متظاهرو تركيا يرفضون التراجع أمام تهديدات أردوغان.. ويتهمونه بـ«صب الزيت على النار»

إحالة 13 مشتبها فيهم إلى المحكمة بتهمة إثارة الاحتجاجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي

محتجون يشكلون سلسلة بشرية لنقل حبات بطيخ في حديقة جيزي بميدان تقسيم وسط إسطنول أمس (أ.ب)
TT

رفض المتظاهرون الأتراك التراجع أمام تحذير رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من أنهم «سيدفعون ثمنا» لمظاهراتهم ضد حكومته. وفيما استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق آلاف المتظاهرين في أنقرة لليلة الثانية، شن أردوغان هجوما مضادا على المناهضين له وعمد إلى تعبئة أنصار حزبه الحاكم منذ عشرة سنوات حزب العدالة والتنمية، بإلقاء خطب معادية في تجمعات في أنحاء تركيا.

وقال أردوغان أمام آلاف المناصرين الذين علت هتافاتهم في أنقرة «الذين لا يحترمون الحزب الحاكم في الأمة سيدفعون ثمنا». وكان التجمع يبعد كيلومترات قليلة عن مكان الاشتباكات في ساحة كيزيلاي التي شهدت أحدث أعمال العنف في الأسبوع الثاني من الاحتجاجات الشعبية. وقال أردوغان «نحن لا نزال نتحلى بالصبر، إننا نصبر دائما إلا أن لصبرنا حدودا». وعلى وقع هتاف الحشود «تركيا فخورة بك» أضاف أردوغان «لن نحاسب أمام مجموعات هامشية بل أمام الأمة (...) الأمة أوصلتنا إلى الحكم وهي وحدها من ستخرجنا منه».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، صعد عشرات آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة احتجاجاتهم في عطلة نهاية الأسبوع وتدفقوا على مدن في كافة أنحاء تركيا وبينها إسطنبول وأنقرة وأزمير الواقعة غربا. واجتذبت ساحة تقسيم في إسطنبول، القلب الرمزي لحركة الاحتجاج بعض أكبر التجمعات على الإطلاق حيث راح المتظاهرون يرقصون ويهتفون «أردوغان استقل» حتى ساعات الصباح الأولى في أجواء احتفالية.

واندلعت أعمال العنف في 31 مايو (أيار) إثر قمع الشرطة لحملة تسعى لإنقاذ حديقة جيزي في إسطنبول والمحاذية لساحة تقسيم، ومنع اقتلاع أشجارها. وتصاعد الاحتجاج ليصبح مظاهرات عمت تركيا تعبر عن الغضب ضد أردوغان وحكومته التي تتهم بالتسلط. وجرح نحو خمسة آلاف متظاهر بينهم عشرات الشبان والقادمون من الطبقة المتوسطة، وتوفي ثلاثة أشخاص في أعمال العنف مما أدى إلى تشويه صورة تركيا كنموذج للديمقراطية الإسلامية.

وكانت ساحة تقسيم أكثر هدوءا أمس فيما استأنف المتظاهرون أعمالهم الاعتيادية مع تعهد كثيرين بالعودة.

وقالت ايتيم ياكين (17 عاما) لدى عبورها الساحة حيث كانت أعمال التنظيفات تجري على قدم وساق «سنذهب إلى المدرسة الآن لكننا سنعود لاحقا». واتهمت رئيس الوزراء بصب الزيت على النار بموقف المواجهة الذي يتخذه.

وقالت: «إذا استمر بالتحدث إلينا بهذا الشكل سنواصل ما نحن عليه أيضا».

وتحولت الساحة وحديقة جيزي المرقطتان بالخيام واللافتات والأعلام، إلى منطقة خالية من الشرطة التي انسحبت قبل أسبوع. ولم تشهد المنطقة أي اشتباكات منذ ذلك الحين. وقام أردوغان الأحد الماضي بجولة على ثلاث مدن وحث أنصاره على الرد على المحتجين في صناديق الاقتراع في انتخابات محلية العام المقبل. وطلب من أنصاره أن يلقنوا المحتجين «درسا أول بالسبل الديمقراطية في صناديق الاقتراع» خلال الانتخابات البلدية والرئاسية في في 2014. ويعتزم حزب العدالة والتنمية إطلاق أول حملاته الانتخابية في أنقرة وإسطنبول في نهاية الأسبوع المقبل، ويتوقع حشد عشرات الآلاف في الشوارع. ومن المقرر إجراء انتخابات عامة في 2015 واستبعد المسؤولون أي اقتراح بالدعوة لانتخابات مبكرة بسبب الأزمة.

وكان مقررا أن يلتقي أردوغان وزراء حكومته في أنقرة في وقت لاحق أمس لبحث الأزمة. وقال اكيف بوراك اتلار سكرتير مجموعة «التضامن مع تقسيم» التي تمثل نشطاء حديقة جيزي الرئيسيين «بكل صدق لا أعرف إلى أين ستنتهي الأمور». وأضاف: «إن خطاباته وقسوة الشرطة هي التي أوصلت الاحتجاجات إلى هذا الحد، في المقام الأول. عليه أن يتراجع خطوة». وتابع الطالب اونو البتيكين (25 عاما) «يبدو قلقا. كأنه أسد محشور في الزاوية».

وأحالت السلطات 13 مشتبها بهم في محافظة أضنة (جنوب) إلى المحكمة بتهمة إثارة أعمال شغب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وذكرت وسائل إعلام تركية أن المشتبه بهم يواجهون تهم إثارة المحتجين عبر موقعي «فيس بوك» و«تويتر» أثناء الاحتجاجات في حديقة جيزي بميدان تقسيم في إسطنبول. وجرى اعتقال المشتبه بهم أمس وأحيلوا إلى المحكمة عقب توقيع الكشف الطبي عليهم. ولا يزال التحقيق مستمرا.

وقالت نقابة الأطباء إن أعمال عنف أدت حتى الآن إلى مقتل اثنين من المتظاهرين وشرطي، وإصابة نحو 4800 شخص. وكان أردوغان أعلن الأحد أن أكثر من 600 شرطي جرحوا.