السلطات العراقية تنفي تلقيها معلومات عن ضلوع مسؤول أمني كبير بقتل مواطنين جنوب الموصل

«هيومان رايتس ووتش» طالبتها بالتحقيق فورا في تورط قائد «الفرقة الثالثة شرطة»

TT

نفت وزارة حقوق الإنسان في العراق أن تكون قد تلقت معلومات بضلوع قائد الشرطة الاتحادية في الموصل اللواء الركن مهدي الغراوي بتصفية أربعة رجال وطفل من قرية المستنطق جنوب الموصل في محافظة نينوى شمال العراق طبقا لما أعلنته منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان أمس.

وكانت مديرة «هيومان رايتس ووتش» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة ويتسن، طالبت في بيان لها السلطات العراقية بـ«البدء بتحقيق فوري في أدلة تفيد بقيام الشرطة الاتحادية بقتل أربعة رجال وصبي في الخامسة عشرة من عمره في 3 مايو (أيار) 2013، رميا بالرصاص جنوب الموصل»، مبينة أن «شهود عيان شاهدوا الضحايا للمرة الأخيرة في عهدة الفرقة الثالثة شرطة اتحادية بقيادة مهدي الغراوي الذي أزيح سابقا عن منصبه كقائد بالشرطة الاتحادية بعد مزاعم بتورطه في التعذيب وانتهاكات أخرى، لكنه أعيد إليه لاحقا». وأضافت ويتسن أن «دور الشرطة الظاهر في قتل أربعة رجال وصبي بالمدافع الرشاشة يتطلب تحقيقا فوريا وملاحقة المسؤولين»، مبينة أن «احتمالية ارتكاب هذه الجرائم من قبل وحدة يقودها قائد سبق أن ثبت تورطه في التعذيب يبين لماذا لا يمكن كنس الانتهاكات تحت البساط وتناسيها».

وعززت ويتسن اتهاماتها للغراوي بالإشارة إلى أن «أدلة أخذت من مقاطع فيديو وصور بينت أن الشرطة الاتحادية كانت تعرف بمكان الجثث لكنها لم تبلغ ذويهم بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي التقطها سكان القرية بالهواتف الخلوية بعد العثور على الجثث في الـ11 من مايو 2013، تبين جثثا في حالة تحلل ظاهر وأذرعها مقيدة خلف الظهور»، مضيفة أن «ذوي الضحايا قالوا إن الثياب التي كانت على الجثث مغايرة لما كان يرتديه الضحايا حينما اعتقلتهم الشرطة الاتحادية». ولفتت ويتسن إلى أن «منظمة هيومان رايتس ووتش اطلعت أيضا على صور بثتها وسائل الإعلام العراقية، وقيل إنها تسربت بمعرفة أحد ضباط الشرطة الاتحادية، تظهر عددا من ضباط الشرطة الاتحادية واقفين بجوار الجثث التي كانت ترتدي نفس الثياب وترقد في أوضاع مشابهة وأيديهم مقيدة»، مبينة أن «صور الفيديو أظهرت الجثث ولا يبدو عليها آثار التحلل الظاهرة في مقاطع الفيديو المصور من قبل سكان القرية مما يدل على التقاط الصور في توقيت أقرب لتوقيت الوفاة». وشددت ويتسن على أن «أحداث المداهمات ووقائع القتل المزعومة على يد الشرطة الفيدرالية تبين مخاطر ترك الحبل على الغارب للقوات المسيئة وعلى الشرطة أن توفر الأمن للسكان، لا أن تكون هي مصدرا لانعدام الأمن».

ومضت مديرة «هيومان رايتس ووتش» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قائلة إن أقارب الضحايا وسكان المستنطق الشرقية قالوا إن قافلة مشتركة من جنود الجيش والشرطة من لواء حزام نينوى شرطة اتحادية، إحدى وحدات الفرقة الثالثة التي تسيطر على المناطق الواقعة جنوب وغرب الموصل، أحاطت في الثالث من مايو قرية المستنطق وسألت سكانها عما إذا كانت هي المستنطق الغربية، وحين نفوا هذا رحلت عناصر الجيش، لكن الشرطة الاتحادية اجتاحت القرية وفتشت البيوت والحظائر، واعتقلت ثمانية أشخاص من مذكرات قضائية، بمن فيهم الخمسة الذين قتلوا لاحقا. واختتمت ويتسن تقريرها بالقول، إن «شهود منطقة المستنطق الشرقية شاهدوا الرجال الأربعة والصبي من نفس العائلة للمرة الأخيرة وهم يعملون في سباكة أحد المنازل، حين اعتقلتهم الشرطة الاتحادية بعيد الرابعة عصرا بعدما طلبوا منهم الهويات الثبوتية»، لافتة إلى أن «أقارب الضحايا تعرفوا عليهم وهم كرم أحمد محمود 15 سنة، وعماه سليم محمود سليم، 20 سنة، وأحمد محمود سليم، 30 سنة، وابن خالتيهما شاكر شحاتة حوماتي، 21 سنة، وأحمد محمود حسن، 33 سنة».

من جهته أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهات العراقية الرسمية تعودت على مثل هذه التقارير التي تصدرها منظمة (هيومان رايتس ووتش) بين آونة وأخرى بحق العراق وكثيرا ما تستقي معلوماتها من جهة واحدة وهو أمر يؤخذ عليها يوصفها منظمة عالمية محترمة». وأضاف أمين «مع ذلك فإن أي معلومة ترد ألينا لا يمكن إغفالها لأننا نملك صلاحية تقصي الحقائق ولدينا ادعاء عام يتابع ويحقق في مثل هذه الأمور ويمكن أن يطال التحقيق أي شخص مهما كان يتورط بالدم العراقي».

وأكد أمين أن «الوزارة لم تتلق شكوى من هذا النوع على الرغم من وجود مكتب لها في الموصل وبالتالي فإننا لم نطلع على هذه المعلومات التي يبدو أن هناك من زود المنظمة بها دون أن نشكك بشيء ولكننا سنبدأ التحري والتحقيق في صحة هذا الادعاء لكي تتبين لنا وللعالم الحقيقة». وأشار أمين إلى أن «تقرير المنظمة خطير لجهة أنه يتناول أسماء قادة عسكريين بشكل مباشر وهو ما يعني أنه وضعهم في دائرة الخطر والتحريض هم وعائلاتهم».

وعلى الصعيد نفسه أكد محمد يحيى معاون محافظ نينوى ورئيس اللجنة الأمنية في المحافظة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المعلومة وردت إلينا عن طريق إحدى العشائر في المحافظة وهي عشيرة العكيدات التي يعود إليها الضحايا لكن لا يوجد لدينا شيء ملموس». وردا على سؤال لماذا لم يتم التحقيق في هذه القضية؟ قال يحيى، نحن كمحافظة لا صلاحية لدينا بالتحقيق مع العسكر بل حتى لا يحق لنا استدعاء أحد منهم وبالتالي فإن هذه المسائل تعود للجهات الاتحادية للتحقيق بها إذا ارتأت ذلك».