الأسد يسعى لفك «عزلته الدبلوماسية» باستقبال سياسيين «منبوذين» في أوروبا

في تكرار لتجربة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين

TT

يعاني الرئيس السوري بشار الأسد «عزلة دبلوماسية» فرضها أسلوب تعامله مع المطالبين بإصلاحات سياسية في بلاده، إذ خلفت العمليات العسكرية في عموم البلاد مقتل ما لا يقل عن 90 ألف سوري وتشريد نحو 6 ملايين، فضلا عن تدمير البنية التحية والنسيج الاجتماعي في معظم المدن السورية. وباستثناء زيارة بعض الوفود العربية وبعض الشخصيات الغربية، لم يزر العاصمة السورية دبلوماسيون رفيعو المستوى منذ اندلاع الثورة السورية في 15 مارس (آذار) 2011.

وسعيا لكسر هذه «العزلة الدبلوماسية» استقبلت دمشق أول من أمس، وبدعوة شخصية من الأسد، كلا من النائب في البرلمان الأوروبي وزعيم الحزب القومي البريطاني نيك غريفن، وزعيم حزب فلامز بيلانغ (المصالح الفلمنكية) البلجيكي المتشدد فيليب ديوينتر. وأقل ما يوصف به كلا الرجلين في بلدهما هو أنهما «منبوذان» سياسيا.

وتأتي زيارة غريفن إلى دمشق بعد أيام من «ثنائه» على حزب الله وأدائه في سوريا، ونقلت صحيفة «التايمز» اللندنية في عددها الصادر أمس عن غريفن قوله: إن «الجناح العسكري لحزب الله، والذي تسعى الحكومة البريطانية لتصنيفه كمنظمة إرهابية، قد قامت بأداء أفضل من الشرطة البريطانية فيما يخص التعاطي مع الجهاديين قاطعي الحناجر في سوريا». ويعرف عن غريفن في أوساط الجالية المسلمة في بريطانيا بأنه الرجل الذي يصف الإسلام بـ«دين الأشرار» وقد كان من بين قادة مظاهرة «متحدون ضد الإسلام» في وليتش بلندن، والتي أعقبت مقتل جندي بريطاني في ذات الحي.

من جانبه، قال ديونتر، الذي يزرو سوريا مع زميله في الحزب البرلماني فرانك كريلمان، للإذاعة البلجيكية «راديو 1» إنهما لا يؤيدان نظام الأسد وإنما جاءا إلى سوريا للحصول على المعلومات والتعرف على الأوضاع على أرض الواقع. وأضاف ديونتر أنه لا يثق في كل التقارير الإعلامية الأوروبية حول ما يحدث في سوريا، ولمح زعيم الحزب اليميني البلجيكي في تصريحات لوسائل إعلام في بروكسل، أن الحرب في سوريا يتم تصديرها إلى أوروبا بسبب السياسات المتراخية لحكومات الدول الأوروبية، وحذر ديونتر مما يعرفون باسم الجهاديين البلجيكيين، الذين يقاتلون الآن إلى جانب الثوار ضد النظام السوري، وأضاف أن الحكومة السورية أبلغته بأنها اعتقلت عددا منهم وأنه سيتم محاكمتهم أولا في سوريا قبل إعادتهم إلى بلادهم.

ويرى كثيرون أن ما يقوم به الرئيس السوري هو «إعادة إنتاج» لما كان يقوم به الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين حين كان يستقبل «أصدقاءه» السياسيين «مثيري الجدل» كرئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير فولفوفيتش جيرينوفسكي، أو الزعيم النمساوي اليميني المتطرف يورج هايدر، أو رئيس الجبهة الوطنية الفرنسية المتطرف جان ماري لوبان. فمعروف عن جيرينوفسكي، روسي الجنسية، مثلا تصرفاته الصبيانية والتهريج، إذ ألقى بكوب من العصير في وجه منافسه بوريس نيمتسوف واشتبك معه بالأيدي في إحدى المناظرات التلفزيونية في التسعينات. وبلغ به الأمر إلى حد جذب سيدة عضو في مجلس الدوما من شعرها وطرحها أرضا في إطار شجار داخل قاعة المجلس. لكنه رغم ذلك لا يخفي إعجابه بشخصيات هتلر وصدام حسين، وهو من المطالبين بالتوسع العسكري والجغرافي، حتى لو كلف الأمر استخدام القوة النووية، وقد أبدى استعداده للدفاع عن الرئيس العراقي حين تم اعتقاله إبان الغزو الأميركي للعراق عام 2003.