«أصدقاء سوريا» يسعون لتخفيف تأثيرات التحولات الميدانية على مسار الحل السياسي

الخارجية الفرنسية تعتبر سقوط القصير منعطفا في الصراع السوري

TT

تتركز الجهود التي تبذلها «النواة الصلبة لأصدقاء الشعب السوري» هذه الأيام على احتواء التحولات الميدانية التي طرأت على الجغرافيا العسكرية السورية منذ بضعة أسابيع، وتعطيل آثارها السلبية على مجرى الحل السياسي الذي يتوقع أن يخرج مؤتمر السلام الخاص بسوريا، والمزمع عقده في مدينة جنيف السويسرية، مطلع الشهر المقبل، وذلك وفقا لمصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في باريس.

وعلمت «الشرق الأوسط» من هذه المصادر أن الموعد المبدئي لـ«جنيف 2» سيكون في 8 يوليو (تموز) المقبل، إلا أن الموعد النهائي سيحدد خلال في 25 يونيو (حزيران) الحالي، موعد الاجتماع الثلاثي الذي سيضم إلى جانب الأمم المتحدة، كلا من روسيا والولايات المتحدة في جنيف.

وترى باريس أن الحرب في سوريا وصلت إلى «منعطف»، وأن الوضع يحفز على إجراء «مناقشات ومشاورات» حول تسليم المعارضة السورية ما تحتاج إليه من أسلحة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، أمس، في ندوة صحافية إنه «ثمة نتائج تستخلص مما حصل في القصير، ومما يرتسم في حلب»، مضيفا: «لقد وصلت الحرب في سوريا إلى منعطف. ما النتائج التي نستخلصها؟ وماذا نفعل في هذه الظروف لتعزيز المعارضة المسلحة السورية؟ إنه نقاش نجريه مع شركائنا، مع الأميركيين، مع السعوديين والأتراك، وآخرين كثيرين.

وتنطلق المقاربة الفرنسية من أن «جنيف 2» ينبغي أن يعقد وميزان القوى على الأرض متعادل، بمعنى «ألا يتمتع أحد الأطراف بقوة مفرطة، بينما يعاني الطرف الآخر من ضعف مفرط».

وبناء على هذه المقاربة، تنصب الجهود والاتصالات في الوقت الحاضر بين العواصم المعنية على البحث في الخطوات الملحة جدا التي من شأنها «إعادة شد عصب المعارضة المسلحة» و«مساعدة المعارضة السياسية لتنظيم صفوفها والتغلب على انقساماتها» من خلال بت المساءل الخلافية الثلاث: الانتهاء من توسيع الائتلاف المعارض، وتشكيل هيئته القيادية، وأخيرا تشكيل الوفد الذي سيتوجه إلى جنيف من أجل التفاوض مع وفد نظام الرئيس بشار الأسد.

وتفيد ورقة خلاصات الاجتماعات التي عقدت في لندن على مستوى كبار الموظفين لممثلي 11 بلدا تتكون منهم المجموعة «الضيقة» لأصدقاء الشعب السوري أن الأطراف المجتمعة «اتفقت على الضغط على الائتلاف الوطني السوري من أجل الذهاب إلى محادثات (جنيف 2)». بيد أنها، في الوقت عينه، تعترف بـ«الصعوبات» المترتبة على ذلك، وأولها «اختلال الميزان العسكري» ميدانيا. غير أن ما جاءت به هذه الورقة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» يعطي صورة «مختلفة» عما أشيع عن نتائج اجتماع جنيف الثلاثي الأول، وتحديدا بشأن حقيقة الموقف الروسي من صيغة الحل.

وورد في الفقرة الأولى من الخلاصات ما يلي: «نرحب بالتقدم الذي تحقق في الاجتماع الثلاثي (في جنيف)، الذي عقد في 4 يونيو (حزيران) الحالي، وتحديدا بالاتفاق، الذي تم التوصل إليه مع روسيا حول ضرورة تولي السلطة الانتقالية التي ستنبثق عن (جنيف 2) كل الصلاحيات التنفيذية، بما في ذلك المسؤولية الأمنية وعن القوى العسكرية وأجهزة الاستخبارات».

كذلك اتفقت المجموعة على أن انخراط إيران المباشر في الحرب في سوريا «يمنعها» من المشاركة في «جنيف 2» بيد أن المجتمعين أبدوا انفتاحا للنظر في إدخال طهران في أي آلية تشاورية قد تقترحها الأمم المتحدة.

ويعد قبول موسكو نقل كامل الصلاحيات إلى السلطة الانتقالية تقدما أساسيا بنظر دبلوماسيين غربيين سألتهم «الشرق الأوسط» عن تقييمهم لهذه النقطة الحساسة.

وثمة نقطة أخرى قدمت فيها روسيا «تنازلات» وتتناول تشكيل الوفد المعارض، إذ كانت بداية تطالب بوفد منفصل لهيئة التنسيق. وبدت الليونة في موقف موسكو في قبولها ذهاب وفد موحد للمعارضة، شرط أن تتمثل فيه كل الحساسيات، بما فيها الهيئة المذكورة. وبالمقابل، يتمسك المعسكر الغربي بأن يكون للائتلاف اليد العليا على وفد المعارضة التي يصر أصدقاء الشعب السوري على الحاجة لتوسيعها. وما زال الجدل قائما بصدد حضور إيران المؤتمر المرتقب. وحتى الآن، ما زال الموقف الأميركي «متذبذبا»؛ فبينما تبنت واشنطن موقف الـ11 في اجتماع لندن الرافض مشاركة طهران باعتبارها «جزءا من المشكلة، وليست جزءا من الحل»، فقد نقل قوله إن رفض إيران «موقف تفاوضي بعده يمكن أن نتوصل إلى تسوية، أو مخرج يستطيع الروس قبوله. وبالمقابل، فإن هؤلاء طالبوا باستبعاد قطر والسعودية في حال استبعاد إيران».