إعدام بلجيكي في حلب أمام زوجته.. والمنفذ والأسباب مجهولة

قالوا لها: سنتركك على قيد الحياة لتقصي ما حدث لك

TT

«أحبك.. وسنلتقي في الجنة». هي آخر ما قاله طارق، بلجيكي الجنسية، لزوجته نورا، قبل أن تقتله عناصر مجهولة فجر 7 يونيو (حزيران) الجاري في مدينة حلب (شمال سوريا) التي ذهب إليها للقتال في صفوف المعارضة المسلحة ضد قوات الرئيس بشار الأسد.

شاهدت نورا، بلجيكية الجنسية أيضا، عملية إعدام زوجها أمام عينيها، وراعها أن تبقى على قيد الحياة بعد مقتل طارق، فطلبت من «العناصر الملثمة» الإجهاز عليها وإلحاقها بزوجها، فرفض منفذو الجريمة ذلك، مضيفين: «ستبقين على قيد الحياة لتقصي ما جرى لك، ولكي تتذكري هذا المشهد دائما». وبالفعل بقيت نورا، ذات الـ19 ربيعا، على قيد الحياة لتتصل بوالدتها وتنقل لها المشهد الأخير في حياة زوجها طارق، صاحب الـ20 ربيعا، الذي انتهى بطلقة في الرأس قبل 3 أيام من الموعد الذي حدده للعودة إلى بلجيكا.

تقول والدة نورا، التي تحدثت للصحافة البلجيكية، إن زوج ابنتها سافر إلى سوريا للقتال ضد نظام الأسد قبل نحو 9 أشهر، وإن نورا لحقت به قبل 3 أسابيع، مصطحبة معها ابنتها الرضيعة.

وتضيف السيدة، مغربية الأصل، أن ابنتها لم تنشأ على «القيم المتشددة»، مؤكدة أن «نورا عاشت حياتها كباقي الفتيات المسلمات، وكان لها أصدقاء وتخرج معهم باستمرار».

ويعتبر طارق ثالث مسلم تؤكد السلطات البلجيكية مقتله في الصراع السوري، وتسعى بروكسل لأن يكون الأخير؛ إذ تواصل السلطات هناك جهودها لمنع سفر المزيد من الشبان، وللحد من الأفكار المتشددة التي تحث الشباب البلجيكي المسلم على «الجهاد في سوريا».

ووفقا لدونيس دوكيرم، عضو البرلمان البلجيكي، فإن بلاده أصبحت مركزا حيويا لتجنيد الشبان وتسفيرهم إلى سوريا للقتال هناك، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا يمثل مشكلة كبيرة، سواء بالنسبة لعائلات هؤلاء الشبان وللحكومة التي تخشى على أمنها في حالة عودتهم وقد خبروا استخدام أسلحة متنوعة».

وفي سبيل الحد من «الرحلات الجهادية» إلى سوريا، منعت سلطات مطار بروكسل بلجيكية ورضيعها الذي لم يتجاوز الشهر الثالث، من السفر إلى تركيا للالتحاق بزوجها إلياس، البالغ من العمر 23 عاما. ومضى على مغادرة إلياس لبلجيكا 5 أشهر، وتعتقد السلطات الأمنية أنه موجود في سوريا، وكان ينوي إحضار عائلته إلى سوريا نظرا لطول أمد إقامته في هذا البلد، لكن خططه باءت بالفشل وأجبر على العودة إلى بلجيكا لرؤية طفله وزوجته فاعتقلته السلطات الأمنية وحققت معه. وكانت نتيجة التحقيق إنكار إلياس التهم الموجهة إليه، والتأكيد على أن نشاطه ينحصر في الجانب الإغاثي على الحدود السورية - التركية.

ودرءا للأخطار الاجتماعية والأمنية للعائدين من سوريا، تقول وسائل إعلام محلية إن بروكسل سمحت لنفسها أخيرا بالقيام باعتقالات سرية لشباب بلجيكي يشتبه بأنهم ذهبوا لسوريا، وهو ما أثار موجة من ردود الفعل السريعة والغاضبة في أوساط القيادات السياسية والحزبية.

وانتقد عمدة مدينة ويلبروك، القريبة من بروكسل، إيدي بيفرس، ما وصفه بأفعال وزارة الداخلية التي «كان عليها أن تبلغ الأمر للشرطة المحلية في المدينة على أقل تقدير». وهو انتقاد فسره البعض بأن جهاز الاستخبارات الأمنية ربما يكون قد شارك في الاعتقال بدلا من الشرطة المحلية.

وأضاف العمدة بيفرس أن «ما حدث لا يتلاءم مع تعهدات وزيرة الداخلية جويليه ميلكويه في اجتماعها قبل أسابيع مع عدد من محافظي المدن التي سافر شباب منها إلى سوريا للقتال».

وفي بيان قال حزب التحالف الفلامني الذي ينتمي إليه العمدة، إنه جرى تقديم طلب استجواب للوزيرة في البرلمان حول هذا الملف، وفي الوقت نفسه، ومن خلال البيان، أكد الحزب «على ضرورة اعتقال كل العائدين من القتال في سوريا وإجراء تحقيق شامل معهم، وأن كل من تورط في أي جرائم ارتكبت هناك لا يمكن له أن يتحرك بحرية، بل يجب ملاحقته ومعاقبته».

يشار إلى أن الشرطة البلجيكية تشن منذ أسابيع حملة مداهمات لمنازل أشخاص يشتبه في علاقتهم بهذا الملف، وكانت تقارير إعلامية بلجيكية قد أفادت بتزايد عدد المتطوعين البلجيكيين في صفوف المعارضة السورية المسلحة في سوريا، واختلفت الآراء حول أعدادهم؛ فهناك من يتحدث عن وجود ما بين 60 إلى 80 شابا، بينما تؤكد مصادر أوروبية أن هناك ما لا يقل عن 600 شاب من عدة دول أوروبية سافروا للقتال في سوريا عبر الحدود مع دول مجاورة وخاصة تركيا.