وزير الخارجية السعودي يبحث مع فابيوس في باريس الأزمة السورية

مصادر: الجانبان يشعران بـ«حرج الموقف والحاجة إلى القيام بعمل سريع وطارئ»

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي
TT

أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مباحثات مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في باريس أمس وذلك في ظاهرة تمثل رغبة البلدين في استمرار وتعميق التشاور بينهما حيث إن الزيارة الحالية تأتي بعد أسبوعين من تلك التي قام بها الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي إلى باريس والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين الفرنسيين.

وشارك في الاجتماع من الجانب السعودي الأمير بندر بن سلطان، رئيس مجلس الأمن الوطني كما حضره سفير السعودية لدى فرنسا الدكتور محمد آل الشيخ. ومن الجانب الفرنسي، شارك في الاجتماع مدير مكتب الوزير فابيوس ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي كريستيان نخلة. ولم يدل أي من الوزيرين بتصريحات صحافية.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع أن الاجتماع في مجمله خصص لدراسة الوضع في سوريا حيث تمت مناقشته «في العمق» وعلى ضوء التطورات العسكرية الميدانية المتلاحقة في الأسابيع الأخيرة. وعبر الطرفان السعودي والفرنسي عن «قلقهما» لما هو حاصل وعن شعورهما بـ«حرج الموقف والحاجة إلى القيام بعمل سريع وطارئ».

وانطلاقا من حالة التشخيص المشتركة، عرض الجانبان «جملة احتمالات لتعبئة دولية» من أجل البحث عن حلول ما لما يدور في سوريا, حيث تتميز المرحلة الحالية على حد قول المصادر المشار إليها بـ«انخراط غير مسبوق لإيران وحزب الله» في الحرب على المعارضة.

ونقلت هذه المصادر أن ثمة «رغبة مشتركة في منع كسر شوكة المعارضة العسكرية» بالنظر لما لهذا الأمر من انعكاسات سياسية ستنسحب على الجهود من أجل الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2.

وجاء الاجتماع التشاوري أمس بينما يسلك الوضع في سوريا منحى جديد حيث يواجه مشروع الدعوة لعقد اجتماع جنيف 2 صعوبات كثيرة إن على صعيد جدول الأعمال أو على صعيد تشكيل وفدي النظام والمعارضة أو لجهة جوهر الاجتماع وغايته، أي تشكيل سلطة انتقالية تعود إليها الصلاحيات الحكومية والرئاسية على السواء، وامتدادا مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

وتتفق باريس والرياض على الحاجة لحل سياسي ولكن من غير الرئيس السوري بشار الأسد الذي لا تريان أنه له دور في سوريا الغد. بيد أن الطرفين حريصان على توفير الدعم للمعارضة السورية والوقوف إلى جانبها وهو ما كان أكد عليه الأمير سعود الفيصل قبل أيام. كذلك تشدد باريس والرياض على الحاجة إلى حماية لبنان من عدوى الأزمة السورية والتنديد بمشاركة حزب الله في الحرب الدائرة إلى جانب النظام السوري.

وكانت مصادر رسمية فرنسية أشارت قبل بدء الاجتماع إلى أهمية التشاور بين باريس والرياض في هذه المرحلة، خصوصا بشأن الأزمتين الرئيستين في الشرق الأوسط وهما الملف السوري والملف الإيراني، إضافة إلى تطورات ملف الشرق الأوسط والجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لجمع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات.

وترى باريس أنه فيما تعاني منطقة الشرق الأوسط من بؤر توتر وتهديد للاستقرار إن في المشرق العربي أو مغربه، فإن باريس «حريصة على تنمية علاقاتها مع الرياض» التي تنظر إليها على أنها «قطب للاستقرار والتنمية» وبالتالي فإن مصلحة البلدين تكمن في توثيق تعاونهما ومده إلى كافة الميادين والقطاعات، فضلا عن أن ذلك يمثل «ترجمة للشراكة الشاملة» ولمفهوم «العلاقات الاستراتيجية» التي يرغب الطرفان في إقامتها.

من ناحية اخرى أكد الأمير سعود الفيصل دعم بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي لليمن «من أجل تحقيق الخروج الآمن من الظروف الصعبة والأزمة التي ألمت به منذ مطلع عام 2011م». وأكد خلال اتصال هاتفي له مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وقت لاحق من الليلة قبل الماضية أن أمن واستقرار ووحدة اليمن «أمر يهم المملكة العربية السعودية ومنطقة الجزيرة العربية بصورة مؤكدة لا تقبل النقاش، وأمن اليمن واستقراره من أمن المنطقة كلها».

وكان الأمير سعود الفيصل هنأ ضمن الاتصال الهاتفي الرئيس اليمني بنجاح المرحلة الأولى لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وتدشين المرحلة الثانية. ووفقا لما بثته وكالة الأنباء اليمنية قال وزير الخارجية السعودي: «إن هذه النجاحات بشائر خير في طريق خروج اليمن من الأزمة والظروف الصعبة ونجاح متطلبات المرحلة الانتقالية في ضوء محددات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة».

من جهته ثمن الرئيس عبد ربه منصور هادي عاليا ما أبداه الأمير سعود الفيصل من مشاعر طيبة، منوها بالمواقف التي وصفها بالأخوية للسعودية، وما قدمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من مساعدات «سخية» قال إنها «جاءت في وقتها وظرفها الحرج، خصوصا المشتقات النفطية».

وقال الرئيس هادي: «إن المواقف السياسية الحازمة المساندة لليمن من قبل المملكة كان لها الأثر البالغ وساعدت بصورة كبيرة في حلحلة الأزمة والوصول إلى هذه النتائج الباهرة في طريق تنفيذ التسوية السياسية التاريخية في اليمن بمقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة». وأضاف: «اليمن يعول كثيرا على مساعدة أشقائه في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ومواقفهم البناءة إزاء إنجاح المرحلة الانتقالية كاملة وصولا إلى الانتخابات الرئاسية القادمة».