رئيس «الدستوري» اللبناني: غيابهم ذريعة للتعطيل.. ولا ظرف استثنائيا يمنع إجراء الانتخابات

عدم اكتمال النصاب القانوني يؤجل مناقشة «طعن التمديد»

TT

تعذر التئام المجلس الدستوري في لبنان أمس، لليوم الثاني على التوالي، بسبب تكرار غياب أعضائه الثلاثة، المحسوبين على رئيس المجلس النيابي نبيه بري (شيعيين) ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط (درزي). ولم يتمكن المجلس، نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني (8 أعضاء من أصل 10) من عقد جلسته لمناقشة الطعن المقدم من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، في حين أبقى رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان اجتماعات المجلس مفتوحة، على أن يعاود الاجتماع الثلاثاء المقبل.

ولاقى تعذر انعقاد المجلس، الذي يعد هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية تتولى مراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات، استياء القوى السياسية الداعية إلى إجراء الانتخابات، فيما اعتصم عدد من الناشطين أمام مقر المجلس الدستوري، ورفعوا صورة عملاقة تضم أعضاء البرلمان اللبناني، تم رشقها بالبندورة. وحمل المعتصمون لافتات عدة، كتب على إحداها: «اطعنوا بالتمديد، ما تطعنوا بالضهر».

وحذر رئيس المجلس الدستوري أمس من أنه «سيعتبر يوم الخميس المقبل، آخر مهلة لإصدار القرار إذا لم يكتمل النصاب لعقد الجلسة، إلى وضع محضر الجلسة بتفاصيلها ووقائعها كافة، وسيرفعه إلى رؤساء والمجلس النيابي والحكومة ويوزعه على وسائل الإعلام ليكون الرأي العام على بينة من الأمور والاطلاع على حقيقة ما جرى وليتحمل كل شخص مسؤولياته»، مؤكدا «عدم رضوخه لأي ضغط أو محاولة تشويه صورة المجلس الدستوري عموما أو أي من أعضائه الذين يشهد التاريخ لسيرتهم».

وفي حين التزام جنبلاط الصمت أمس، مكتفيا بإصدار تصريح حول «الملفات العالقة يطرح الكثير من علامات الاستفهام»، برز موقف لافت لبري، نقله عنه عدد من النواب الذين التقوه في لقاء الأربعاء الأسبوعي. فاعتبر أن «موقف الأعضاء الثلاثة في المجلس الذين تغيبوا عن الجلسة، ينطلق من الحرص والتزام القانون والدستور، درءا لوقوع الفتنة»، مشيرا إلى أن «المجلس الدستوري عقد 3 جلسات في محاولة لتصويب مسار عمله، إلا أنها أخفقت».

وحذر بري، بحسب النواب، من «محاولات السلطة التنفيذية وضع يدها على السلطة التشريعية »، لافتين إلى أن «أكثر ما يثير قلقه في هذه الأيام خشيته من أن تكون الانتخابات التي يسعى إليها البعض طريقا للفتنة».

ومن شأن تعذر انعقاد المجلس الدستوري واتخاذ قرار في الطعنين المقدمين إليه أن يضع مصداقيته وشرعيته على المحك، باعتبار أنه الهيئة القضائية الأعلى، التي يفترض أن تكون مرجع القوى السياسية كافة، وتكون عصية على الضغوط السياسية. وكان الرئيس اللبناني، بعد دقائق على تقديمه الطعن إلى المجلس الدستوري، قد دعا القوى السياسية إلى أن تسمع لأعضاء المجلس الدستوري بأن يكونوا «ناكري الجميل» لمن عينهم.

وأوضح رئيس المجلس الدستوري أمس أن الأعضاء الثلاثة الذين تغيبوا وهم كل من أحمد تقي الدين، محمد بسام مرتضى وسهيل عبد الصمد قدموا ورقة تضمنت ما حرفيته طلب عقد اجتماع بقادة الأجهزة الأمنية لمعرفة ما إذا كان من ظروف استثنائية تحول دون إجراء الانتخابات أم لا؟». وقال سليمان، وفق ما نقلته عنه وكالة الأنباء المركزية الخاصة في لبنان: «قدمنا للأعضاء الثلاثة ردا واضحا تضمن إشارة إلى أن المجلس الدستوري لا يجري تحقيقات، وعندما ينظر في دستورية قانون يستند إلى وقائع، إما الوقائع الأمنية أو الظروف الاستثنائية فيبت فيها إما المجلس الأعلى للدفاع أو مجلس الوزراء».

وأشار إلى أنه «لو أن الظروف القاهرة الحائلة دون إجراء الانتخابات متوافرة لكان المجلس الأعلى طلب إلى مجلس الوزراء إرجاء الانتخابات ولكان مجلس الوزراء أصدر قرارا بذلك، إلا أن الوقائع أمامنا اليوم تناقض هذا المسار». ورأى أنه «لا ظروف استثنائية تحول من دون إجراء الاستحقاق وهو ما استندنا إليه، وليس من واجب المجلس التحقيق في هذه الظروف غير المدرجة ضمن صلاحياته ومهامه». وأبدى أسفه «لعدم التقيد بسر المذاكرة الذي أقسمنا اليمين أمام المجلس الدستوري على احترامه».

وكانت انتقادات طالت رئيس المجلس لناحية أنه لا يحق له أن يعين نفسه مقررا لوضع تقرير أولي عن الطعن، يقدم إلى المجلس الدستوري لدراسته، وفق النظام الداخلي، إذ شدد النائب في كتلة بري علي خريس على أنه «لا يحق قانونيا لرئيس المجلس الدستوري أن يقرر، بل يجب أن يكون المقرر أحد أعضاء المجلس الدستوري»، مستنتجا أن «الجو القائم داخل المجلس الدستوري تشوبه الضغوط». لكن سليمان أكد «الحق المطلق في أن يكون رئيس المجلس مقررا»، وهو ما أكده أيضا وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، وهو عضو سابق في المجلس الدستوري، بقوله إن «رئيس المجلس هو عضو فيه من الناحية القانونية ويحق له أن يكون مقررا في بعض القوانين التي يراها».

وقال سليمان في معرض تبريره لقيامه بصلاحية المقرر إنه «نظرا لحراجة الملف وضيق الوقت والمهلة الزمنية الضاغطة في ضوء انتهاء ولاية المجلس في 20 الحالي ووجوب إصدار القرار قبل انتهاء الولاية أقله بخمسة أيام، أعددت التقرير انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقنا ونظرا لدقة الموضوع»، متهما الأعضاء الثلاثة بأنهم اتخذوا من هذه القضية «ذريعة للتغيب وتعطيل عمل المجلس، إذ كان في إمكانهم الحضور وتسجيل اعتراضهم خطيا متضمنا الحيثيات التي بنوا عليها المخالفة مع القرار لنشرها في الجريدة الرسمية».