روما تلوح بورقة الاتحاد الأوروبي.. وبرلين وباريس تدعوان للحوار مع المحتجين

ردود أفعال دولية واسعة على أحداث إسطنبول.. وواشنطن تبدي قلقها

TT

اتسعت ردود الأفعال الأوروبية والأميركية والدولية من حادثة اقتحام الشرطة التركية لميدان تقسيم وإخلائه من المحتجين المطالبين باستقالة رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أول من أمس. وجاءت ردود فعل ألمانيا الأقوى إذ طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالحوار مع حركة المعارضة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أمس عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الألماني، إن الحكومة الألمانية تتابع «بقلق كبير» تطورات الأوضاع في إسطنبول، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

وأضاف المتحدث: «فقط عن طريق الحوار يمكن تهدئة الأوضاع على نحو دائم»، مؤكدا ضرورة بدء «محادثات بناءة رصينة من كل الأطراف».

وأعاد المتحدث تذكير تركيا بأن حرية التجمهر والتعبير عن الرأي من الحقوق الأساسية الديمقراطية التي يتعين احترامها، وقال: «تهدئة الأوضاع مطلب الساعة. وهذا يعني أيضا التهدئة في نبرة الحديث».

وأعلن المكتب الرئاسي في ألمانيا أمس أن الرئيس الألماني يواخيم جاوك أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس التركي عبد الله غل أعرب خلاله عن قلقه من «العنف المفرط» في تركيا. ويأتي إعلان المكتب الرئاسي في برلين تأكيدا لما أوردته صحيفة «حريت» التركية عن هذه المكالمة.

وأوضح المكتب الرئاسي أن جاوك كان قد أجرى الاتصال بغل مساء أول من أمس للاستعلام عن الوضع الراهن في تركيا، وخلال الاتصال أشار الرئيس الألماني إلى الأجواء القلقة داخل الطائفة الألمانية التركية في ألمانيا بسبب الأحداث الجارية في تركيا. وأضاف المكتب أن الرئيسين اتفقا على أن الحوار بين الحكومة التركية والمعارضين أمر «بالغ الأهمية».

من جانبه دعا الرئيس التركي خلال المكالمة إلى الحوار والتروي، ونقل المكتب الرئاسي الألماني عن غل قوله إن لكل مواطن الحق في الاحتجاج السلمي. وأعرب الرئيس الألماني عن أمله في أن تجري الأمة التركية «حوارا داخليا سلميا»، مشيرا إلى أن ظهور مجتمع مدني في تركيا يعد من الأمور المشجعة.

من جهته قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أمس إن الحكومة التركية تبعث بإشارات خاطئة في الداخل والخارج من خلال رد فعلها على الاحتجاجات، ووصف الصور الواردة من ميدان تقسيم بوسط إسطنبول بأنها «مقلقة»، حسبما نقلت «رويترز».

وقال فسترفيلي في بيان: «نتوقع من رئيس الوزراء أردوغان تخفيف حدة الموقف بروح القيم الأوروبية والسعي إلى حوار سلمي».

من جهتها صرحت وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو أمس بأن المظاهرات في تركيا تمثل «الاختبار الجدي الأول» لانضمام هذا البلد إلى الاتحاد الأوروبي، منتقدة «استخداما غير متكافئ للقوة» في إسطنبول.

وقالت بونينو أمام النواب الإيطاليين إن «الحكومة التركية تجتاز امتحان النضوج (الديمقراطي) في الساحات والشوارع. وهذا على الأرجح الاختبار الجدي الأول للتعامل الديمقراطي في تركيا ولعملية انضمامها إلى أوروبا». وأضافت: «كان البعض يعتقد أن تركيا اجتازت هذا الامتحان بسبب حيويتها الاقتصادية، لكنها تحتاج في الواقع إلى القيام بمزيد من الخطوات». ودعت إلى «البدء بحوار» بين السلطة والمتظاهرين.

وذكرت بونينو أن إيطاليا دائما ما دعمت دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن «العنصر الديمقراطي لا يتلاشى مع انتخابات حرة». وأضافت وزيرة الخارجية الإيطالية: «على تركيا أن تقرر هل تريد أن تصبح ديمقراطية ناضجة. والاستخدام غير المتكافئ للقوة وتوقيف 20 محاميا أمور غير مقبولة». وأوضحت الوزيرة الإيطالية أن «الحق في التظاهر بطريقة غير عنيفة هو إحدى الدعائم الأساسية للديمقراطية»، و«استخدام القوة مؤشر ضعف». واعتبرت بونينو أن «ساحة تقسيم ليست ميدان التحرير، والأتراك ليسوا عربا»، رافضة المقارنة بين «الربيع العربي» و«ربيع تركي» مفترض. وخلصت بونينو إلى القول إن المظاهرات في تركيا تذكر أكثر ما تذكر بالمظاهرات التي تجرى في كبرى المدن الغربية كحركة «احتلوا وول ستريت».

وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس إن «باريس تأمل في التهدئة وضبط النفس» في تركيا وتدعو إلى «الحوار» بين الحكومة التركية والمتظاهرين، موضحا أنه يخشى أن تكون السلطات تلعب ورقة «تدهور الوضع». وقال فابيوس لقناة «فرانس 2» التلفزيونية: «ندعو إلى التهدئة وضبط النفس»، موضحا أنه بحث الثلاثاء في اتصال هاتفي مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو الوضع في سوريا. وأضاف: «تحدثنا عن تركيا أيضا. أوضح لي وجهة نظره وعبرت له عن موقف فرنسا. نأمل في ضبط النفس والتهدئة والحل عبر الحوار، هناك وفي كل مكان آخر». وتابع ردا على سؤال: «يجب التوصل إلى تهدئة ديمقراطية وآمل أن يتم ذلك بسرعة»، لكنه اعترف بأن الحكومة التركية تلجأ إلى ورقة الحزم «وحتى تدهور الوضع». وأكد الوزير الفرنسي: «في الديمقراطية يجب التحاور. هذا ما طلبه الرئيس عبد الله غل وآمل أن نتوجه إليه».

وردا على سؤال عما إذا كانت تركيا تبتعد عن أوروبا، أجاب قائلا: «لا أعتقد، لكن من الصحيح أن هناك بعض الممارسات التي لا نريد أن نراها تتطور في أوروبا». وتابع أنه لا يمكن الحديث عن «ربيع تركي». وقال: «هذه ليست الظاهرة نفسها. أولا لأن تركيا تشهد تطورا اقتصاديا بينما لم تكن الدول العربية كذلك عند حدوث الربيع العربي، وثانيا أردوغان انتخب، والأمر لا ينطبق على (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك أو (الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين) بن علي».

وحثت الأمم المتحدة والحكومة الأميركية السلطات في تركيا مساء أول أمس الثلاثاء على احترام حق المحتجين في التجمع. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي كايتلين هايدن: «نحن قلقون من أي محاولة لمعاقبة أفراد يمارسون حقهم في حرية التعبير».