تل أبيب تهدد باحتلال «المنطقة المحرمة».. ومطالبة بتوسيع صلاحيات «أوندوف»

أولى الدفعات المنسحبة تصل إلى فيينا اليوم.. ووزير الدفاع الإسرائيلي يتوجه غدا إلى واشنطن لمناقشة الملف السوري

TT

مع بدء انسحاب القوات النمساوية من معبر القنيطرة في المنطقة العازلة بين سوريا والجزء الذي تحتله إسرائيل في مرتفعات الجولان، جددت إسرائيل تهديداتها بإعادة احتلال «المنطقة الحرام» في حال انهيار القوات الدولية، لكن قادة هذه القوات من تشيلي والهند وكرواتيا أكدوا أنهم مستعدون للبقاء هناك، مطالبين، في الوقت ذاته، بتغيير وضعيتهم وتوسيع صلاحياتهم حتى يصبحوا «قوة عسكرية ذات أسنان تستطيع التدخل لمنع الصدامات».

وكانت القوات النمساوية قد بدأت تنسحب من الجولان وتتجه إلى الداخل الإسرائيلي تمهيدا لمغادرة الشرق الأوسط، وقال أندرياس شتروبل المتحدث باسم وزارة الدفاع النمساوية أمس إن الدفعة الأولى، التي تضم ما بين 60 و80 جنديا، ستصل إلى فيينا مساء اليوم، وإن الانسحاب بدأ بالفعل في الموقع. وجاء قرار الانسحاب على خلفية قيام قوة من المعارضة السورية بالسيطرة على معبر الحدود بين إسرائيل وسوريا عند مدينة القنيطرة، الخميس الماضي، والهجوم العسكري الذي شنته قوات النظام السوري بتنسيق مع إسرائيل والذي انتهى باسترداد المعبر بعد اشتباكات عنيفة.

ورفض قائد هذه القوات الإدلاء بأي تصريحات لممثلي وسائل الإعلام الذين احتشدوا في المكان، لكن ضابطا من القوات التشيلية المرابطة في المكان علق على هذا الانسحاب قائلا: «نحن نتفهم زملاءنا النمساويين؛ فقد تم وضعنا هنا ضمن اتفاقية دولية، والمهمة التي نيطت بنا هي إعطاء تقارير عن خرق بنود الاتفاقية، لكن طرفي الصراع في سوريا يتقاتلون في اشتباكات عنيفة تهدد حياتنا بالخطر من دون أن يكون في مقدورنا الدفاع عن أنفسنا. فإذا استمرت هذه الحالة، فلن يبقى لنا مكان هنا».

وعلى أثر ذلك هدد مصدر إسرائيلي بأن جيشه لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا التدهور ولن يسمح بنشوء فراغ في «المنطقة الحرام»، وسيعمل على ضمان أمن إسرائيل بكل الطرق. وفسر هذا الإعلان على أنه تهديد غير مباشر باحتلال هذه المنطقة من جديد.

والمعروف أن قوات فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة «أوندوف» ترابط في المكان منذ سنة 1974 في أعقاب التوقيع على اتفاقية فض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية، بعد 7 أشهر من حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وهي تتألف من 1043 جنديا وضابطا من النمسا والفلبين وتشيلي وكرواتيا والهند واليابان، ومعهم 67 مراقبا من قوات المراقبة الدولية «أو جي جي» و144 عاملا مدنيا (بينهم سوريون وإسرائيليون)، وهي تعمل بقيادة الجنرال الفلبيني نتاليو أكراما. وقد تمت إقامتها وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 350 في سنة 1974، ويوجد لها 44 موقعا عسكريا و11 منطقة مراقبة على طول الحدود (80 كيلومترا) في الجولان المحتل، من الحدود السورية - اللبنانية شمالا وحتى الحدود الأردنية جنوبا. وهي تسيطر على المنطقة الحرام التي يبلغ عرضها 10 أمتار في الجنوب و10 كيلومترات في الشمال. وخلال هذه السنوات تعرضت لاعتداءات جمة فقدت خلالها 42 جنديا وموظفا مدنيا واحدا، بعضهم قتلوا جراء انفجار ألغام. ويقع مقر قيادتها في دمشق، ويوجد لها معسكر كبير في الجهة السورية من الجولان.

ويسعى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى تجنيد قوات بديلة عن قوات النمسا المنسحبة، كي لا يتدهور الوضع الأمني أكثر من التدهور القائم حاليا، خصوصا إثر التهديدات الإسرائيلية بإعادة احتلال المنطقة. وقد واصل القادة الإسرائيليون متابعة الأوضاع على الحدود السورية من خلال تصريحات وتهديدات متباينة، تدل على خلافات في المواقف. وقد برز وزير المخابرات والشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتس، أمس، بتصريح قال فيه إن «القوات النظامية في سوريا تمتلك من القوة العسكرية والأسلحة والعتاد ودعم إيران ومشاركة حزب الله في القتال، ما يجعلها قادرة على تحقيق الغلبة والنصر على المعارضة». وفي الوقت نفسه حذر الرئيس الأسد قائلا: «ليس من مصلحته أن يستفزنا حتى لا نتدخل في الحرب». ووجه رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أفيغدور ليبرمان، تهديدا مباشرا للأسد قال فيه إنه في حال تنفيذ تهديداته بمقاومة إسرائيل فإنه سيدفع ثمنا باهظا يكلفه كرسيه في الحكم.

ولكن الناطق بلسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مارك ريجيف، سارع إلى التنصل من تصريحات شتاينتس، وقال: «إن شتاينتس يتكلم باسمه الشخصي، وإن الحكومة الإسرائيلية ليس لها موقف رسمي بشأن احتمالات مصير الأسد». وأكد أن إسرائيل «ليست معنية بحدوث فوضى في سوريا، خاصة في ظل تقديراتها بأن واحدا على الأقل من كل عشرة مقاتلين مناهضين للأسد هم من الإسلاميين المتشددين».

يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، موشيه يعلون، سيغادر غدا إلى واشنطن، في أول زيارة له في هذا المنصب إلى الولايات المتحدة. وسوف يحل ضيفا على نظيره الأميركي، تشاك هيغل، وسيلتقي مسؤولين آخرين كبارا في الإدارة الأميركية. وقال مصدر مقرب منه إن ما يجري على الساحة السورية ودور إيران وحزب الله سيكون في صلب محادثاته. لكنه سيبحث أيضا في التعاون العسكري والاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة حول ما يحصل في سوريا، والرد الإسرائيلي على إمكانية بيع وسائل قتالية متطورة روسية لسوريا، وبضمنها صواريخ «إس 300».