مشروع اتفاق جديد على طاولة المفاوضات بين الحكومة المالية والمتمردين الطوارق

توصلا إلى توافق مبدئي حول عودة سلمية وناجحة للإدارة والجيش إلى كيدال

TT

بعد ثلاثة أيام من المفاوضات التي تحتضنها واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو، بين الحكومة الانتقالية المالية، والمتمردين الطوارق المسيطرين على منطقة كيدال، الواقعة في أقصى شمال شرقي مالي، تقدم رئيس بوركينافاسو بلييز كومباوري، الذي يلعب دور الوسيط في أزمة مالي، بمشروع اتفاق كان من المنتظر أن توقع عليه أطراف الأزمة مساء أمس.

وكان كومباوري تقدم في اليوم الأول من المفاوضات التي انطلقت مساء السبت الماضي، بمقترح اتفاق شمل عدة نقاط؛ أهمها وقف القتال بين الجيش والمتمردين، ونشر الإدارة والجيش الماليين في مدينة كيدال التي يسيطر عليها المسلحون الطوارق، إضافة إلى تنظيم الانتخابات في جميع أنحاء البلاد في موعدها المحدد يوم 28 يوليو (تموز) 2013، مع الالتزام بمواصلة المفاوضات بعد انتخاب رئيس شرعي للبلاد، وذلك من أجل التوصل إلى حل جذري لقضية أزواد.

ولمناقشة مقترح الوسيط الأفريقي، عقدت جلسات من المباحثات المنفصلة، بين الرئيس البوركينابي وكل وفد على حدة، إضافة إلى جلسات أخرى جمعت أطراف الأزمة والوسيط الأفريقي ووفودا أفريقية وأوروبية وأممية، وسفراء بعض الدول الغربية؛ في مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة؛ وتقدم وفد الحكومة المالية ووفد المتمردين الطوارق بملاحظاتهم على المقترح وما تضمنه من نقاط.

وبعد أن تسلم الوسيط الأفريقي ملاحظات أطراف الأزمة على المقترح الأول، أعلن وزير خارجية بوركينافاسو جبريل باسوليه عن التقدم بمشروع اتفاق جديد، حيث قال في تصريح للصحافيين عقب آخر جلسات التفاوض: «الرئيس كومباوري.. سلم مختلف أطراف الأزمة مشروع اتفاق جديدا يأخذ ملاحظاتهم بعين الاعتبار»؛ قبل أن يضيف أن وفدي الحكومة الانتقالية المالية والمتمردين الطوارق «طلبا بضع ساعات للعودة إلى قواعدهما» من أجل بحث المقترح «قبل تبنيه بشكل نهائي».

وأكد وزير خارجية بوركينافاسو أن جولات المفاوضات السابقة مكنت من التوصل إلى «اتفاق مبدئي» حول ما قال إنه «عودة سلمية وناجحة للقوات المالية والإدارة الرسمية والخدمات الاجتماعية الأساسية في شمال مالي»، مشيرا إلى أن مشروع الاتفاق «تضمن كل التدابير التي تضمن عدم حصول أي حادث يمكن أن يزعزع الثقة» بين أطراف الأزمة، مما قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد.

وحسب ما أشار إليه وزير خارجية بوركينافاسو، فإن مشروع الاتفاق الجديد تضمن نقطة بارزة تتعلق بتشكيل «لجنة أمنية مختلطة» من الحكومة الانتقالية المالية والمتمردين الطوارق، ومهمة هذه اللجنة هي البحث عن السبل الكفيلة بعودة الجيش الحكومي المالي إلى منطقة كيدال، إضافة إلى «بحث تفاصيل هذه العودة».

وحسب ما أكدته مصادر قريبة من المفاوضات في اتصال مع «الشرق الأوسط» من واغادوغو، فإن من بين الخطط التي ستناقشها اللجنة الأمنية المختلطة، إمكانية تشكيل وحدات أمنية تضم عناصر من الجيش الحكومي المالي والمسلحين الطوارق، إضافة إلى الجيش الفرنسي والقوات الأفريقية في إطار قوات حفظ سلام أممية؛ وحسب المصادر نفسها، فإن هذه الوحدات ستتولى مهمة توفير الأمن في منطقة كيدال إبان تنظيم الانتخابات المرتقبة.

وكان المتمردون الطوارق يرفضون بشكل قاطع دخول الجيش المالي إلى مدينة كيدال، مطالبين بأن تتولى قوات حفظ سلام أممية مهمة تأمين الانتخابات المقبلة، فيما تم اقتراح عودة تدريجية للجيش المالي، وذلك في ظل انعدام الثقة بين الطرفين، وخشية الطوارق من تصفيات عرقية قد يقدم عليها الجيش الحكومي المالي عندما يدخل كيدال، التي تسكنها أغلبية من الطوارق.

وذكرت مصادر متطابقة أن الطرفين اتفقا على احترام «وحدة أراضي» مالي وعلمانية الدولة؛ إلا أن باماكو رفضت أن تستخدم في الوثيقة النهائية كلمة «أزواد»، التي تطلق على شمال مالي بلغة «التماشق» التي يتحدث بها الطوارق، وأشارت الحكومة المالية إلى أن الطوارق لا يسيطرون إلا على كيدال التي لا تمثل إلا جزءا بسيطا من الإقليم.