بغداد تقر لأول مرة بقتال عراقيين في سوريا.. وتنفي المسؤولية عن إرسالهم

أحد المتطوعين: لن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى الأضرحة تتعرض للاعتداء

لافتات نعي لمقاتلين شيعة عراقيين قتلوا في سوريا موضوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
TT

يعتزم العراقي أبو محمد الموسوي التوجه إلى سوريا للمرة الرابعة في أقل من شهر، لأداء ما يصفه بـ«الواجب الديني في حماية مقام السيدة زينب» في العاصمة دمشق، مضيفا: «نحن ندافع عن ديننا. هذا ما تربينا عليه. وواجبنا يفرض علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي عندما نرى الأضرحة الشيعية تتعرض للهجوم». ويضيف الموسوي، وهو اسم مستعار اختاره لنفسه، أن عائلته ترجوه عدم الذهاب إلى سوريا و«المغامرة» بحياته هناك، لكنه مصر على حماية «الأضرحة» وقد وعد، إن ذهب هذه المرة، بالحصول على بندقية من نوع «كلاشنيكوف» من مخازن الجيش النظامي.

ويلعب المقاتلون العراقيون الشيعة من أمثال أبو محمد الموسوي، 33 عاما، دورا متزايد الأهمية في سوريا، إذ يرفدون الجيش النظامي بموارد بشرية ضخمة تعوض النقص الناجم عن رفض السوريين لأداء خدمة العلم وتزايد عمليات الانشقاق من صفوفه. لكن النائب السني عن القائمة العراقية حامد المطلك يرى في التدفق الشيعي نحو دمشق ما هو أخطر من ذلك بالقول: إن «مشاركة المقاتلين الشيعة في سوريا، تحت ذريعة حماية العتبات المقدسة، مشروع طائفي يعرض المنطقة كلها للخطر» متهما في الوقت ذاته حكومة بلاده بغض الطرف عن تدفق العراقيين «الشيعة» نحو سوريا.

من جانبها، تصر حكومة بغداد، التي يقودها «التحالف الوطني (الشيعي)» على أنها لا تستطيع وقف تدفق المقاتلين الشيعة المتجهين إلى هناك، لكنها تؤكد في الوقت ذاته على النأي بنفسها عن هذه الممارسات، حسبما أكد علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي أمس.

وأضاف مستشار المالكي الإعلامي أن «الحكومة العراقية ملتزمة بسياسة عدم التدخل في الأزمة السورية». وأكد على «أنها (الحكومة) غير مسؤولة عما يذكر من وجود أفراد عراقيين مع أي من طرفي النزاع». وتابع الموسوي ردا على سؤال أن الحكومة غير مسؤولة عن أي شخص يقاتل إلى جانب أي طرف في إشارة إلى مقاتلين شيعة يدعمون النظام وآخرين سنة يدعمون المعارضة. وهذه المرة الأولى التي تقر فيها الحكومة العراقية ضمنا بوجود مقاتلين عراقيين في سوريا.

وتسلم العراق خلال الأيام الماضية، جثامين شبان قضوا في معارك ضد المعارضة السورية قرب دمشق. ولم تتبن أي جماعة عراقية إرسال مقاتلين إلى سوريا لكن معارضين سوريين اتهموا جماعة «عصائب أهل الحق» وكتائب «حزب الله» في العراق بالوقوف وراء ذلك. وينقسم العراق بين فريق ينتقد نظام بشار الأسد، وفريق آخر، ومن بينهم المالكي، يؤكدون على أهمية التوصل إلى «حل سياسي للأزمة هناك».

ورغم النفي الحكومي فإن الوقائع على الأرض تشير إلى نوع من الرضا تجاه تدفق العراقيين نحو سوريا، إذ وفر جنود عراقيون قبل أيام الحماية لموكب عزاء في محافظة ميسان، الواقعة على الحدود مع سوريا. وسارت الجنازة خلف 7 قتلى، وقد ارتدى السائرون فيها زيا عسكريا وهم يحملون نعوشا مزينة بالورود. ويشير مسؤول بارز في المكتب السياسي للتحالف الوطني، طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن قادة الميليشيا يرسلون بعض المجندين للتدريب على يد أفراد من «فيلق القدس» الإيراني، التي تشرف على العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، في معسكر عسكري بمدينة فارامين الإيرانية قبل نقلهم إلى سوريا، فيما تلقى آخرون تلقوا تدريبا في لبنان.

لكن شيعة العراق، وعلى غرار حزب الله اللبناني، كانوا أكثر صراحة في الإعلان عن دورهم في سوريا خلال الأسابيع الأخيرة. وفي معقل الشيعة في الجنوب يزداد توافد المشيعين على مراسم الدفن الشعبية التي تقام للمقاتلين قتلوا في سوريا. وتنظم ميلشيا «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله العراقي» الكثير من عمليات نقل المقاتلين العراقيين إلى سوريا، بحسب سياسيين شيعة ورجال دين ومقاتلين.

وأكد جاسم الجزيري، عضو في المكتب السياسي لكتائب حزب الله العراقي أن القتال في سوريا يصب في النهاية في صالح الشيعة أيضا. وقال: «نحن نشعر أن العراق سيكون الهدف القادم بعد سوريا. والمجموعات الشيعية بما فيها كتائبنا، لا تقاتل للدفاع عن الضريح فقط، بل ضد المشروع التكفيري في مناطق أخرى من سوريا»، قاصدا المتطرفين السنة. يأتي تباهي المجموعات الشيعة بتنامي دورها في سوريا في وقت يتصاعد فيه القلق من ازدياد نشاطها في العراق. ففي فبراير (شباط) الماضي تركت مجموعة شيعية صغيرة منشورا خارج منزل أحد السنة في المناطق المختلطة في بغداد تأمرهم بالرحيل عن المنطقة، والتهديد هو الأول من نوعه خلال سنوات.

يشار إلى أنه تم الإعلان مؤخرا عن تشكيل لواء هو ذو الفقار لحماية مرقد السيدة زينب، وبعد هذا التشكيل العسكري يصبح عدد الألوية الشيعية المقاتلة في دمشق ثلاثة، وهي ذو الفقار وأبي الفضل العباس وجيش الإمام.