاجل مع الحلفاء والمعارضة السورية للوصول إلى الحقيقة وتحديد ما حدث».

وتقوم الإدارة الأميركية منذ شهور بدراسة كيفية مساندة المعارضة السورية وإلحاق الهزيمة بقوات الأسد، وسلكت عدة مسارات سياسية ودبلوماسية عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ودعت إلى عقد اجتماع في جنيف في أوائل يوليو (تموز) القادم لبحث تحقيق عملية انتقال سلمي، وبدء مرحلة سوريا جديدة من دون الأسد.

وبذل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف جهودا لحشد التأييد الدولي لهذا المؤتمر، لكن انتصارات الأسد العسكرية في القصير يبدو أنها تقوض كثيرا من الجهود الدولية لتحقيق السلام في سوريا.

وقال مصدر بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع في سوريا أصبح أكثر إلحاحا خلال الأيام الأخيرة، ومن المتوقع أن يتم مناقشة اثنين من الخيارات بشكل مفصل خلال تلك الاجتماعات، الأول، تسليح المعارضة وكيفية تقديم مساعدات قتالية إلى المعارضة المعتدلة والتدقيق في اختيار تلك العناصر المعتدلة، وكيفية التفريق بين المعارضة المعتدلة والعناصر المتطرفة داخلها، أما الخيار الثاني، فيتعلق بإعلان منطقة حظر طيران، لكن هناك اعتراضات من مسؤولين كبار بالإدارة لاتخاذ قرار بهذا الشأن خصوصا أن واشنطن لا تملك تفويضا دوليا واضحا لشن أي ضربة داخل سوريا».

وينتظر أن تعلن الإدارة الأميركية اتخاذ قرار للتعامل مع الأزمة السورية خلال الأيام المقبلة، خصوصا بعد نجاح النظام السوري في الاستيلاء على بلدة القصير وتخطيطه لشن هجوم على حمص بمساعدة أكثر من خمسة آلاف من مقاتلي حزب الله. وأوضح المسؤولون أن زعماء المعارضة السورية أوضحوا لواشنطن أنهم يواجهون خسائر مدمرة ويحتاجون إلى الدعم وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى النظر في اتخاذ إجراءات جذرية بشكل سريع.