عائلة اللبناني الذي قتل أمام السفارة الإيرانية: راح غدرا رغم معارضته السلمية

لم يشارك في جنازته إلا القلة.. والأسعد: مشكلة حزب الله مع من يخالفه الرأي

اللبناني هاشم السلمان
TT

«جميعهم رحلوا.. لن أترك أحمد وحده». بهذه العبارة، رد هاشم السلمان على صديقته زينة الأخوي التي أعربت له عن استيائها من الوضع السياسي في لبنان، قبل مقتله أمام السفارة الإيرانية، الأحد الماضي، خلال اعتصام نظمه حزب «الانتماء اللبناني» بزعامة أحمد الأسعد، احتجاجا على مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا.

دفن السلمان (27 عاما)، من غير الكشف عن المتورطين في قتله. شقيقه فادي، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن هاشم «قُتل بالغدر»، ويؤكد أنه «كان الشخص الوحيد بين المتظاهرين، المستهدف بالقتل»، مستدلا بطريقة إطلاق النار عليه من دون الآخرين. وقال: «يبدو أن الحادث كان مخططا له؛ إذ استهدف هاشم بالرصاص، لأنه شاب مندفع وقوي البنية وشجاع ويؤمن بحرية الرأي والتعبير».

يرفض فادي السلمان، مضمون بيان صدر عن آل السلمان، يحملون فيه أحمد الأسعد مقتل هاشم، ويوضح أن «هذا البيان لم يصدر عنا، ولا يمثلنا. هو كذب. ما يصدر عن عائلة نشأت السلمان وحده، هو ما يمثل رأينا». ويؤكد أن هاشم «كان من أوائل المنتسبين لحزب الانتماء، وأحد كوادره، وكان مؤمنا بخط الحزب وبحرية الرأي». جنازة هاشم، لم يشارك فيها إلا القلة. وتفاوتت التقديرات حول أسباب عزوف أبناء البلدة عن المشاركة. وكان ناشطون أفادوا بمقاطعة أبناء بلدته لتشييعه، خلافا للمشهد المتداول أخيرا في جنوب لبنان، حيث يشارك الآلاف في تشييع قتلى حزب الله الذين قتلوا في سوريا. وقالوا إن المقاطعة «تعود إلى الخلاف مع الأسعد الذي ينتمي السلمان إلى تياره؛ إذ يعتبر زعيم حزب الانتماء في الأوساط الشيعية خصما للمقاومة ومؤيدا لمشروع خصم، فضلا عن أن السلمان قتل أمام سفارة دولة إيران التي تعد الداعم الأبرز لحزب الله».

وفي حين أشيع أن أهالي البلدة منعوا آل السلمان من استقبال المعزين في حسينية القرية، يقول فادي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا أحد يجرؤ على منعنا». ويشير إلى أن العائلة «تدفن موتاها في مقبرة مسجلة عقاريا باسم حسين السلمان في البلدة، وقد دفن هاشم إلى جوار أمه»، لافتا إلى أن «أحزاننا نفتح لها بيوتنا منذ وقت طويل»، نافيا منعهم من استقبال المعزين في الحسينية.

كلام شقيق السلمان يتوافق مع ما يقوله رئيس حزب الانتماء اللبناني أحمد الأسعد لـ«الشرق الأوسط»؛ إذ يوضح أن لأهل هاشم جبانة خاصة اختاروا دفن ابنهم فيها، نافيا أن يكون أبناء البلدة قد منعوا العائلة من استقبال المعزين في الحسينية؛ «إذ أن والدهم هو من رفض ذلك باعتبار أنه لم يطأ الحسينية منذ أكثر من 30 عاما لأسباب ذات طابع سياسي».

يعتبر الأسعد أن «ما حدث أمام السفارة الإيرانية يبرهن على أن لا مشكلة للحزب مع التكفيريين كما يدعي في سوريا، بل المشكلة هي مع أي رأي آخر وكل من يقف في وجه مشروعه»، مشددا على أن السلمان «شيعي ابن شيعي، من عائلة شيعية منذ مئات السنوات». ويقول إنه «قتل (إعداما) حيث اقتربوا منه وأطلقوا رصاصات مباشرة في بطنه، قبل أن يسقط أرضا وينهالوا عليه ضربا بالعصي ليقولوا بعدها إنه أصيب برصاص طائش».

ويشدد الأسعد على أن «السلمان كان معروفا بصلابته وشهامته، وكان قريبا جدا مني، عدا كونه العمود الفقري في حزب الانتماء، وكنت أفتخر به وأعتبره أشبه بشقيقي الصغير أو ابني»، معتبرا أن «من قتله اختاره نظرا لنشاطه في صفوف طلاب الجامعات ولأنه اعتاد أن يجاهر برأيه».

في مسقط رأسه بقرية عدلون (قضاء الزهراني - جنوب لبنان)، يجمع عارفو هاشم السلمان على أنه «خلوق ومهذب ومحترم». يقول أحد أبناء القرية لـ«الشرق الأوسط» إنه يعمل في صناعة نوافير المياه في البلدة، «لكنه لم يتغيب عن أي مناسبة أو نشاط.. كان الأسعد يدعو إليه». ويجمع عدد من عارفيه على أنه «لم يسجل له أي اصطدام مع أبناء القرية المختلفين معه في الرأي، وهو نادرا ما كان يختلط بسكان عدلون الذين ينقسمون بين مؤيدين لحزب الله، وحركة أمل، والحزب الشيوعي اللبناني، وآخرين مؤيدين للزعيم الشيعي التاريخي رئيس البرلمان الراحل كامل الأسعد».

وخلافا لقتلى حزب الله أيضا، لم تُرفع صور لهاشم سلمان في القرية.. اقتصر نشرها على صور لُصقت على سيارات يقودها أصدقاؤه؛ بعضهم شارك في المظاهرة الاحتجاجية أمام السفارة الإيرانية. وبحسب معلومات أهالي البلدة، فإن نحو 30 شابا من عدلون، كانوا يستقلون حافلة ركاب كبيرة، شاركوا في المظاهرة، وكان يقودهم هاشم السلمان.

عائلة السلمان معروفة تاريخيا بولائها لآل الأسعد، وتأييدهم. وهاشم، بات مقربا من أحمد الأسعد، وتسلم منصب «رئيس الهيئة الطلابية في الحزب»، على ما يؤكد مقربون من «تيار الانتماء»، على الرغم من أن آخرين قالوا إنه مسؤول الأمن الخاص للأسعد. وكان مؤيدو الأسعد الأب في البلدة، كثيرين، قبل أن تتزايد شعبية حزبي الطائفة الشيعية البارزين، حزب الله وحركة أمل، بعد تحرير الجنوب عام 2000. وبعد كشف بعض الصحف اللبنانية عن وثائق «ويكيليكس» التي أظهرت اجتماعات حضرها زعيم حزب الانتماء اللبناني أحمد الأسعد بالسفارة الأميركية في بيروت، «تناقصت شعبيته في البلدة»، كما يقول مصدر، على اعتبار أنه «معاد للمقاومة».

وعلى الرغم من ذلك، فإن المرشحين ضد قوائم حزب الله وحركة أمل حازوا في الانتخابات النيابية الماضية عام 2009، في قرية السلمان، أكثر من 400 صوت من أصل نحو 3000 ناخب اقترعوا في عدلون، معظم هؤلاء من مؤيدي الأسعد.