مثقفون مصريون يتحدون حكومة الإسلاميين.. ويبحثون تسمية وزير جديد للثقافة

فنانو المسرح بالإسكندرية أعلنوا الاعتصام تضامنا مع احتجاجات القاهرة

TT

تحدى قطاع كبير من المثقفين والمبدعين المصريين الحكومة، التي يهيمن عليها الإسلاميون، وقرروا أمس بحث تسمية وزير جديد للثقافة في اجتماع للجان المجلس الأعلى للثقافة يوم الأحد المقبل، بدلا من الوزير الحالي الذي ينتمي لحزب متشدد دينيا وتم تعيينه أخيرا، وتزامن تنصيبه مع دعاوى من نواب إسلاميين لتحريم فن الباليه وتقليص ميزانية الأوبرا.

وتصاعدت أزمة وزير الثقافة المصري الجديد، علاء عبد العزيز، مع جموع المثقفين والكتاب والفنانين والشعراء المعتصمين بمقر الوزارة لليوم الثامن على التوالي.. فبعد فشل محاولة قام بها عشرات من أنصار الوزير من جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية لفض اعتصام المثقفين بالقوة ليلة أول من أمس، أعلن فنانو المسرح بالإسكندرية عن اتخاذ إجراءات تصعيدية، والبدء في اعتصام مفتوح لحين رحيل وزير الثقافة، معلنين تضامنهم مع اعتصام المثقفين بالقاهرة. وفي المقابل، يقول الوزير إنه يسعى «لتطهير الوزارة من الفساد».

وحدد فنانو الإسكندرية في بيان لهم حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه 6 مطالب، وهى: إسقاط وزير الثقافة الحالي، واعتبار كل قراراته كأن لم تكن، والاحتشاد داخل وخارج المواقع الثقافية والفنية التابعة لوزارة الثقافة بالإسكندرية، وتقديم فعاليات فنية وثقافية بشكل يومي داخل وخارج المواقع الثقافية، على أن يشارك فيها كل الفنانين من جميع الأطياف والتوجهات، و«ذلك فيما اتفقنا على تسميته (مهرجان الرفض)، وتنظيم اعتصام مفتوح بمسرح (بيرم التونسي) بدءا من 15 يونيو (حزيران) الحالي، وحتى رحيل الوزير، ورفض كل المفاوضات التي من الممكن أن تجرى من قبل السلطة، فلا بديل عن مطلبنا الأساسي، ودعوة الموظفين والعاملين بوزارة الثقافة بالإسكندرية للانضمام إلينا».

ووقع على البيان جماعة «مسرحيون سكندريون»، و«استوديو المدينة للفنون الأدائية والرقمية»، و«جماعة تمرد للفنون»، و«مؤسسة انعكاس»، و«اسكندريا للثقافات والفنون»، و«فرقة رؤية المسرحية»، و«مجموعة زوايا للفنون»، و«فرقة حوار للفنون الأدائية»، و«زن للفنون الأدائية»، و«فرقة صرخة المسرحية»، و«المهرج للفنون»، و«فريق كلية تجارة للفنون المسرحية».

وأثار موقف المثقفين المعتصمين في التعامل بجسارة مع محاولة فض الاعتصام بالقوة من قبل أنصار الوزير و«دحرهم»، غضب الكثير من الكتاب والفنانين، واعتبروا ما قام به أنصار الوزير الذي ينتمي لحزب ذي توجه إسلامي متشدد، أسلوبا همجيا ورجعيا، كما دفع الكثير من الفنانين والإعلاميين والسياسيين المعارضين إلى زيارة المثقفين في مقر الاعتصام، وإعلان دعمهم لهم، والمشاركة في الفعاليات الفنية التي تقام مساء كل ليلة على مسرح الشارع أمام مقر الوزارة.

من جهته، اعتبر الناشط السياسي الدكتور عمار علي حسن، أن ما فعله وزير الثقافة وأنصاره «مراهقة سياسية وطفولة في إدارة الأزمات». وأكد حسن على أن هذا المسلك «يعد نوعا من المراهقة السياسية، كما أنه يشير إلى الإفلاس وفقر الخيال».

وأكد الشاعر زين العابدين فؤاد، أحد منسقي الاعتصام، متحديا، أن «المسألة بالنسبة لنا ليست مجرد شخص عديم الثقافة أصبح مسؤولا عن الثقافة.. نحن ندافع عن الهوية الثقافية المصرية التي تهان في مجلس الشورى وعلى يد هذا الوزير»، و«يعتبر فن الباليه عريا ودعارة». وتابع: «أول من أمس قدمنا الباليه في الشارع للناس، ويوميا سنقدم الفنون للشارع وسنظل في الشارع حتى تتحقق أهداف الثورة»، مضيفا أن التصعيد الأمثل لردود فعل وزير الثقافة على اعتصامهم هو الاستمرار في الاعتصام وتقديم الفنون في الشارع حتى يستعيد المثقف كل الأمور في يديه.

وقال الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، الذي قدم استقالته من مجلس إدارة «بيت الشعر» اعتراضا على ما يحدث للثقافة المصرية، إن «وزير الثقافة بتصرفاته المزعجة والمرتبكة تجعلنا نقلق على مستقبل الثقافة في مصر من حكم الإخوان المسلمين».

وفي خطوة تصعيدية أخرى مهمة ضد وزير الثقافة، قررت لجان المجلس الأعلى للثقافة، أعلى جهة ثقافية في البلاد، وعددها 26 لجنة متخصصة في شتى مجالات الأدب والفن والعلم، عقد اجتماع يحضره أعضاء اللجان (نحو 500 عضو) ظهر الأحد المقبل بالمسرح الصغير بدار الأوبرا، تحت عنوان «الجمعية العمومية لمثقفي مصر». وقال الشاعر سماح عبد الله الأنور، أحد منسقي الاجتماع، إن الاجتماع يقوده المخرج محمد كامل القليوبي مقرر لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، وإنه سيصدر بيانا موحدا يعلن فيه التضامن مع المثقفين المعتصمين بوزارة الثقافة والمطالبة بإقالة الوزير، والقيام بمسيرة من المسرح الصغير حتى مقر الوزارة.

وأضاف الأنور أن الكاتب المسرحي أبو العلا السلاموني سيقدم اقتراحا إلى الاجتماع بتسمية وزير جديد للثقافة من بين أعضاء اللجان، وأيضا تسمية أمين عام للمجلس الأعلى للثقافة خلفا للدكتور سعيد توفيق الأمين السابق، الذي قدم استقالته احتجاجا على سياسة وزير الثقافة. ولفت الأنور إلى أن هذا الاقتراح يلقي صدى إيجابيا حتى الآن من عدد كبير من أعضاء اللجان.

وعلى صعيد متصل، أكد مصدر قضائي بالنيابة العامة أن المكتب الفني للنائب العام المستشار طلعت عبد الله، بدأ فحص ودراسة البلاغ المقدم من الباحث حامد صديق، ضد 31 شخصية من الأدباء والمثقفين والفنانين والسياسيين، وطالب بمحاكمتهم جميعا بتهم تكدير الأمن العام وتعطيل العمل في الدولة، وذلك باحتلال مكتب وزير الثقافة.

وشمل البلاغ كلا من: الكاتبة سكينة فؤاد، والأدباء بهاء طاهر وسيد حجاب وصنع الله إبراهيم وفتحية العسال وسعد القرش ويوسف القعيد والناشر محمد هاشم، والفنانون خالد يوسف ونبيل الحلفاوي وجلال الشرقاوي ومحمد العدل ومحمود قابيل وسهير المرشدي وحنان مطاوع وسامح الصريطي وأحمد ماهر وناصر عبد المنعم، والفنانين التشكيليين أحمد نوار ومحمد عبلة، والسياسيين علاء عبد المنعم ومصطفى الجندي وجورج إسحق ومايكل منير، وإيناس عبد الدايم رئيسة الأوبرا المقالة، وأحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب المقال، والناقد عز الدين نجيب، والشاعر شعبان يوسف، والكاتبة هويدا صالح، والدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون، والكاتبة سلوى بكر.