«العدالة والتنمية» المغربي يقترح قانونا للمحكمة الدستورية

توسع الخلاف بين المعارضة والغالبية حول تأويل الدستور

TT

عرض الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية، على مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) مساء أول من أمس مقترح قانون تنظيمي خاص بالمحكمة الدستورية على لجنة العدل والتشريع بالمجلس، وذلك في سياق توسع الخلاف بين المعارضة والغالبية والحكومة بشكل غير مسبوق حول تأويل الدستور، وتلويح كل طرف باللجوء إلى المحكمة الدستورية للبت في هذه الخلافات.

وكان الدستور الجديد قد نص على إنشاء محكمة دستورية تعوض المجلس الدستوري الحالي، ووسع من اختصاصاتها وقيدها بآجال قانونية للبت في النزاعات المعروضة عليها، كما مكن المواطنين من حق اللجوء إلى المحكمة للدفع بعدم دستورية القوانين، بالإضافة إلى الاختصاصات الاستشارية الواسعة التي منحت للمحكمة. ومنحت المحكمة الدستورية كذلك مهمة الفصل في تنازع الاختصاص بين السلطات العامة، والبت في مخالفة الاتفاقيات الدولية للدستور.

وحول أهمية دور المحكمة الدستورية في المرحلة الحالية، قالت النائبة آمنة ماء العينين، من حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن «تقديم مقترح القانون جاء من أجل التسريع بإخراج هذه الهيئة وفق مقتضيات الدستور الجديد، لأنه ما زلنا نعمل وفق التركيبة والاختصاصات القديمة للمجلس الدستوري».

وأشارت ماء العينين إلى أنه في «سياق ترسيخ البناء الديمقراطي في البلاد بعد الحراك الشعبي، ستناط بالمحكمة الدستورية أدوار مهمة جدا، لأنها تظل المؤسسة الوحيدة التي ستحرص على أن تطبق مقتضيات الدستور كلها، وأن تلعب دور الحكم الحقيقي بين المؤسسات في حال لجأت إليها للطعن في دستورية الإجراءات التي اتخذتها هذه المؤسسة أو تلك». وأضافت أن «دور المحكمة سيتعاظم لأن الدستور يفرض أن تمر القوانين التنظيمية عبرها بالضرورة، وعددها كبير جدا».

وأوضحت ماء العينين أنه من بين القوانين المهمة التي ستحال على المحكمة الدستورية النظام الداخلي لمجلس النواب، مشيرة إلى أن المحكمة كانت قد حكمت بعدم دستورية بعض المواد التي تضمنها النظام الداخلي المعدل جزئيا، والذي أحيل عليها قبل عام.

وقالت إن دور المحكمة الدستورية أصبح حاضرا بقوة في المشهد السياسي الحالي، فالمعارضة والغالبية ستلجآن معا للمحكمة الدستورية للبت في الخلاف القائم بينهما بشأن الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة، فنحن في حاجة، تضيف ماء العينين، إلى مؤسسة تقف على مسافة واحدة مع جميع الفاعلين السياسيين، وهمها الأساسي هو التنزيل الحقيقي للدستور، مشيرة إلى أن الشخصيات التي يفترض أن تعين بالمحكمة الدستورية، وعلى غرار الدول المتقدمة، يجب أن تكون شخصيات وازنة، ولها خبرة كبيرة وتجربة وتتمتع بالحياد والاستقلالية، من أجل ضمان استمرار البناء الديمقراطي في البلاد.

وينص الدستور الجديد على أن المحكمة الدستورية تتألف من 12 عضوا، يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد، ستة أعضاء يعينهم الملك، من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، وستة أعضاء ينتخب نصفهم من قبل مجلس النواب، وينتخب النصف الآخر من قبل مجلس المستشارين من بين المترشحين الذين يقدمهم مكتب كل مجلس، وذلك بعد التصويت بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس. ويعين الملك رئيس المحكمة الدستورية من بين الأعضاء الذين تتألف منهم.

ويختار أعضاء المحكمة الدستورية، طبقا للدستور من بين الشخصيات الحاصلة على تكوين عال في مجال القانون، وعلى كفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، والذين مارسوا مهنتهم لمدة تفوق 15 سنة، والمشهود لهم بالتجرد والنزاهة.

ويحدد القانون التنظيمي أيضا المهام التي لا يجوز الجمع بينها وبين عضوية المحكمة الدستورية، خصوصا ما يتعلق منها بالمهن الحرة.

وفي هذا السياق، أشار القانون المقترح من قبل الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية إلى أنه لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وعضوية الحكومة أو البرلمان بمجلسيه، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والبيئي، كما لا يجوز لعضو المحكمة الدستورية أن يزاول أي وظيفة عامة أو إحدى المهن الحرة، أو مهمة عامة انتخابية.